الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

صحفيون على موائد اللئام

الاقتصاد اليوم:

أسهل ما يمكن أن يقوم به الناس تجاه موضوع حصولهم على المعلومة الصحيحة والمفيدة والحقيقية، هو لوم الإعلام، الإعلام كاملاً بكل ما فيه ومن فيه ومهما كان أداؤه، وربما لا يُلام الناس في ذلك، لأنهم غير مطلعين على ما يجري في البيت الإعلامي الداخلي، ولا على عذابات الصحفيين في الحصول على المعلومة، عذابات بمعنى الكلمة وليس في المصطلح أي مبالغة.

أعرف أننا تحدثنا كثيراً عن هذا الموضوع، بل ربما صدعنا رؤوس الناس به، وهم غير مضطرين لسماعه، لكننا نحاول أن نشرح ما يبدو أنه تقصيرٌ منّا، لأنه حقيقة ليس كذلك أبداً، بل إن أكثر المتضررين مما يجري هو الصحفي الذي بالنهاية سيذيّل المادة باسمه حتى لو كانت ناقصة معلومة أو فكرة.

ما يجري في الشهور الأخيرة من ناحية حصول الصحفي على المعلومة أصبح غير معقول ولا مقبول، ولا يخضع لأبسط قواعد منطق العمل، ولا لأبسط أنواع المجاملة التي من المفروض ألا تنقطع بين زملاء المهنة الواحدة. فقد أصبح الحصول على المعلومة بوقتها من عدد كبير من الوزارات حلماً، والقصد من مصطلح «بوقتها» هو عدم إنكار إمكانية الحصول على المعلومة، لكن ربما بعد أيام، أسابيع، أي بعد أن تفقد المعلومة قيمتها، والخبر طزاجته، والصحفي رغبته بإنجاز المادة من أساسها، والمتلقي حاجته لمعرفتها.

يحاججنا بعض مديري المكاتب الصحفية والمسؤولين الذين نحاول التواصل معهم بأننا لحوحون جداً، ونظن بألا عمل للمسؤول سوى الرد على الصحفيين، فنقبل بهذه الحجة الغريبة على مضض، ونضطر إلى المسايرة، وإلى الاعتذار على ذنب لم نقترفه، والإيضاح أن لدينا نحن أيضاً إدارات تطالبنا بإنجاز عملنا الذي يفرض علينا أن نكون «لحوحين»، ومن ثم نقبل ولو بمئة كلمة من المسؤول، ثم نضع لها خلفية من كلام سابق، ومن خبير، ومن مسؤول سابق.. كل هذا فقط لننتج مادة صحفية قابلة للقراءة، وأحياناً وبكل صراحة غير قابلة، والسبب ليس كسل الصحفي أو استسهاله – رغم أن هناك من يستسهل ويتكاسل – وإنما لأن هذا ما حصلنا عليه واستطعنا إنجازه وبمنتهى الصعوبة والممنونية أيضاً.

أما الآن، فانسوا كل ما سبق، واستعدوا لمفاجأة عام 2022 التي نستطيع أن نقول عنها سابقة في عالم الصحافة والإعلام والوزارات والمنطق والذوق العام والخاص:

تم تكليف محررة إنجاز مادة حول موضوع معين، وطُلب منها أن تتواصل مع أحد المكاتب الصحفية للحصول على المعلومة الدقيقة، وعلى وجهة نظر هذه الجهة الرسمية تجاه هذا الموضوع، وهذا نظام متبع في كل عملنا لأن المهنية تقتضي عرض وجهات نظر الجميع. فقامت الصحفية بالاتصال بمدير/ة المكتب الصحفي في الوزارة المعنية، لتفاجأ بأن الخط مشغول فترة طويلة، فلجأت إلى برنامج (الواتس آب) الذي نستخدمه كثيراً في عملنا، لتفاجأ أيضاً بأن رسائلها لا تصل.

في البداية رفضت عقولنا تصديق أن يقوم/ تقوم مدير/ة مكتب صحفي بحظر صحفي دون سبب شخصي، وطُلب من الصحفية إعادة المحاولة، لكن النتيجة كانت نفسها، فاتصلنا بالمدير/ة من رقم آخر فرن الهاتف وتمت الإجابة، وتأكدنا أنه تم حظر الصحفية! واضطررنا للتحايل على الموضوع والاستعانة بمصدر آخر للحصول على تعليق على المعلومة وليس على المعلومة.

نعم، هذا بعض ما يحصل معنا، وبعض ما يفعله بنا «زملاؤنا»، مع أننا – للأمانة – لم نصل إلى مرحلة الحظر ولا مرة قبل هذه السابقة المضحكة المبكية.

صدقاً ودون مبالغة، هذه الحادثة التي قد يراها البعض صغيرة ولا تستحق التعجب من باب أنها متسقة مع كل ما يجري دون تفسير مقنع، إلا أنها مؤشر خطير ومُؤلم، لأنه إن كان مدير/ة مكتب صحفي يستطيع تحويل وزارة كاملة إلى «دكّان» يتعامل فيه وفق مزاجه، فماذا يستطيع أن يفعل بنا من هم في موقع أكبر؟

 

الوطن

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك