سوريا تطلق أكبر حزمة مشاريع صحية منذ عقد بقيمة 29 مليون دولار
الاقتصاد اليوم:
أطلقت وزارة الصحة السورية، بالتعاون مع منظمة "الأمين" الإنسانية، حزمة جديدة من المشاريع الصحية وُصفت بأنها الأضخم منذ سنوات، بقيمة إجمالية تبلغ 29 مليون دولار. في خطوة تهدف إلى توسيع الخدمات الطبية وتخفيف الضغط عن المراكز التي تعاني عجزاً مزمناً.
وتشمل الحزمة 13 مشروعاً، أبرزها تعزيز خدمات الرعاية الأولية والثانوية في سبع محافظات بقيمة ستة ملايين دولار، وتطوير خدمات الغسل الكلوي في معظم المحافظات بقيمة عشرة ملايين دولار، إضافة إلى مشاريع تخصصية تشمل جراحة القلب والقثطرة، زراعة القوقعة والقرنية، الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل، معينات السمع والبصر، مراكز النطق والدعم النفسي، علاج أورام الأطفال، وتدريب الكوادر الصحية.
وقال وزير الصحة السوري، مصعب العلي إن المشاريع "ليست مجرد أرقام، إنما جزء من خطة متكاملة لإعادة بناء القطاع الصحي بعد سنوات الحرب والعقوبات". موضحاً أن الوزارة "رممت خلال الأشهر الماضية أكثر من 40 مركزاً صحياً و13 مشفى، وافتتحت 12 مركزاً جديداً، وزودت المنشآت بـ188 جهازاً طبياً بينها محطات أكسجين"، مضيفاً أن الهدف هو أن "يجد المواطن في كل قرية ومدينة باباً مفتوحاً للأمل والعلاج".
وشدد العلي على أن الحزمة الجديدة ستعزز التشخيص والعلاج وتدعم التحول الرقمي والتكنولوجي في الخدمات الطبية، لافتاً إلى أن "سوريا ليست مجرد جغرافيا؛ بل هي إنسانها وأطباؤها وطلابها وعمالها ومبدعوها، وهم من سيعيدون للحياة الطبية عافيتها".
من جانبه، أوضح الدكتور واصل الجرك، مسؤول البرامج في منظمة "الأمين"، لـ"العربي الجديد" أن الحزمة تشمل "إنشاء مركزين صحيين جديدين، وتأسيس مركز تخصصي لغسل الكلى مجهز بأحدث المعدات، إضافة إلى تقديم خدمات العلاج الكيماوي لمرضى الأورام، وتنفيذ جراحات نوعية بولية وعصبية، وإجراء عمليات قثطرة قلبية وجراحة قلب للأطفال والبالغين، فضلاً عن تزويد مركز الأورام بثلاثة أجهزة طبية متخصصة
تحديات تواجه القطاع الصحي في سورية
رغم أهمية هذه المشاريع، يواجه القطاع الصحي في سورية تحديات معقدة، أبرزها نقص التمويل وتداعيات العقوبات الاقتصادية التي تعرقل استيراد الأدوية والتجهيزات، فضلاً عن هجرة الكوادر الطبية إلى الخارج. كما تعاني بعض المحافظات، مثل دير الزور والرقة، فجوة واضحة في الخدمات مقارنة بدمشق والمدن الكبرى، الأمر الذي يجعل التوزع العادل للمشاريع محل اختبار حقيقي.
أوضح الدكتور إبراهيم الأحمد، اختصاصي أمراض الكلى في مشفى المواساة بدمشق، أن مشروع الغسل الكلوي "يمثل بارقة أمل لآلاف المرضى الذين ينتظرون ساعات طويلة للحصول على جلسة علاجية"، لكنه حذر من أن "التجهيزات وحدها لا تكفي ما لم تُعزَّز الكوادر الطبية المدربة، خصوصاً أن كثيراً من الأطباء والممرضين غادروا البلاد في السنوات الماضية".
أما الدكتورة ليلى العيسى، وهي جرّاحة عظمية في حلب، فرأت أن المشاريع الجديدة "خطوة إيجابية، لكنها بحاجة إلى متابعة فعلية لضمان وصولها إلى المحافظات البعيدة التي تفتقر للمعدات والاختصاصيين". وأوضحت أن "مرضى الإصابات الحربية والإعاقات ما زالوا يعانون من قلة الأطراف الصناعية ومراكز إعادة التأهيل"، معتبرة أن إدراج هذا البند في الحزمة "يمكن أن يخفف الكثير من المعاناة إذا نُفذ فعلياً على الأرض".
ويخلص مراقبون إلى أن الحزمة الجديدة قد تمثل بداية لاستعادة بعض التوازن في النظام الصحي السوري، لكنها في الوقت نفسه تواجه تحديات سياسية واقتصادية وإدارية تجعل نجاحها رهناً بقدرة الحكومة والمنظمات الشريكة على تنفيذها بفاعلية وضمان وصولها إلى المواطنين في الأطراف، لا الاكتفاء بالمدن الكبرى.
العربي الجديد
|
تعليقات الزوار
|
|















