((إنها باختصار دعوات لتحنيط الاقتصاد أو إدخاله بثلاجة)).

تستند تلك الدعوات على ضبابية الرؤية والتخويّف من التوتر العالمي بسبب أزمة كورونا وما نشأ وسينشأ عنها من تداعيات سياسية واقتصادية.

لكن هل فكّر السادة رجال المال والأعمال بنتائج استجابتهم لهذه النداءات؟

دعونا نلقي نظرة على السيناريو التالي:

"حسن" موظف يتقاضى راتب يكفي نفقاته ويقوم بأعمال إضافية يتقاضى عليها مبلغاً مجزياً ينفقه على الشكل الافتراضي التالي:

1- يسهر كل اسبوع مع عشرة من أصدقاءه و يتقاسمون الفاتورة بمقهى بفندق تملك شركته أسهماً فيه.

2- يدخر مبلغاً سنوياً ليقضي إجازة سنوية مع عائلته بمنتجع تملك شركته نسبة فيه.
3- قرر أن يقوم بإصلاح محرك سيارته لدى المكيانيكي الذي كان يؤجل إجراء عملية جراحية والدته المريضة ريثما يقبض أجرة إصلاح سيارة "حسن" علماً أنه قرر أن يجري العملية بالمشفى الخاص الذي تملك شركة حسن جزء منه.

4- يشتري وينفق على فعاليات مختلفة.

لنفرض أن الشركة التي يعمل بها حسن والشركات التي يعمل بها أصدقاؤه استجابوا لضغط النفقات و توقفوا عن تكليف موظفيهم بأعمال إضافية فستكون أولى النتائج:

أ- سيتوقف حسن وأصدقاءه وأمثالهم عن السهر بالمقهى مما سيخفض أرباح المقهى.

ب- سيلغي حسن وعائلته وأمثالهم الإجازة التي كانوا يخططون لها مما سيلحق الضرر بعوائد المنتجع.

د- سيؤخر إصلاح سيارته وبالتالي سيلغي الميكانيكي إجراء عملية والدته أو يقوم بها بمشفى مجاني مما سيحرم المشفى من عوائد تلك العملية.

هـ- سيتوقف عن الانفاق وسيقتصر على الضروريات، بل وسيقوم بتقليص مصاريفه بمحاولة منه للادخار مما سيؤدي لتقليص واردات غيره وسينعكس هذا على دورة الاقتصاد ككل.

وبالتالي فالخاسر الأكبر هنا هو فئة رجال الأعمال التي يمثلها بمثالنا مدير "حسن".

الآن لنحاول اتمام المثال:

كانت شركة حسن تقوم بتشييد مطعم 5 نجوم وبسبب غموض الرؤية قاموا بإيقاف هذا المشروع أو أبطأوا تنفيذه، بعد عشرة أشهر وبعد زوال موجبات الأزمة عادوا لمتابعة الأعمال مع غيره من المشاريع حيث وجدوا:

أولاً- أسعار المواد الأولية قد ارتفعت نتيجة الإقبال المفاجئ عليها.

ثانياً- أجور العمال قد ازدادت نتيجة الطلب المفاجئ بعد أشهر البطالة.

ثالثاً- انخفاض معدل الإنجاز إذ فقد العمال نشاطهم وحماسهم للعمل بعد أشهر البطالة.

رابعاً- بسبب التأخر بافتتاح المطعم عشرة أشهر فات عليهم أرباح الأشهر العشرة "وهي خسارة كبيرة ".

خامساً- خسروا فرصة ذهبية لتطوير أعمالهم بهدوء دون أن يتأثر سير العمل حيث كان تباطؤ العمل فرصة لإعادة النظر بأعمالهم وتدقيق الدراسات التي بين أيديهم.
.
الخلاصة:

*- إن المال يدور منك وإليك ودورة المال والأعمال تنعكس عليك بشكل أو بأخر وكل ما ستنفقه سيعود لك بشكل أو بأخر.

*- إن تفكير رائد الأعمال المبدع خارج الصندوق ومعاكسته التيار ستسمح له بتحويل الخسارة لأرباح.

توصيات:

*** أثناء الأزمات أعد توجيه نفقاتك وأنجز أعمالك دون خوف.

*** وجه جزء من نفقاتك لتطوير أعمالك وبهذا تجعل من تباطؤ العمل فرصة ذهبية يمكنك اغتنامها.

فيصل العطري