سوريا تحتاج إلى بنية تحتية متكاملة لإعادة دمجها في النظام المالي العالمي
الاقتصاد اليوم:
قال المستشار الاقتصادي في الشأن السوري وعضو مجلس إدارة الشركة السورية للاتصالات محمود الطرن، إن سوريا تحتاج اليوم إلى إعادة بناء البنية التحتية المالية والتقنية التي تمكّنها من الاندماج مجدداً في النظام المالي العالمي، بما يتوافق مع المعايير الدولية، ولا سيما تلك المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأوضح الطرن أن هذه البنية التحتية كانت حتى قبل بضعة أشهر "معطّلة بالكامل"، إذ لم تكن هناك منظومة فاعلة لمكافحة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، ما جعل ربط سوريا بالمنظومة المالية العالمية أمراً غير ممكن في تلك المرحلة.
وأضاف أن هذا المسار يتطلب عملاً تقنياً وتنظيمياً وتشريعياً متكاملاً في مجال الامتثال، وهو ما تقوم به سوريا اليوم "على أفضل وجه"، بشهادة معظم الهيئات المالية الدولية التي تتعاون مع السلطات السورية لإعادة بناء هذه البنية التحتية من جديد.
وأشار إلى أن إعادة البناء من الصفر تحمل في طياتها أفضلية واضحة، إلا أن التحدي الأساسي يبقى عامل الوقت. وفي هذا السياق، لفت إلى ما أُعلن عن تعاون شركة "ماستر كارد" مع البنك المركزي السوري لإنشاء منظومة المدفوعات الرقمية، إضافة إلى إعلان "فيزا كارد" نيتها العودة إلى السوق السورية. وأكد أن تحديد إطار زمني دقيق بالأيام أو الساعات غير ممكن، إلا أن مجرد عودة هذه الشركات وتصريحاتها الرسمية تعني أن العمل جارٍ، وحقيقي، وجدي.
توقعات بعودة استخدام البطاقات في 2026
وقال الطرن: "بكل ثقة أستطيع القول إن سوريا ستعود خلال فترة زمنية قريبة جداً إلى المنظومة المالية العالمية، وعلى أفضل طريق وبمعايير دولية كاملة". ولم يستبعد إمكانية استخدام بطاقات "فيزا" و"ماستر كارد"، وربما "أميركان إكسبريس"، داخل سوريا بحلول عام 2026، معتبراً أن ذلك سيكون تطوراً مهماً يرتبط مباشرة بتعافي القطاع المصرفي.
وفي تقييمه لوضع القطاع المصرفي، أوضح الطرن أن المصارف السورية تعاني حالياً من شح في رؤوس الأموال، مشيراً إلى أن الاقتصاد السوري تاريخياً هو "اقتصاد نقدي" لا يعتمد بصورة رئيسية على العمل المصرفي.
وأضاف أن التحدي يتمثل في إحداث انتقال تدريجي من الاقتصاد النقدي إلى اقتصاد يعتاد المواطنون فيه على استخدام البنوك، والبطاقات الائتمانية، ووسائل الدفع الإلكتروني، وهو مسار يحتاج إلى وقت وجهود متراكمة.
تركيبة القطاع المصرفي وارتباطه بلبنان
وتطرق الطرن إلى تركيبة القطاع المصرفي، مشيراً إلى أن عدداً من البنوك السورية ما زال مملوكاً لمصارف لبنانية، وهو ما يعقّد المشهد، نظراً لمعاناة هذه المصارف من تداعيات الأزمة في لبنان وعدم قدرتها على تمويل المشاريع التجارية. وبيّن أن الحلول المطروحة تتمثل إما في إعادة رسملة هذه البنوك أو الدخول في عمليات اندماج واستحواذ، لافتاً إلى وجود تعليمات من البنك المركزي السوري بضرورة أخذ مخصصات كاملة للانكشاف على لبنان.
وأكد أن هناك توجهاً عاماً لتيسير عمليات الاندماج والاستحواذ في القطاع المصرفي، باعتبارها الطريق الأسرع والأكثر جذباً للمستثمرين الأجانب، مقارنة بالحصول على رخص مصرفية جديدة، والتي تخضع لإجراءات تنظيمية قد تستغرق سنة أو أكثر. واعتبر أن الاستحواذ على مصرف قائم يتيح للمستثمر ممارسة نشاطه المصرفي فور إتمام الصفقة.
اهتمام خليجي وعالمي للاستثمار في قطاع الاتصالات
وفي ما يخص قطاع الاتصالات، قال الطرن إن لدى سوريا رؤية حقيقية لإحداث نقلة نوعية في هذا القطاع، ليس محلياً فقط، بل على المستويين الإقليمي والدولي. وأوضح أن هذه الرؤية تنطلق من حق السوريين في الحصول على خدمات اتصالات بأعلى المعايير، مضيفاً: "سوريا ستصبح مركزاً رقمياً عالمياً (Global Digital Hub) بفضل رؤية قيادية واضحة، وبفضل العمل منذ اليوم الأول مع كبرى الشركات العالمية لتحويل قطاع الاتصالات السوري".
وأشار إلى وجود اهتمام خليجي وعالمي بالاستثمار في قطاع الاتصالات السوري، معرباً عن ثقته بأن الأخبار الإيجابية في هذا المجال ستظهر تباعاً.
وفي ملف الاستثمارات، ولا سيما تلك القادمة من السعودية، أكد الطرن وجود جهد فعلي للتنسيق بين الوزارات السورية المختلفة لتسهيل دخول الاستثمارات وتحويلها من أرقام وإعلانات إلى مشاريع قائمة على أرض الواقع. وقال إن المستثمرين الأجانب يشهدون بسلاسة التنسيق الحكومي، أو ما يُعرف بـ"التكامل بين الوزارات" (Cross-Ministry Alignment)، معتبراً أن غياب تضارب الصلاحيات والتوجهات هو العامل الأهم في طمأنة المستثمرين.
أكد الطرن أن ما يجري اليوم في سوريا خلال فترة زمنية قصيرة هو "أمر لافت"، مرجعاً ذلك إلى وجود "رجال دولة حقيقيين" يعملون وفق رؤية واضحة لمستقبل البلاد.
العربية
|
تعليقات الزوار
|
|
















