الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

زيادة رسوم الإنفاق الاستهلاكي 100 بالمئة عن كل غرام ذهب مدموغ!

الاقتصاد اليوم:

أوعزت وزارة المالية لجمعيات الصاغة وصنع المجوهرات في دمشق وحلب وحماه، برفع قيمة رسم الإنفاق الاستهلاكي من 2,5% إلى 5.75% عن كل غرام من القيمة الإجمالية للذهب المدموغ، أي بزيادة نسبتها 100%، على أن يشمل الرسم المالي وإعادة الإعمار، حيث أبلغت الوزارة رئيس الاتحاد العام للحرفيين بطلبها رفع قيمة المبلغ الواجب تحصيله شهرياً من جمعيات الصاغة الثلاث من 125 مليون ليرة سورية إلى 150 مليون ليرة سورية، أي بزيادة 25 مليون ليرة سورية، الأمر الذي أثار حفيظة الصاغة ورافقها رفضاً للقرار من جمعيات الصاغة، لعدم قدرتها على دفع قيمة المبلغ المطروح، بينما أوضح وزير المالية مأمون حمدان أن الوزارة كانت متساهلة جداً مع الصاغة لتحصيل ضريبة الإنفاق الاستهلاكي، ولكن نتيجة عدم قبولهم لمطالب الوزارة، ووضعهم لشروط خاصة بهم هو السبب بعدم الوصول للاتفاق، لذلك قرر الوزير العودة الى النص القانوني للمرسوم ما دام تحت ظل القانون بحسب زعمه، مضيفاً أن الوزارة أرسلت مراقبين من قبلها إلى جمعيات الصاغة، للإشراف على عمليات الدمغ وتحصيل الرسم المحدد وفق القانون.

«نأسف لصناع هذه المهنة العريقة الموجودة منذ مئات السنوات في دمشق وهروب صناعها المهرة إلى خارج القطر»، بهذه الكلمات بدأ هايل العاقل صاحب محل مجوهرات في سوق الصاغة الكائن في الحريقة شكواه لـ «الأيام»، واصفاً القرار الذي اتخذته وزارة المالية بمثابة إعلان موت المصلحة «العتيقة»، منوهاً أن هذا الرقم يشجع ضعاف النفوس على الغش والتلاعب في بيع بضاعة غير مدموغة مع احتمالية الوصول إلى التلاعب بعيارات الذهب.

واعتبر العاقل أن القرار يعني مضاعفة الضريبة بشكل كبير، مضيفاً أن الضريبة يجب أن تكون من أجرة العمل وليست من قيمة الذهب ككل، مؤكداً وجود ظلم كبير بحق العاملين في حرفة الذهب، وأن الصاغة يريدون تحرير تجارة الذهب بشكل كامل، مشيراً إلى أنه في الأسابيع الفائتة كان رسم الإنفاق 2.5% أي ما يبلغ 350 ليرة على غرام الذهب المدموغ، أما بعد تطبيق القرار سيصبح 900 ليرة على الغرام، مؤكداً العملية الحسابية الخاطئة في ظل هذا القرار، حيث أصبحت المالية تحصل رسم إنفاق استهلاكي على الليرة الذهبية (8غرامات) عيار 21 مبلغ قدره 7200 ليرة سورية، بينما يتقاضى الحرفي أجره 2000 ليرة فقط مقابل سكبها.

 

حركة السوق عنوانها الإحجام

أما بالنسبة لربط الضريبة بحركة السوق يقول العاقل: «هذا القرار أوقف الجميع عن العمل لم نعد نستطيع بيع المجوهرات المعروضة بالأسعار القديمة لأننا سنشتري بديلاً عنها بسعر أغلى»، متسائلاً هل المالية بحاجة إلى أموال؟! مضيفاً أن هذا القرار غير مرتبط بأسعار الأونصة العالمية، ووصفه بـ «الضار» على الحرفيين والتجار وعلى المشتري في المقام الأول الذي سيتحمل العبء الأكبر، وتوقع ذهاب المشتري لشراء الذهب من الدول المجاورة كلبنان والأردن لكونه أرخص بعد إصدار القرار، بالإضافة إلى ارتفاع ضريبة الدخل على محله البالغ 9 أمتار، إذ بلغت 57 ألف ليرة عام 2015 وحلقت الآن إلى 550 ألف ليرة سورية سنوياً.

 

بين المحلي المشغول والخارجي المهرب

أبو داني، صائغ أخر يقف أمام محله التجاري يقول لـ «الأيام»: «إن المبلغ الذي حددته وزارة المالية في بداية العام الحالي كان 125 مليون ليرة سورية عندما كان غرام الذهب عيار 21 بسعر فاق 20 ألف ليرة سورية، أما حالياً فقد وصل سعر غرام 21 إلى 15800 ليرة سورية». وأشار أبو داني إلى الانخفاض الملحوظ على حركة البيع في الأسواق وعدم فتح الباب للأسواق الخارجية، مع استمرار تدفق الذهب المهرب من تركيا إلى الداخل السوري، وخصوصاً إلى المناطق الشرقية في القامشلي وريف حلب، مشيراً إلى أن أجرة صياغة أي سوار ذهبية من دمشق أو حلب تقارب 7 آلاف ليرة سورية، بالإضافة إلى أجور نقلها للقامشلي تصبح 10 آلاف ليرة سورية، بينما السوار نفسها تدخل «تهريب» من تركيا بأجرة صياغة لا تزيد على 5 آلاف ليرة سورية، قائلاً إن الذهب في الحروب يعتبر الملاذ الآمن للناس. مطالباً بتعديل رسم الإنفاق الاستهلاكي ليصبح أسوة بباقي الدول المجاورة التي يتم فيها تحصيل الرسوم بنسبة محددة على الأجور بدلاً من أن تكون كتلة نقدية «ثابتة» على غرام الذهب، الأمر الذي سينعكس سلباً على حركة البيع والشراء.

 

إحجام الصاغة عن الدمغ

أكد نائب رئيس الجمعية الحرفية للصياغة ومدير مكتب الدمغة إلياس ملكية لـ «الأيام» أن زيادة رسم الإنفاق الاستهلاكي إلى 5.75% سيجعل السوق المحلية للذهب تشهد موتا سريريا، في ظل امتناع الحرفيين العاملين في الذهب لدمغ أي غرام في الوقت الراهن، إذ كان رسم الإنفاق الاستهلاكي لليرة الذهبية قد بلغ 3500 ليرة سورية، أما الآن أصبحت مع القرار الجديد نحو 8 آلاف، ناهيك عن أجرة الحرفي وربح صاحب المحل، معتبراً أن القرار يؤثر سلباً على المهنة كلها وليس على التجار فقط، مشيراً إلى أهمية نظر الجمعية إلى الحرفيين أكثر من التجار، إذ أن التاجر لديه بضاعة  يبيع ويشتري ويتحمل الظرف السيء لعدة أشهر، بينما الحرفي يعمل كل يوم ليأمن لقمة العيش لعائلته، وعندما يتوقف عن العمل سيقع في خسارة مالية كبيرة، إضافة لخسارته للأيدي الماهرة من الصناع الذين يعملون لديه، مشيراً لوجود بعض الحرفيين الذين يأخذون الذهب بفوائد، ولكن إذا استمر هذا الحال لمدة طويلة، فالحرفي السوري معروف بمهاراته في صنع الذهب وخصوصاً في الدول المجاورة، والنتيجة ستكون رحيل الحرفي خارج البلد، وبالتالي تخسر السوق السورية اليد الماهرة.

من جهة أخرى، قال ملكية أن السائح الخليجي القادم إلى سورية ويرغب بالزواج أو الخطبة سيفضل الشراء من دولته، فتكلفة أفضل غرام إيطالي 3 أو 4 دولار، بينما وصل الغرام في سورية إلى 4 دولار بالإضافة إلى رسم الإنفاق الاستهلاكي البالغ 2 دولار على كل غرام، أي أن السوق ستشهد إحجام السائح عن الشراء، الأمر الذي يؤدي إلى عزوف أغلبية الورشات عن العمل. وللعودة إلى تاريخ القرار نوّه ملكية أن المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2015 فرض رسم الإنفاق الاستهلاكي، بعدها توالت الارتفاعات لحين صدور القرار، إلا أن جمعية حلب للصاغة رفضت تزويد المبلغ فأغلقت المالية نقابة حلب وسحبت الأقلام منها، ولم يعد هناك دمغة وختم في حلب، وحصل الأمر نفسه هنا في دمشق، إلا أن وزارة المالية وضعت الختم داخل صندوق بمقر الجمعية الحرفية وأخذت المفتاح معها، فإذا جاء مواطن يقبل بالدمغ بـ 900 ليرة للغرام، نخرج الأقلام للدمغ بوجود ممثلين عن وزارة المالية، وهذا الأمر لن يقبل به الجميع.

 

مطالب الصاغة

طلب الصياغ من وفد المالية أن يفصلوهم عن جمعية الصاغة بحلب مقابل دفع المبلغ المتفق عليه وهو 68 مليون ل.س ونصف 25 مليون ل.س، أي 12.5 مليون من رسم الإنفاق الاستهلاكي، لكن المالية أصرت على أن يكون المبلغ كتلة واحدة من الجمعيات الثلاث دمشق وحلب وحماه. كما طالب الصياغ بأن يصل الأمر إلى جهات عليا، فالأمر غير مقبول على الإطلاق، إذ أن المبلغ المحصل لم تحلم به وزارة المالية من قبل متسائلاً لماذا يطلبون أكثر من ذلك؟!

 

الايام

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك