الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

دراسة: الثروة البقرية في سورية تنخفض بنحو 60بالئمة..ومقترحات لتنميتها

الاقتصاد اليوم:

تبيّن أن ما لا يقل عن 85 % من مربي الأبقار (هم من أفقر الفقراء في سوريا )، وهم يمثّلون 80% من مجمل المربين في البلاد . ويتميزون بصغر حجم الحيازة من الأبقار، أي يملكون بين بقرة واحدة و10 أبقار فقط.هذا ما أكده المهندس عبد الرحمن قرنفلة الخبير في الإنتاج الحيواني في دراسة له، لافتا إلى أن القطاع الزراعي في سورية يحتل دورا هاما في الاقتصاد الوطني كونه يتحمل عبء تأمين زيادة إنتاجية و تحسين الإنتاج لتطوير نفسه.  كما يترتب عليه تأمين فائض يستعمل في تطوير القطاعات الأخرى وتنمية الصادرات الزراعية.  إضافة إلى توفير متطلبات الاستهلاك الغذائي لجميع المواطنين وتأمين التشغيل لأكثر من ثلث القوة العاملة في القطر.

وأضاف قرنفلة لـ”سينسيريا”: لم تقتصر تداعيات الأزمة السورية وتأثيرها المدمر على البشر والحجر، بل امتدت لتطال قطاع إنتاج الغذاء ، والموارد الطبيعية من غابات وحراج ، ومراعي طبيعية ،  وينابيع مياه ، وتعطيل استثمار الأراضي الزراعية التي تعتبر إرثاً وحقاً للأجيال القادمة، والثروة الحيوانية بقطاعاتها المتباينة ، بما فيها الموارد الوراثية المحلية النادرة . وكان نصيب الثروة البقرية كبيرا حيث أدى العنف الدائر في مناطق تربيتها إلى انحسار أعدادها وتدهور إنتاجها بفعل عوامل متداخلة سوف نأتي على تفاصيلها في هذا البحث .

الأهمية الإقتصادية للثروة البقرية  :

أشار المهندس قرنفلة إلى أن الثروة البقرية  تنهض بأدوار مهمة في إنتاج الغذاء وتوليد الدخل ، كما تؤدي وظائف أخرى هامة في مجالات غير مجال إنتاج الأغذية . و تؤدي نظم الإنتاج المكثف والرعوي للأبقار دوراً اجتماعياً واقتصادياً مهماً في المناطق الجافة وشبه الجافة في العالم.

كما أن تربية الأبقار تعدّ نشاطاً متعدد الوظائف والأدوار. فبالإضافة إلى دورها المباشر في إنتاج الغذاء وتوليد الدخل ، تعتبر الحيوانات أصولاً ومدّخراتٍ ثمينة ، حيث تعمل كخزان للثروة وتستخدم كضماناتٍ للقروض وكشبكة أمانٍ أساسية في أوقات الأزمات.

وأضاف المهندس عبد الرحمن قرنفلة : تؤكد  تقارير وتوصيات منظمة الأغذية والزراعة كلها على الحاجة الملحة من قبل الحكومات على تشجيع الاستثمار في الإنتاج الحيواني،  وزيادته لمجابهة الطلب المتزايد والمتنامى على المنتجات الحيوانية ، وخاصة اللحوم والتى يتوقع لها أن يرتفع إنتاجها عالميا من 288 مليون طن إلى 463 مليون طن بحلول عام 2050 وهذا لمجابهة كلا من الزيادة في تعداد السكان وكذا الزيادة في مستوى المعيشة والدخل .

وفي سوريا تساهم الثروة الحيوانية بحوالي 33% من مجمل قيمة الناتج الزراعي ، وترتفع هذه المساهمة لتتجاوز الـــ50% إذا ما تم احتساب المساهمات غير النقدية للثروة الحيوانية / السماد العضوي – قوة العمل ……/ كما أنها مصدر رزق لحوالي مليوني مواطن يعملون في قطاع تربية الحيوان ، وتأمين 33 غرام بروتين يوميا للفرد.

الثروة البقرية :

وحول الثروة البقرية السورية قال المهندس قرنفلة: وفقاً لبيانات وزارة الزراعة يبلغ عدد الأبقار عام 2015 حوالي 1.2 مليون رأس ، وبغض النظر عن دقة هذا الرقم حيث لا يتوافق مع كثير من التقارير التي تشير إلى انخفاض أعداد القطيع البقري السوري حوالي 60% عما كان عليه قبل الأزمة ، فإن الثروة البقرية السورية تتكون من عدة عروق وسلالات تتباين في قدراتها الإنتاجية . وتضم:

السلالات المحلية : مثل الشامي والعكشي والجولاني أو الجزراوي وهي سلالات لم تخضع لعمليات تحسين وراثي وقد تأقلمت مع ظروف التربية والرعاية المحلية ، ويمتلك بعضها قدرات وراثية جيدة لصفات الإنتاج المرتفع ويمكنها تحقيق أرقام مرتفعة في حال إخضاعها لبرامج تحسين وراثي والاهتمام بنواحي رعايتها وإدارتها ، وتتصف تلك السلالات بتواضع إنتاجها من الحليب واللحم . وأعدادها في تراجع كبير وقد وصلت بعض أعداد السلالات إلى حافة خطر الانقراض من القطر مثل الأبقار الشامية الشهيرة بإنتاج الحليب تحت ظروف التربية والرعاية القاسية .

السلالات الخليطة: وهي ناتجة عن عمليات تزاوج إناث الأبقار المحلية مع ذكور أبقار أجنبية منتخبة وراثياً لصفات إنتاج الحليب واللحم والمرتفعين ،  وتشكل اكبر السلالات من حيث العدد وقد ارتفع إنتاج الرأس الواحد من الحليب في الأجيال المتقدمة من السلالات الخليطة.

الأبقار الأجنبية: تراجعت أعدادها بتقدم أعداد الأبقار الخليطة وتتصف بإنتاجها المرتفع قياسا للأبقار المحلية إلا أن إنتاجها يبقى متواضعا أمام إنتاج الأبقار في الدول المتقدمة بالإنتاج الحيواني.

صعوبات ومشاكل تعترض تطوير إنتاج الحليب البقري :

يؤكد الخبير في الإنتاج الحيواني المهندس عبد الرحمن قرنفلة  أن هناك حزمة من الصعوبات تعترض سبيل تنمية وتطوير إنتاج الأبقار من الحليب تتمثل في :

صعوبات فنية :

ويأتي في مقدمتها عدم حصول الأبقار على مقنناتها الغذائية النظامية التي تسمح لها بإظهار قدراتها الإنتاجية الوراثية وذلك إما بسبب نقص الأعلاف أو بسبب ضعف الخبرة والدراية في تشكيل الخلطات العلفية أو في تقديم الأعلاف ( الإطعام ) حيث تتطلب كل مرحلة فسيولوجية تمر بها الأبقار كمية محددة من الأعلاف والعناصر الغذائية المتوازنة ، ومن جانب أخر تنتشر مجموعة كبيرة من الأمراض لاسيما الهضمية بين الأبقار بسبب ضعف الرعاية والمتابعة  الصحية ، كما تم يلاحظ تواضع في خدمات الإرشاد الزراعي في مجالات تربية وإدارة قطعان الأبقار ، فضلاً عن تواضع الحيازات من الأبقار حيث يمتلك 85% من المربين بين 1-10 رؤوس من البقر فقط.

صعوبات تسويقية :

رغم تطور إنتاج القطر من الحليب فإن 90% من الإنتاج لا يزال يتم تسويقه دون ضمانات صحية حيث تستهلك نسبة كبيرة من الحليب طازجاً ودون خضوعها لعمليات تصنيعية تضمن تعقيمها رغم ما يحمل ذلك من مخاطر صحية كبيرة على صحة المستهلكين ، ولا يزال القطر يفتقر الى مراكز لتجميع وتبريد الحليب إضافة إلى عدم توفر وسائل نقل حديثة مبردة كافية لنقل الحليب من الحقول إلى المصانع ومناطق الاستهلاك . وكذلك هناك غياب كامل للمعلومات التسويقية بين أيدي المنتجين ، وانعدام جمعيات تسويق الحليب

صعوبات تنظيمية وقانونية:

 لا تزال مهنة تربية الأبقار وإنتاج حليب الأبقار بحاجة إلى إطار قانوني تنظيمي على هيئة اتحاد نوعي يربط بين أعضائها ويقوم على خدمة تطويرها وتنمية إنتاجها ورعاية مصالح المنتجين وتنظيم العلاقة بينهم وبين الجهات التسويقية والتصنيعية من جهة وبينهم وبين موردي الأعلاف والمواد الأولية ومستلزمات الإنتاج من جهة ثانية ولعل وجود مثل هذه الاتحادات النوعية يخفف الأعباء الكبيرة التي تتحملها الجهات الحكومية في هذا الإطار . مع الإشارة إلى أن مثل هذه الاتحادات هي التي طورت عروق الأبقار العالمية المعروفة .

تهريب الحليب السوري إلى لبنان:

وحول تهريب الحليب السوري إلى لبنان يقول المهندس قرنفلة : سبق أن نشرت وسائل إعلام لبنانية شكوى لمربي الأبقار اللبنانيين يعرضون فيها تعرض منتجهم من الحليب للمنافسة من الحليب السوري ويقولون : ( أن كميات الحليب الطازج المستوردة تأتي من سوريا؛ مستغلّة وجود اتفاقية بين البلدين لرفع الرسوم الجمركية عن منتجات الحليب. ويشير بعض أصحاب المصانع إلى دخول نحو 40 طن حليب يومياً من سوريا، لكنها كميات أقلّ جودة من المنتجة محلياً؛ لأن معظمها كميات مرفوضة من مصانع الأجبان والألبان في سوريا.

ولا فرق في الأسعار بين البلدين، أي إن سعر الطن في سوريا ولبنان يكاد يكون هو نفسه، وبالتالي فإنه باستثناء الحالة التي يكون فيها الحليب غير قابل للتصنيع بسبب ارتفاع نسبة الحموضة فيه، لا مصلحة لمربي الأبقار في سوريا بتصدير الكميات إلى لبنان ودفع كلفة نقل إضافية عليها. أما الكميات المرفوضة فتُخلط بكميات كبيرة من المواد الحافظة لاسترداد كلفة إنتاجها على الأقل، بدلاً من تلفها. لكنها أقل جودة، وأكثر عرضة للجراثيم )

وقال قرنفلة : بغض النظر عن دقة المعلومة الواردة في وسائل الإعلام اللبنانية فإنها تؤشر الى وجود أقنية يتسرب من خلالها الحليب السوري الخام الطازج خارج البلاد ، مما يشكل نزيفاً لثروة وطنية كان يمكن زيادة قيمتها المضافة عبر إدخالها في قنوات تصنيع مختلفة ثم تصديرها . ولا بد من الجهات المعنية بمراقبة الحدود من متابعة الموضوع وقمعه أو تنظيمه ليمر عبر الطرق النظامية للتصدير .

جهود وخطط حكومية:

وحول جهود الحكومة لمعالجة النقص بإنتاج الحليب محلياً أوضح  قرنفلة : أن موقع محلي نشر بتاريخ 3/4/2016 خبراً  يقول : ( كشفت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية عن خطة عمل متكاملة لاستيراد الأبقار بغرض التربية وإيصالها إلى المربين بأقل التكاليف بما يساهم في تأمين فرص عمل مولدة للدخل تساعد على رفع مستواهم المعيشي ، وذلك ضمن حلقة تعاون مع كل من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي والمصرف الزراعي التعاوني ومصرف سوريا المركزي والجهات الأخرى ذات الصلة ، ويأتي ذلك استكمالاً لتنسيق الجهود المبذولة للنهوض بقطاع الثروة الحيوانية.

وفي هذا الإطار تم عقد اجتماعين متتالين في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية مؤخراً وضم ممثلين عن الجهات المعنية تم فيهما مناقشة الشروط الصحية والتربوية للحجر الصحي الواجب تضمينها في دفتر الشروط عند الإعلان عن المناقصات لاستيراد الأبقار من حيث (مدة الحجر وسعة المحجر واختبار كشف الحمل)، ويجري العمل الحثيث لإعطاء الأولوية لتجهيز مساحات جديدة وفق المواصفات والشروط الصحية القياسية لاستقبال عدد أكبر من الأبقار كمحاجر إضافية رافدة لمحجر طرطوس الأساسي المجهز لاستيعاب حوالي /400/ رأس بقرة.

وتأتي هذه الزيادة في القدرة الاستيعابية للمحاجر تسهل استيعاب واستيراد هذه الأعداد من الأبقار و بشحنات مجدية اقتصادياً بالنسبة للمستورد وتساهم في تخفيض تكاليف الاستيراد بحيث تنعكس على التكاليف النهائية للمربين ، حيث تشمل التكاليف غالبا (الحجر الصحي /21/ – – اجرة العمال- تكاليف العلف- تكاليف الشحن- التأمين الصحي وغيرها )، إن الالتزام بهذه الشروط من شأنها أن تضبط تكاليف الاستيراد.

