الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

رغم ظروف الحرب…باحثون يضعون أسس جذب الاستثمارات إلى سورية

الاقتصاد اليوم:

جذب الاستثمارات إلى سورية…قضية قديمة متجددة، فالحكومة الحالية برئاسة المهندس عماد خميس بدأت تتوجه نحوها مجدداحيث تدرس تشكيل المجلس الأعلى لشؤون الاستثمار مهمته جذب الاستثمارات كما يهدف توحيد مرجعيات الاستثمار في البلد بما يشجع المستثمرين على ضخ رؤوس أموالهم وخلق بيئة استثمارية جاذبة، وتسهيل إجراءات العملية الاستثمارية، إضافة إلى ضلوع الحكومة بشكل مباشر في رسم سياسات الاستثمار في البلد.

يأتي ذلك في ظل صدور أرقام تبين حقيقة تشميل المشاريع الاستثمارية وتنفيذها على أرض الواقع، حيث أوضحت هيئة الاستثمار السورية، أنها قامت بتشميل 1516 مشروعاً منذ تأسيسها عام 2007 وحتى العام الجاري 2016، وبلغت نسبة المنفذ منها 36%، على حين كانت نسبة تنفيذ المشروعات قبل تأسيس الهيئة 90% تقريبا، وذكرنا سابقا أن هيئة الاستثمار بينت أن هناك نحو 717 مشروعاً حالياً قيد التنفيذ وقد جمدت لأسباب مختلفة أبرزها أسعار الصرف والتراخيص الإدارية وغيرها من المشاكل.

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة حاليا، من البديهي أن يتم طرح سؤال: هل يمكن حقاً جذب الاستثمارات إلى سورية؟..كيف سيتم ذلك مع ارتفاع تكاليف الإنتاج وانقطاع التيار الكهربائي وصعوبة الحصول على المحروقات وغياب العمالة الفنية الماهرة والأهم من ذلك كله ارتفاع تكاليف الترخيص والإجراءات القانونية المعرقلة للكثير من هذه المشاريع بدءا من تركيب “ساعة الكهرباء الصناعية” وصولا إلى قضايا الترخيص والشروط المعقدة.

وهنا لا بد من التأكيد على أن قبل البحث بأي عملية جذب لا بد من تأمين مناخ استثماري جاذب، أي مناطق آمنة لإقامة هذه الاستثمارات من جهة وتشريعات استثنائية تناسب الظروف الحالية التي تمر على سورية من جهة ثانية، فرأس المال جبان وإن لم يقدم له ضمانات حقيقية وتسهيلات استثنائية فلا يمكن أن يتجرأ على الاستثمار، وهنا تقع المسؤولية، على الحكومة في تأمين مناخ تشريعي وبنية تحتية ومتطلبات إنتاج سهلة لجذب الاستثمارات، بالتكاتف مع القطاع الخاص.

3 عوامل لجذب الاستثمار

صناعي بين، أن أي استثمار حتى ينجح يحتاج إلى 3 أمور: أولها، قوانين تحمي الاستثمار، مثل قوانين مصرفية: كربط المصارف العامة بمصارف خارجية لتمويل هذه الاستثمارات، وفي ظل العقوبات الاقتصادية الجائرة التي تمر على سورية، لا بد من التوجه إلى مصارف الدول الصديقة مثل إيران وروسيا ومجموعة دول بريكس، ثانيها: لا بد من وضع قوانين اقتصادية تشجع المستثمر على الاستثمار، وثالثها: يجب أن يكون هناك حملة صحيفة عن سورية في كل دول العالم بأن سورية لا تزال بخير، وأن ليس كل سورية في حالة حرب، وأنها تحوي الكثير من المناطق البعيدة عن الحرب وهي آمنة، وشرح أهم الميزات الاستثمارية في سورية، سواء الصناعية أو السياحية والبنى التحتية، فالذي يريد أن يفتح باب الاستثمار لا بد أن يهيئ الظروف المناسبة لهذا الأمر.

ونوه الصناعي إلى أن أسرع طريقة لإدخال المستثمرين هو عن طريق الدول الصديقة لسورية، حيث أن هذه الدول تملك صناعات تحويلية، ويجب على الحكومة السورية، أن تقوم بإرسال وفود إلى الدول المراد استهدافها في جذب استثماراتها إليها، للتعريف بأهم الفرص الاستثمارية، وأن تكون هذه الوفود، لديها خطط ممنهجة وكاملة لكل المشاريع التي ستعرضها على تلك الدول، وأن يتم دعم هذه الوفود من قبلة تغطيات صحيفة واسعة لكي تصل الصورة لمجمل دول العالم بأن سورية قادرة على جذب الاستثمار وأنها تملك مقوماته وبميزات تفضيلية كبيرة رغم الحرب.

ذهنية محدودة في بعض الأدوات الإدارية تعرقل العمل

الدكتور "سنان علي ديب" رئيس فرع جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية قال، أن الاستثمارات بمثابة الدم الذي يعطي الحياة للكائن الحي وهي نبع الحياة لأي دولة فهي النهر الجاري الحامل معه كل متطلبات الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية، و التعامل معها ينطوي وفق أولويات من حيث النوع حسب الحاجة الملحة ووفق طريقة التمويل إن كان حكومي أو خاص أو مشترك ..وفي حال عدم توفر المال المحلي الأولوية تكون لأموال المغتربين أو لأموال خارجية لا ينجم عنها مخاطر أمنية أو تصبح قوة ضغط لفرض رؤى سياسية أو مدخل لتهشيم البنى الداخلية.

وبين الدكتور ديب أنه قبل الأزمة الكارثية على سورية، عملت الحكومة على تأمين أغلب ما تحتاجه الاستثمارات من بنى تحتية فتم بناء ثلاثة مدن صناعية ذات بنى مناسبة و مصارف خاصة و عامة و ترك حرية لتداول العملات و أصدرت بعض التشريعات و رغماً من ذلك استمرت الذهنيات الفاسدة في عرقلة ما يكون ضد مصالح بعض المتنفذين سواءاً لكون الاستثمار قد يضرب صفقات استيراد كما حصل مع فكرة إنشاء معمل للباصات لشركة من بيلا روسية في فترة استيراد دفعات من الصين و غيرها من الاستثمارات التي عرقلت لأسباب صغيرة تتعلق بالرسوم الجمركية أو بعدم وجود ضمانة لمحاكمة أو محاسبة بعض الشخصيات , ففي الأدوات الإدارية شخصيات ذات ذهنية محدودة الأفق لا تسمح ولا تتقبل أي فكرة ذات علاقة بالمرونة المطلوبة في التعاطي إدارياً مع رأس المال، وهذه الذهنية هي الرديف الأكثر تعبيراً عن مصطلح البيروقراطية الذي مللنا من تكراره و الإشارة له.

وأضاف: “في ظروفنا هذه بعد 6 سنوات من الحرب المدمرة والتي ثبت من خلالها البنى الاقتصادية القوية التي ركز على النيل منها و تهديمها أصبحت الحاجة لجذب الاستثمارات ضرورة للعودة القوية و هذا يتطلب تخطيط صحيح وفق أولويات بالحاجات الأساسية و كيفية وضع القوانين لجذبها وفق إغراءات مالية كتخفيض أو عفو من الضرائب و الرسوم و تسهيلات أخرى و كذلك وفق جداول أفضلية تنازلي من الاستثمار الحكومي للمشترك للخاص المحلي للمغتربين، ومن ثم للدول التي لا تحمل مشاريع استعمارية أو تخريبية.

وبين بأنه إن توفرت هذه الذهنية وفق نوايا صادقة وإرادة حقيقية تبقى الأمور الأخرى تفاصيل، فلم تكن المشكلة بالهيئة العامة للاستثمار وإنما بعدم توفر النية و بالتالي تشكيل المجلس الأعلى لا يزيد شيء إن لم تتوفر النوايا سوى نفقات جديدة على عاتق الحكومة و زيادة عدد المسؤولين و بالتالي زيادة عدد الآراء و التي قد تكون عبئاً يعرقل المسيرة القادمة في ظل ظروف استثنائية تتطلب عقول استثنائية، فأهم صفات الاستثمار الأمان غير متوفرة فالمخاطر كبيرة للاستثمار وسيكون صعوبة بالجذب، في هكذا ظروف تختلط الوطنية مع المخاطرة لتأخذ دور كبير يجب أن لا يعرقل لأهواء شخصية أو لحماية مصالح أشخاص .

المناطق الحرة ووقف هجرة الشباب

في حين بين أحد التجار بأنه لابد من تفعيل دور المناطق الحرة المنتشرة بالمحافظات وخاصة الساحل السوري ودمشق وتخصيصها للصناعة والتصدير باعتبارها محافظات أمنة، بالإضافة إلى تأمين المناطق الصناعية. بكافة المتطلبات من طاقة أو محروقات وتأمينها بمؤسسات حراسة وأمن خاصة، وتشجيع اليد العاملة للعودة والعمل، وإيجاد حل لمشكلة التجنيد بقانون يسمح البدل الداخلي وذلك للحد من هجرة الشباب.

تعليق:

نهاية القول، نؤكد بأن أرقام الاستثمارات السورية التي تم تأسيسها في الدول المجاورة واحتلالها مراكز أولى بين مختلف الاستثمارات الأجنبية، مؤشر على مدى خسائر اقتصادنا من قدرته على إعادة جذب هذه الاستثمارات، فأحد التجار لفت إلى انه لو تقوم الحكومة السورية بتقديم نصف التسهيلات التي تقدمها مصر للمستثمرين لكانت الاستثمارات السورية المغتربة في مصر عادت بنسبة 60%، وهذا ما نريد التأكيد عليه بأننا نملك استثمارات ضخمة ولكنها للأسف هاجرت وتوطنت في دول الجوار، ومهمة إرجاعها تقع على عاتقنا كلنا بدءا من الإعلام الذي يجب أن يوضح ويركز على المزايا الاستثمارية في سورية، وصولا إلى الحكومة التي يجب عليها أن تضع قوانين جاذبة وأن تهيئ الظروف المناسبة لإقامة الاستثمارات، من طاقة وكهرباء وعمال وقوانين جاذبة، والقطاع الخاص الذي يجب أن لا يبحث عن مصلحته فقط، بل أن يكون شريكا حقيقيا في جذب الاستثمارات، وتشغيل عجلة الإنتاج.

سينسيريا

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك