الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

دراسة حكومية: إنتاج القطاع الزراعي يتراجع 31 بالمئة فقط..وأضراره تبلغ 868 مليار ليرة

 

الاقتصاد اليوم:

تمخض الاهتمام الحكومي بالقطاع الزراعي عن جهد يحسب لمديرية دعم القرار التابعة للأمانة العامة في رئاسة مجلس الوزراء، إذ خلصت المديرية بتقريرها حول “الواقع الراهن لقطاع الزراعة والري، وأولويات مواجهة تداعيات الأزمة” لبيانات مدعمة بأرقام إحصائية يستفاد منها لمعالجة ما أصاب هذا القطاع من ارتكاسات خلال سنوات الأزمة. ولم تقتصر الدراسة على تشخيص الواقع الصعب الذي يعاني منه هذا القطاع بسبب مفرزات الأزمة، بل قدمت جملة من المقترحات الهامة لإعادة النهوض بهذا القطاع وما يمثله من حامل أساسي للأمن الغذائي. دون أن تغفل استمرار تواجد مختلف المنتجات الزراعية التي كانت تنتج قبل الأزمة، وإن لم يكن بنفس الوتيرة، إضافة لاستمرار تصدير فائض العديد من السلع الزراعية. واعتبر معدو الدراسة أن ذلك يعود بالدرجة الأولى لصلابة المزارع السوري، كما ويحسب للحكومة استمرارها بتقديم المساعدة للمزارعين رغم قساوة الظروف، وتحديداً تلك المتعلقة بمستلزمات الإنتاج، وتقديم الدعم المادي للتعويض قدر الإمكان عن الأضرار التي تلحق بمحاصيلهم جراء الظروف المناخية، وجدولة القروض الزراعية وغيرها.

أضرار

وبحسب الدراسة فقد بلغ إجمالي القيمة التقديرية للأضرار المباشرة التي لحقت بقطاع الزراعة “أضرار البنية التحتية” والأضرار غير المباشرة “خسائر فوات المنفعة” خلال سنوات الأزمة 2013– 2016 حوالي 868.6 مليار ل.س بأسعار صرف الليرة السورية ما قبل الأزمة وهو ما يعادل 36.7% من المتوسط السنوي للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 2010 “مع الإشارة هنا إلى أنه لم يتم اعتبار عامي 2011 و2012 من سنوات الأزمة بالنسبة للقطاع الزراعي عند حساب قيمة الأضرار، حيث لم يظهر تأثير الأزمة على مكونات الإنتاج والناتج الزراعي حتى عام 2013”. وبيّنت الدراسة أنه لم يؤخذ بالحسبان ما لحق بالقطاع الخاص من أضرار مباشرة لعدم توفر بيانات كافية، ما يعني أن الأضرار الإجمالية لهذا القطاع أعلى بكثير من البيانات التقديرية المشار إليها أعلاه.

أما قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بقطاع الري فقد بلغت بحسب تقديرات وزارة الموارد المائية خلال 2011– 2015 حوالي 58.1 مليار ليرة بأسعار صرف ما قبل الأزمة.

أعلى قيمة

وسجلت أضرار مديريات الزراعة في المحافظات أعلى قيمة للأضرار التي لحقت بالجهات العامة التابعة لوزارة الزراعة بنسبة بلغت حوالي 24% من إجمالي قيمة أضرار الوزارة، تلتها مديرية الحراج بنسبة شكلت حوالي 23.7%، فالمؤسسة العامة لإكثار البذار بنسبة بلغت حوالي 20%، أما أعلى قيمة للأضرار حسب طبيعة الضرر كانت في المواد المنتجة- التي تسهم بتوليد قيمة مضافة كالأبقار والدواجن والبذار– بنسبة حوالي 47.8%، تلتها الأضرار في المباني بنسبة حوالي 25.7% من إجمالي أضرار الوزارة.
وبلغ إجمالي الأضرار غير المباشرة نتيجة الخسائر الناجمة عن تراجع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 2010 بقطاع الزراعة خلال 2013– 2016 حوالي 775 مليار ليرة بأسعار صرف ما قبل الأزمة، أما الخسائر غير المباشرة بقطاع الري فقد بلغت حوالي 50.4 ملياراً خلال 2011– 2015 حسب تقديرات وزارة الموارد المائية.

تراجع

وعرضت الدراسة أداء قطاع الزراعة والري خلال سنوات الأزمة، وبيّنت تراجع المتوسط السنوي للناتج المحلي الزراعي بالأسعار الثابتة لعام 2010 خلال فترة الأزمة 2013– 2015 بنسبة 31.8% مقارنة بالمتوسط السنوي لفترة ما قبل الأزمة، وذلك نتيجة تداعيات الأزمة. وأشارت الدراسة إلى ازدياد المتوسط السنوي لنسبة مساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 26% خلال 2010– 2012 إلى 27% خلال 2013 – 2015، بنسبة زيادة بلغت حوالي 5.1%، كما ارتفعت نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 2010 من 22% عام 2008 إلى 27% عام 2015، ما يعني أن قطاع الزراعة بالرغم من تأثره سلباً بتداعيات الأزمة، إلا أنه حافظ على أداء أفضل مقارنة ببعض قطاعات الاقتصاد السوري الأخرى. وبلغ إجمالي الموارد المائية المتاحة بعد التبخر حسب بيانات وزارة الموارد المائية في عام 2015 حوالي 16 مليار م3، منها 11 ملياراً استهلاك للري الزراعي، ما شكل نسبة 68% من إجمالي المتاح المائي. وسجلت الموازنة المائية فائضاً بلغ حوالي 3433 مليون م3 في عام 2015، وهي تعد أعلى قيمة له خلال الفترة 2010– 2015، مقابل عجز مائي قدر بحوالي 2913 مليون م3 في عام 2014، ويعود ذلك إلى زيادة إجمالي الموارد المائية المتاحة بعد التبخر وتراجع إجمالي الاستهلاكات في عام 2015.

رصد المتغيرات

وخلصت الدراسة إلى جملة من الاقتراحات الكفيلة بإعادة الألق لهذا القطاع، أبرزها تطوير القدرات الإحصائية المتعلقة بمؤشرات القطاع الزراعي، بما يمكن من الحصول على البيانات الموثوقة في الوقت المناسب، باعتبار أن ذلك يعد أساساً لا غنى عنه لضمان صناعة القرارات على وجه سليم وتحقيقها لأهدافها، ما يتطلب إعادة النظر بالآلية الحالية غير الفاعلة، التي يتم من خلالها الحصول على البيانات، والعمل على بناء مراصد إحصائية تمتلك المؤهلات والإمكانات لإنتاج البيانات الإحصائية ورصد المتغيرات وإحصاء الأضرار التي لحقت بهذا القطاع، ويمكن في هذا الإطار الاستفادة من العاملين في الوحدات الإرشادية التي تنتشر في مختلف أرجاء الريف السوري. إضافة إلى تطوير آلية فعالة للدعم الزراعي ليشمل أكبر عدد من المحاصيل الزراعية، وإعادة النظر بسياسات رفع الدعم عن القطاع الزراعي التي أقرت في مرحلة ما قبل الأزمة، وفقاً للإمكانات المتاحة مستقبلاً، وإعطاء الأولوية في الدعم للمزارعين في المناطق التي يسهل الوصول إليها نسبياً وفي المناطق الآمنة بما يسهم باستمرار دوران عجلة الإنتاج الزراعي وزيادته، كما يساعد على تحسين الظروف المعيشية للمزارعين، وبالتالي تحسين أحوال المجتمعات الريفية.

تشجيع

كما اقترحت الدراسة تشجيع الممارسات الزراعية الجديدة كدعم الزراعة العضوية والزراعة المائية، والترويج لها من خلال منح حوافز وتسهيلات مناسبة للمزارعين ونشر الوعي حول أهميتها باعتبارها صديقة للبيئة، والعمل على تقوية القدرات والخبرات الوطنية في هذا المجال، حيث يعد هذا النوع من الزراعات مجدياً اقتصادياً ويحقق عادة أرباحاً أعلى مقارنة بالزراعة التقليدية نتيجة ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات الكيميائية، ولارتفاع الطلب العالمي على هذا المنتج على الرغم من ارتفاع سعره مقارنة بالمنتج التقليدي. إضافة إلى زيادة الاستثمار في القطاع الزراعي وتقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال لعب المزارعين دوراً في استراتيجية زيادة الاستثمار في هذا القطاع، وتكثيف جهود القطاع العام على تهيئة المناخ المناسب لهم للاستثمار في قطاع الزراعة، وهنا يأتي دور الحكومة في بناء المؤسسات والقدرات البشرية، وإيجاد البيئة القانونية التي تمكن صغار المزارعين من الاستجابة لفرص السوق، الأمر الذي يعد من الاستراتيجيات الفعالة للحد من الفقر والجوع وتعزيز الاستدامة.

تقييم

ولم تغفل الدراسة الثروة الحيوانية إذ اقترحت تقييم احتياجات هذا القطاع بهدف معالجة الواقع الذي آلت إليه أحواله، من أجل ضمان استعادة هذا القطاع لدوره الحيوي والهام، والذي يعد أسرع القطاعات نمواً في الاقتصاد الزراعي، من خلال إعداد سياسات تشجيع المربين على العودة إلى ممارسة أنشطتهم، وتأمين مستلزمات الإنتاج الحيواني بأسعار مناسبة وفي الوقت المناسب، والعمل على توفير قاعدة علفية تعتمد على تحسين استخدام المخلفات الزراعية والتوسع بزراعة الأعلاف الخضراء بهدف توفير مخزون استراتيجي من الأعلاف، وتكثيف جهود مراكز الأبحاث المختصة لتطوير وتحسين إنتاجية الوحدة الحيوانية.

البعث

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك