الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

رفع أسعار الأسمدة ينذر بانخفاض الإنتاج الزراعي بنسبة 50 بالمئة

الاقتصاد اليوم:

ما بين وزارة الزراعة والمصرف الزراعي ووزارة التجارة الداخلية والمؤسسة العامة للتجارة الخارجية ضاع المسؤول عن ارتفاع أسعار أسمدة اليوريا (46)، التي أقرتها اللجنة الاقتصادية ولم يعرف ما سبب الزيادة، ففي الوقت الذي خابت فيه آمال الفلاحين بمجرد وصول بواخر الأسمدة إلى مرافئ طرطوس بزيادة سعرية تعادل ثلاثة أضعاف ما كانت عليه بداية الموسم، نزل القرار كصاعقة على اتحاد الفلاحين الذي لم يعرف بصدوره إلا من خلال الفاكس الموجه له، معتبراً إياه قراراً غير مبرر وتنقصه الدقة في الدراسة. فيما يبدو أن الفلاح بدأ يفكر جدياً بالابتعاد عن الزراعة ومزاولة مهنة أخرى، ما يعني أن انخفاضاً بالمساحات المزروعة أو المساحات الخضراء.

غير مبرر

التعديلات الســعرية الجــــديدة للســــماد بزيادة تقدر 300 %، والتي جعلت سعر الطن الواحد 210 آلاف ليرة، بدلاً من سعره السابق 87 ألف ليرة، كانت العقبة الأخيرة التي نالت من الفلاح، الذي لم يدم تعشمه طويلاً بانتظار بواخرها القادرة باعتقاده على إنعاش انتاجه، ليجد نفسه حين وصولها عاجزاً عن شرائها.

بعيد صدور القرار بأيام، وجه اتحاد الفلاحين الذي لم يكن على علم بحيثيات وأسباب القرار مذكرة إلى رئيس مجلس الوزراء حصلت «تشرين» على نسخة منه مفاده بأن الاتحاد فوجئ بقرار ارتفاع أسعار سماد اليوريا وذلك من خلال فاكس المدير العام للمصرف الزراعي التعاوني إلى فروعه في المحافظات مستنداً في ذلك إلى اجتماع اللجنة الاقتصادية بالجلسة رقم (11) بتاريخ 6/3/2017/ الذي لم يدع إليه ولم يعرف كيفية رفع السعر من 87 ألف ليرة إلى 210 آلاف للطن الواحد وما  الأسس التي اعتمدت خلال دراسة زيادة السعر الذي سيؤدي إلى رفع جميع التكاليف وسينعكس سلباً على المنتج والمستهلك، طالباً الاجتماع بالمجلس لوضع آليات تخفف من واقع الصدمة على الجهات ذات العلاقة.

يقول رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد محمد الخليف: لم نر أي إجابة ولم نتلق أي دعوة إلى اليوم، مشيراً إلى أنه قرار غير مبرر ولم يدرس بدقة، لأنه سيؤدي إلى تدني تنفيذ أرقام الخطة الزراعية المقررة من قبل وزارة الزراعة لعدم توفر التمويل المصرفي والقروض للفلاحين. وتوقع انخفاض المساحات المزروعة وكمية الإنتاج الزراعي بنحو 50%، إضافة إلى امتناع بعض المزارعين عن زراعة القطن وبعض الحبوب التي تحتاج  سماداً بشكل دائم، بسبب عدم قدرة المزارع على تغطية نفقات القطاع الزراعي.
فارق كبير

كونه المعني بالدرجة الأولى عن السعر توجهنا الى المصرف الزراعي التعاوني الذي امتنع مديره العام ابراهيم زيدان عن تقديم أي تبرير لهذا الارتفاع في بادئ الأمر، إلا بعد سؤالنا المؤسسة العامة للتجارة الخارجية ووزارة الزراعة فهما من قامتا بوضع التسعيرة الجديدة وليس المصرف، على حد قوله، لكنه عاد ليبرر السبب بارتفاع سعره عالمياً، ولأن سورية لم تستورد الأسمدة منذ عام 2012، الأسمدة بسبب اعتمادها بالدرجة الأولى على إنتاج معمل الأسمدة المحلي التابع لوزارة الصناعة، فقد لوحظ فارق السعر بشكل كبير مشيراً إلى أن سعره حالياً أرخص من سعره قبل الحرب.

وأكد أن التسعير جاء بناء على كتاب من وزارة التجارة الداخلية التي حددت سعر الطن الواحد بـ169.915ألف ليرة، وأن دور المصرف الزراعي اقتصر على إضافة تكلفة المصرف على المبلغ المفروض المتضمن أجور الشحن، وعتالة ومستودعات واستهلاك وصيانة ونقل أموال وتأمين على المستودعات ورواتب وأجور ونفقة تجميد رأس المال (الفائدة المرجوة) إضافة إلى ربح المصرف البالغ 4% هذا ما أوصل سعره إلى 210 آلاف ليرة.

تبادل تهم .. والفلاح المتضرر

أما مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك فقد أكدت أنها قامت بدراسة التكلفة المقدمة من المؤسسة العامة للتجارة الخارجية وفق القواعد الناظمة لعناصر التكلفة وبعد إضافتها والأرباح المقررة حيث وصل سعر الطن الواحد من السماد في أرض المرفأ الى 169.900 ألف ليرة، موضحاً أن المؤسسة استوردت كمية 25 ألف طن من السماد بقطع أجنبي 299 يورو ومهمة المديرية كانت دراسة التكلفة ونفقات الرسوم المستوفاة ونفقات المؤسسة.

وعن سبب تحديد سعر طن السماد بـ 210 آلاف، رغم أن سعر التكلفة حدد بـ169.900 ألف بأرض المرفأ فقد أكد نضال مقصود مدير الأسعار بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن مسؤوليته تنتهي عند سعر التكلفة المحدد من قبل الوزارة وهي 169.900 فقط وليس له علاقة بالإضافات السعرية الاخرى.

في المقابل نفى أحد المعنيين في وزارة الزراعة وجود أي علاقة للوزارة بزيادة السعر، مؤكداً أن المصرف هو المسؤول الأول عن السعر النهائي.

عشوائية التوزيع

صدور قرار رفع سعر الأسمدة المفاجئ سبّب تباين سعره بين الفلاحين، فقد كان المصرف الزراعي قد وزّع على بعض الجمعيات الفلاحية والمرخصين كامل مخصصاتهم من أسمدة اليوريا خلال فترة الموسم الزراعي الشتوي بسعر 3600 ليرة للكيس الواحد الذي يزن 50 كغ قبل إصدار قرار رفع سعر الأسمدة، بينما اضطرت الجمعيات الأخرى لاستجرار الأسمدة بسعر 10500 ليرة للكيس بعد قرار زيادة سعره.

يقول صلاح أحد الفلاحين: لماذا لم يوفر المصرف الزراعي كميات كافية لتمويل كامل الفلاحين بالأسمدة في بداية الموسم الزراعي؟ أليس من الظلم أن يتم توزيع أسمدة اليوريا على بعض الفلاحين بسعر 3600 للكيس بينما يشتريه آخرون بعد أشهر معدودة بثلاثة أضعاف؟ ألا يكفيهم ضرر محاصيلهم بعد تأخر تسميدها ليأتي ارتفاع سعره فيزيد معاناتهم وجعاً؟! وأضاف متسائلاً: بعد كل هذه الزيادة لماذا تم تخفيض مخصصات الجمعيات الفلاحية للدونم الواحد الى 15 كغ واستثناء محصول الشعير من ذلك، علماً أن الدونم الواحد من محصول القمح يحتاج لـ50كغ من السماد الذي من المفروض وضعه ثلاث مرات نتيجة فقر التربة.؟

ينفي زيدان اعتباطية التوزيع للسماد، فهو كما يؤكد يتم بناء على لجنة مؤلفة من عدة مندوبين من الجهات المعنية في الزراعة واتحاد الفلاحين، وبناء على التنظيم الزراعي وجدوى الاحتياج الموضوع في وزارة الزراعة.

ضرر كبير

زيادة سعر سماد اليوريا لثلاثة أضعاف جعلت بعض الفلاحين يفكرون في الاستغناء عن وضع السماد لأراضيهم، بينما قرر آخرون الابتعاد عن الزراعة لأنها «ما بتوفي رأس مالها» ومزاولة مهنة أخرى تدّر عليهم ربحاً، بينما توقع المزارع نضال ارتفاع أسعار المحاصيل والمنتجات الزراعية كافة، نتيجة ارتفاع سعر الأسمدة، فهذا برأيه سيؤثر سلبياً في الإنتاج الزراعي والحيواني على حد سواء، مؤكداً أنه لابد من إعادة النظر بقرار التسعير لأن ذلك من شأنه التأثير على عطاء الفلاح وسعيه لزرع أرضه، فيكفيه معاناته من ارتفاع سعر المازوت ومستلزمات الزراعة والمبيدات الحشرية وتضرر محاصيله بسبب تأخر تسميدها. الأمر الذي استبعده زيدان حينما أكد أنه إلى الآن تم بيع 8 آلاف طن من السماد المستورد من أصل 31.250 ألف طن المحملة ضمن الباخرة التي يتم تفريغها في مرفأ طرطوس.

تشرين

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك