سوريا تواجه أعلى تعرفة أمريكية... الحمصي يدعو إلى حوار اقتصادي مباشر
الاقتصاد اليوم:
أعلنت واشنطن فرض تعرفة جمركية بنسبة 41% على جميع الواردات القادمة من سوريا، وهي النسبة الأعلى بين الدول المشمولة بالإجراء. ومن المقرر أن يدخل القرار حيز التنفيذ اعتباراً من 7 أغسطس/آب 2025،
لؤي الحمصي المستشار الضريبي والمالي وعضو المجلس الاستشاري لمجلس الأعمال الأمريكي السوري، بين أن استمرار فرض التعرفة الجمركية الأمريكية المرتفعة على المنتجات السورية يعود إلى مجموعة من العوامل البنيوية منها ضعف حجم التبادل التجاري الثنائي بين سوريا والولايات المتحدة، وغياب الاتفاقيات التجارية الحرة، ومحدودية الثقة بالبيئة التنظيمية السورية، إضافة إلى مبدأ "المعاملة بالمثل"، كلها عوامل تساهم في إبقاء التعرفة على حالها دون تغيير.
وبيّن الحمصي لموقع الاقتصاد اليوم، أن الميزان التجاري بين البلدين لا يشكل ثقلاً اقتصادياً كافياً لتحفيز الجانب الأمريكي على تقديم استثناءات جمركية، كما أن عدم وجود اتفاقيات تجارة حرة يحرم سوريا من الامتيازات التي تحصل عليها دول أخرى. وأضاف أن غياب الشفافية وصعوبة التحقق من الامتثال للمعايير المالية والتنظيمية الأمريكية يعيق التعاون الجمركي، ويضعف فرص بناء شراكات تجارية مستدامة. أما مبدأ المعاملة بالمثل، فيُنظر من خلاله إلى مستوى التعرفة السورية المفروضة على المنتجات الأمريكية كعامل مؤثر في صياغة التعرفة الأمريكية المقابلة.

وفيما يتعلق بالتأثير الاقتصادي على سوريا، أشار الحمصي إلى أن القرار لا يشكل تهديداً مباشراً في الوقت الراهن نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، إلا أن تداعياته تظهر بوضوح في تعطيل إمكانات النمو طويل الأمد، خاصة في ما يتعلق بتوسيع القاعدة التصديرية السورية نحو السوق الأمريكي، الذي يُعد من أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم. ولفت إلى أن التعرفة المرتفعة تشكل حاجزاً فعلياً أمام المصنعين السوريين، إذ أن عبء الرسوم ينتقل إلى المستورد الأمريكي، ما يجعل المنتجات السورية غير تنافسية. كما أن الواردات الأمريكية إلى سوريا تخضع مسبقاً لتعريفات مرتفعة، ما يحد من إمكانية الاستفادة من التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة، خصوصاً في قطاعات حيوية مثل الطيران والطب والتقنيات الزراعية.
وأكد الحمصي أن تجاوز هذا الواقع يتطلب مقاربة ذكية ومتدرجة تقودها وزارة الاقتصاد السورية، تبدأ بفتح قناة حوار مباشر مع الجانب الأمريكي، وتشمل مراجعة التعرفات الجمركية الثنائية، وبناء إطار قانوني يسمح باستثناء بعض القطاعات من التعرفة المرتفعة، وفتح المجال أمام استيراد معدات وتقنيات ضرورية لمرحلة التعافي الاقتصادي.
إشارة تحذير تستدعي تحركاً
وفي سياق متصل، شدد الحمصي على أن مجلس الأعمال الأمريكي السوري يعمل منذ تأسيسه على تقليص الفجوة التنظيمية والمالية بين السوقين السوري والأمريكي، وقد حقق خطوات ملموسة في هذا الاتجاه، منها تنظيم طاولة مستديرة جمعت كبرى المصارف السورية والأمريكية، بحضور حاكم مصرف سوريا المركزي وسفير الولايات المتحدة السيد توم براك، حيث تم عرض السياسات السورية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. كما عقد المجلس ندوة اقتصادية في يوليو 2025، بمشاركة معالي وزير الإقتصاد والصناعة الدكتور نضال الشعار ومعالي وزير الاتصالات والتقانة عبد السلام هيكل عبر الاتصال المرئي وكبار رجال الأعمال السوريين ومسؤولون من وزارات الخزانة والخارجية والتجارة الأمريكية، حيث تم عرض الفرص الاستثمارية وقوانين التملك والتشغيل الجديدة.
واختتم الحمصي تصريحه بالتأكيد على التزام المجلس بالعمل مع وزارة الاقتصاد السورية وغرف الصناعة والتجارة لتفعيل حوار تقني ومهني مع الجهات الأمريكية ذات العلاقة، ورفع قيمة التبادل التجاري، وتعزيز التكامل الاقتصادي، وصياغة حلول عادلة لتعريفات جمركية متوازنة تخدم المنتج السوري والمستهلك الأمريكي، ودعم دخول المستثمر الأمريكي إلى السوق السورية، بالتوازي مع دعم صادرات سورية نوعية إلى السوق الأمريكي. واعتبر أن القرار الجمركي الأمريكي يجب أن يُنظر إليه كإشارة تحذير تستدعي تحركاً مؤسسياً مرناً يعيد تموضع سوريا ضمن المشهد التجاري الدولي.
الاقتصاد اليوم
|
تعليقات الزوار
|
|