ويذكر أن إنتاجية البقرة الواحدة يصل لحوالي /30-50/ كغ حليب يوميا، وهذا ما يساهم في تشغيل صغار المنتجين وخلق دخل للأسر المربية كمشروع رائد يخدم عملية التنمية الريفية وإعادة ترميم حلقات الإنتاج المحلي النباتي والحيواني

مبررات السعي للاستيراد :

 تؤكد جهات حكومية أن مبررات السعي لاستيراد أبقار”الفريزيان” تتمثل في الحصول على عروق صافية، حيث تم استيراد خلال العام الحالي 200 رأس بقر من هولندا وزّعت على المكتتبين وهي تعتبر خطوة لم تتخذ في سورية “استيراد الأبقار” منذ نحو 30 عاماً أي منذ عام 1986، حيث أن هذا النوع من الأبقار يساهم بشكل كبير في تعويض النقص في سوق الألبان بشكل عام، حيث يبلغ إنتاج البقرة الواحدة من 30 إلى 50 كغ في اليوم، بينما يبلغ إنتاج الأبقار المحلية نحو 10 كغ تقريباً. كما بين السيد محمد كشتو رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية في تصريح سابق لوسائل اعلام محلية .

حقائق حول منتجات الأبقار من الحليب:

أورد المهندس عبد الرحمن قرنفلة بعض الحقائق حول إنتاج واستهلاك الحليب تتلخص بالتالي  :

  • أكثر من 6 مليارات نسمة في جميع أنحاء العالم تستهلك الحليب ومنتجات الألبان؛غالبية هؤلاء الناس يعيشون في البلدان النامية.

  • في وقت مبكر من عام 1960 ، تضاعف نصيب الفرد من استهلاك الحليب في البلدان النامية مرتين تقريبا .ومع ذلك، فقد نما استهلاك الحليب ببطء أكثر من باقي المنتجات الحيوانية الأخرى؛فقد زاد استهلاك اللحوم أكثر من ثلاثة أضعاف، وزاد استهلاك البيض خمسة أضعاف.

  • نصيب الفرد عالمياً من استهلاك الحليب هو:

(عالية أكثر من150  كجم / فرد / سنة) في الأرجنتين ، أرمينيا ، استراليا ، كوستاريكا ، أوروبا ، ، قيرغيزستان ، أمريكا الشمالية وباكستان.

متوسطة (30 إلى 150 كجم / فرد / سنة) في الهند ، ومعظم دول الوطن العربي جمهورية إيران الإسلامية، اليابان، كينيا، المكسيك، منغوليا، ونيوزيلندا، وشمال وجنوب أفريقيا، ومعظم أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي

(منخفضة أقل من 30  كجم / فرد / سنة) في فيتنام، السنغال، أكثر من وسط أفريقيا ومعظم شرق وجنوب شرق آسيا

  • يوفر الحليب 3 في المئة من إمدادات الطاقة الغذائية في آسيا وأفريقيا، مقارنة مع 8 إلى 9 في المائة في أوروبا
    وأوقيانوسيا
  • .6-7 في المئة من إمدادات البروتين الغذائي في آسيا وأفريقيا، مقارنة مع 19 في المئة في أوروبا؛
  • و 6 الى 8 في المئة من إمدادات الدهون الغذائية في آسيا وأفريقيا، مقارنة مع 11 إلى 14 في المئة في أوروبا، أوقيانوسيا والأمريكتين.

مقترحات عملية لتنمية قطاع الثروة البقرية :

وحرصاً على نجاح تربية الأبقار وتحقيق اقتصادية مجدية منها ، يؤكد المهندس عبد الرحمن قرنفلة الخبير في الإنتاج الحيواني ضرورة توفير قاعدة علفية واسعة تعتمد على تحسين استخدام المخلفات الزراعية في تغذية الحيوان وتوفير مخزون استراتيجي من الأعلاف ، والتوسع بزراعة الأعلاف الخضراء كلما أمكن ذلك ، وتطوير الإرشاد الزراعي في مجال تربية وتغذية ورعاية الأبقار وتطوير البنى الإنتاجية القائمة ، وتحسين الرعاية الصحية والخدمات البيطرية ، ومتابعة مشروع ترقيم قطيع الأبقار السوري ، ووضع نظام تتبع الكتروني لهذه الغاية . وتطوير طرق التسويق من خلال إحداث مراكز لتجميع الحليب في مناطق الإنتاج ، وتوفير وسائل نقل مبردة ، وإعادة النظر بتوزيع مصانع الألبان لتكون أقرب ما يمكن من مناطق الإنتاج . وتشجيع إقامة شركات كبيرة متكاملة لتربية الأبقار وتصنيع منتجاتها . وتوجيه المزيد من الاستثمارات لهذا القطاع الحيوي والهام وتشجيع المستثمرين للاستثمار في هذا المجال  .

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك