الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

دراسة عن الفساد: 5 بالمئة من الفاسدين يستحوذون على 80 بالمئة من الفساد الكلي

الاقتصاد اليوم:

يتحدث البعض عن مئات الملايين من الليرات السورية تضيع على الخزينة العامة للدولة سنويا نتيجة الفساد، والبعض الآخر يتحدث عن مليارات تذهب سدى بغطاء قانوني يضمن عدم المحاسبة لاحقا، والبعض الآخر لا يستطيع حصر الرقم معتبرا أنه يفوق الخيال محملا الأجهزة الرقابية مسؤولية عدم المتابعة والمحاسبة، الأمر الذي جعل كرة المليارات تكبر شيئا فشيئا..!.

وفي هذا السياق يصف أحد خبراء الاقتصاد الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بـ "العجوز" لاعتبارات تعود حسب رأيه إلى تدني مستوى فاعليتها الرقابية على مفاصلنا الحكومية، مستدلاً باستشراء الفساد على جميع المستويات والصعد، مشيراً  إلى أن الأمر وصل ببعض مؤسساتنا وإداراتنا لتتمادى بغيِّها وتصول وتجول بتجاوزاتها القانونية والإدارية دون حسيب أو رقيب، فأرقام إحدى الدراسات تشير إلى أن 5% من الفاسدين في سورية يستحوذون على 80% من حجم الفساد الكلي، وأن زيادة الدخل الوطني في سورية تمركزت بيد 5% من المواطنين فقط، وأنه كلما ازداد المستوى الاقتصادي للدولة انخفض المستوى العام للفساد، وأوضحت الدراسة أن مؤشر الفساد الكلي بسورية كان عند /2.24/ نقطة، ولا تسبقها عربياً إلا الصومال /0.7/ نقطة، والسودان /1.8/ نقطة، العراق /1.69/ نقطة.

وحول طبيعة الفاسدين والفساد بسورية بينت الدراسة أن هناك الفاسدين بسبب الأجر، وهم يعتبرون فاسدين صغاراً، على الرغم من أنهم يشكلون عددياً نحو /95%/ من عدد الفاسدين الكلي، إلا أن حجم فسادهم لا يتجاوز في أحسن الأحوال /20%/ من حجم الفساد الكلي، بينما يستحوذ الفساد الكبير على /80%/ من حجم الفساد الكلي، وهم لا يشكلون سوى/5%/ من عدد الفاسدين الكلي، لكن الخطورة - ورغم ذلك - ليست بفساد /5%/ وإنما بفساد /95%/، لأن هؤلاء عمموا ثقافة الفساد، ولم يعد ينظر للرشوة على أنها قضية سيئة، وإنما باتت شطارة.

من يطلع على هذه الأرقام ينتابه شعوراً –هذا إن لم يدرك- أن أجهزتنا الرقابية وعلى رأسها الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، غائبة –بالعموم- عن المشهد الحكومي وحيثياته، أو أنها -أقل تقدير- غير مفعلة كما يجب، وهنا نتساءل: كون الهيئة مسؤولة –حسب قانون إحداثها- عن مكافحة الفساد بأشكاله كافة، فلماذا إذاً تعاظمت أرقام ومؤشرات الفساد؟ وهل توجد جهة مخولة لمحاسبتها أو على الأقل محاسبة المقصرين والمخترقين فيها؟ أم أن استقلاليتها تحول دون ذلك ما حدى بذوي النفوس الضعيفة استغلال هذا الأمر لتمرير صفقات مشبوهة من فوق وتحت الطاولة؟

معاون أحد الوزراء وجد في تساؤلنا هذا نوعاً من الاتهام المبطن لمفتشي الهيئة، لأن الهيئة لم تُحدَثْ من أجل مكافحة الفساد فقط الذي يعتبر أحد مهامها، وإنما من أجل القيام برقابة قانونية واقتصادية فعالة على الأداء الحكومي ومحاسبة الأخطاء والانحرافات في الأمور المالية، وتطوير العمل الإداري ورفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، وتطوير المرافق العامة، إلى جانب حماية المال العام التي هي بالأساس للجهاز المركزي للرقابة المالية، مؤكداً أن  واقع الحال يبين أن الهيئة لم تقم بواجباتها المنصوص عليها في قانون إحداثها بالصورة المطلوبة، ولم تكن ناجحة في مكافحة الفساد، وذلك لأسباب تتعلق بآليات عملها وارتباطها برئيس مجلس الوزراء وطبيعة تكوين موظفيها ذو المستوى المتدني من التدريب والتأهيل والثقافة الرقابية.

 والأهم من ذلك أن الهيئة تركت كل أهدافها الإدارية واتجهت نحو الرقابة المالية الموكلة بالأصل للجهاز المركزي للرقابة المالية، ورغم ذلك لم تستطع تحقيق الغاية المرجوة من هذه الرقابة، فكل هذه الأمور مجتمعة حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة من عمل الهيئة، وليس فساد مفتشيها فقط، مع الإشارة إلى أن موظفيها كسائر موظفي أية جهة حكومية منهم الجيد، ومنهم الفاسد، وكذلك الأمر بالنسبة للجهاز المركزي للرقابة المالية، موضحاً وجود فوضى تكتنف العملية الرقابية في سورية نتيجة تداخل اختصاصات الجهازين، فكل منهما يحاسب ويفتش ويحيل إلى القضاء، ورغم هذا نجد تفشياً واضحاً للفساد في إداراتنا الحكومية.

يمكننا إدراك تقصير الهيئة في أداء عملها من خلال إحجامها عن نشر تقارير دورية توضح بها مستوى أدائها السنوي، ما يعني أن هناك تخوف ما لديها يحول دون أن تكون هذه التقارير متاحة لمن يود الاطلاع عليها، وإلا لما تتحفظ عليها "هذا إن وجدت بالأصل" حيث أكد لنا أحد الباحثين الأكاديميين أنه لم يتمكن من الاطلاع على هذه التقارير لإغناء بحث كان قد أعده حول عمل وأداء الأجهزة الرقابية إلا بعد معاناة كبيرة وبمساعدة عدد من معارفه الذين أمدوه بغيض منها، حيث يمكن تقييم عمل الهيئة من خلال هذه التقارير التي تتضمن نتائج

 أعماله الرقابية على مدار عام كامل، وذلك عبر تشخيص أداء المؤسسات والوزارات وجميع مفاصل الحكومية، وبالتالي تعكس هذه التقارير حقيقة عمل الهيئة وإنجازاتها، وبناءً عليه يمكن اكتشاف الأخطاء والتجاوزات وتقويم سيرورة عمل إداراتنا الحكومية، فالتقرير بمثابة البوصلة التي تحدد مسار القرارات الحكومية.

المصدر: صاحبة الجلالة

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك