الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

طمئنونا عن وزير الاقتصاد

الاقتصاد اليوم:

عاد وزير الاقتصاد بعدما كادت تفتك الشكوك بنا حيال قدرته على حمل «بطيختين» مذ استعرض عقلنة الدعم «منحوتته الشهيرة وبطيخته الأولى» في أول إطلالة إعلامية له بعد تسلمه الحقيبة، لا بل في مرحلة ما من غيابه، تعاظم الاشتباه بأن المنعكسات الاجتماعية الداهمة لـ«العقلنة اللطيفة وبطيخته الثانية» التي طوقت حياته مؤخرا، ساقت في طريقها طلاقا سريعا مع «عقلنة الدعم» التي قدمها كممر حتمي لتفكيك المنعكسات الاجتماعية متزايدة الخطورة لتردي الإنتاج الوطني؟!
لا بأس، ها قد بدد الرجل في مؤتمره الصحفي نهاية الأسبوع الماضي كل تشكيك حيال تبدله المفترض، إلا أن ما اكتنف خطابه من لمحات جديدة لم تلبث أن أيقظت شكوكا أخرى!

من حيث الشكل، بدا الوزير مستسلماً للسردية الحكومية حول أسباب التردي المعيشي المتزايد، ومرجفاً في إيمانه حيال وظيفة «عقلنة الدعم»! أما في الجوهر، فلا يسع المرء تجاهل التبدل في مسوغاته «للعقلنة» التي كانت «أيام الوزير السابق» ضرورة لاستنهاض الإنتاج والتشغيل، وها هي تتحول اليوم سبيلا قهريا لتعبئة المجهود الحربي!!.. في الواقع، ورغم أن قصة المجهود الحربي «بدعة» ابتدعتها الحكومة خلال «غيبته المؤقتة» كتبرير «دوغمائي» لفشلها الاقتصادي، فإن استسلامه لعدواها «عقب ظهوره» إنما يثير التساؤل حول إذا ما كان الأمر إعلانا صريحا عن إخفاق «عقلنته» أيضا؟!

تحت السقف البيروقراطي، يمكن للمرء توقع أسباب التبدل الملحوظ بين خطابي الوزير: قديمه وجديده، أما اقتصاديا، فثمة تفسير صريح وحيد للأمر، مختصره: نعم لقد فشلت «العقلنة» في استعادة سلاسل الإنتاج.. هذا أمر يقودنا تلقائياً لتفنيد التهمة التي انهمك الوزير «الجديد» بإلصاقها في ظهر «انسداد المنافذ الحدودية» موحيا بأننا: «نجحنا في الإنتاج، وفشلنا في تصديره»!
وفق بيانات تجارتنا الخارجية، ثمة ما يفيد بأن غلق المنافذ ليس بذي علاقة بنجاح أو إخفاق ثنائية «عقلنة الدعم/ استنهاض الإنتاج»، فمن جهة لم يطرأ تغير يذكر على تدفق المعروض السلعي المحلي، كما أن ميزان التجارة الخارجية «من جهة أخرى» شهد نموا للصادرات يقارب «63%» على أساس ربعي.. لكن للأسف، فهذا النمو يترجم نقديا زيادة 42 مليار ليرة فقط في حجم الصادرات «معظمها مواد أولية»، ما يعني في مجمله بأن التصدير ممكن رغم غلق المنافذ، لكن إنتاجنا هو الذي لم يتبدل مذ أعلنا عن «عقلنة الدعم» لاستنهاضه، وحتى الآن!

بالطبع ليس وزير الاقتصاد وحده المتهم بتردي الإنتاج.. الحكومة كلها كذلك، في الواقع، فإن المثير للحيرة هو مصدر تفاؤلنا بتحسنه وما زلنا «مثلاً» نستورد إسمنتا بمئات ملايين الدولارات بينما معاملنا تعمل بربع طاقتها لأسباب واهية!.. ما مصدر تفاؤلنا وما زلنا نراوغ في إطلاق المشاريع الصغيرة والمتوسطة لأسباب غير مقنعة أبداً!.. وما زلنا نمنع القروض التشغيلية عن طالبيها «هل يجرؤ أحد على التصريح عما منحته المصارف منها»!.. وما زلنا نستمع «بخشوع» لشريط شكاوى الصناعيين المستمر حول المازوت!.. وما زالت الاستثمارات الوطنية تفر إلى الجوار لأسباب «بيئية» أحياناً؟؟!!

استعادة الإنتاج قدر لا فكاك منه لرأب الثغرات المعيشية ولدعم المجهود الحربي.. كلام قديم لوزير الاقتصاد لا يزال صالحا لكل زمان.. الحكومة الحالية لا تريد ذلك؟!…. إذا، طمئنونا عن وزير اقتصادنا القديم.

علي هاشم

المصدر: صحيفة "الوطن" المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك