الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

عجز (الراتب) يموّل (الخزينة)..!!

الاقتصاد اليوم:

سؤال مشروع: هل هناك عبارة فقدت محتواها خلال سنوات الحرب على سورية كعبارة «تحسين المستوى المعيشي للمواطنين»؟
لا أظن ذلك أبداً، ففي كل لقاء أو مناسبة أو اجتماع حكومي تقفز هذه العبارة من لسان المسؤولين بشكلها العفوي والفطري، من دون أي حرف زائد أو ناقص. ولا يكاد يخلو أي خبر حكومي رسمي من مانشيت عريض يذكّر بتلك العبارة، حتى بتنا نتوقعها قبل بدء تحرك شفاه أي مسؤول حكومي أمام «المكرفون».

وما دامت الرياضيات هي لغة المنطق، وغيرها؛ أحاديث وقصص مروية هدفها التشويق فقط، نقول للحكومة إن إنجازها الحقيقي يكون عندما تستطيع تحقيق الوفر مع تحسين المستوى المعيشي للمواطن، هذا في الأوقات العادية، أما في زمن الحرب، فيكون إنجازها حقيقياً عندما تحافظ على مستوى عجز مقبول في الموازنة دون تخفيض ملموس في المستوى المعيشي للمواطن.

وهنا، هل تعلم الحكومة أن أرقام موازناتها التقديرية على مدى سنوات الحرب غير مهمة محاسبياً، لأنها ليست غاية بحد ذاتها، وإنما المهمّ هو الأثر الإيجابي لتلك الأرقام «الصمّاء» في استقرار الاقتصاد ومستوى معيشة المواطن.

وهل تعلم أن المحافظة على العجز المحاسبي في نطاق 20 بالمئة، لا يهم بالمنطق الاقتصادي، على حين المهمّ كيف أثر استقرار هذا العجز في حياة المواطنين وعلاقاتهم بالحكومة وببعضهم؟ والأكثر أهمية من ذلك كيف تمكنت الحكومة من المحافظة على استقرار معدل عجز مقبول في زمن الحرب؟ وعلى حساب من؟.

هذا ما يجب على الحكومة أن تجيب عنه رياضياً، وليس بالقصص المروية، علماً بأن الأجوبة واضحة للاقتصاديين الموضوعيين، بشهادة الواقع المعيشي ومعدلات زيادة الفقر في البلد والانخفاض المخجل لقيمة قوة العمل التي لم تعد كافية على تأمين أبسط مستلزمات المعيشة.

فجزء مهم من الإيرادات الجارية التي قلصت من مستوى العجز المفترض، ما هي إلا انخفاضات متتالية في مستوى الدعم الذي تقدمه الحكومة للمواطنين، وناجم عن إيرادات الفروقات السعرية نتيجة عملية «عقلنة» للدعم والتكلفة الحقيقية للسلع والمواد التموينية مراعاةً للأثر الحقيقي للسوق في الاقتصاد، ومسايرة التضخم، إلا قوة العمل، فمستثناة من هذه «الإصلاحات السعرية» ومعرضة للضغط اليومي للتضخم، حتى انخفض الدخل الحقيقي إلى أكثر من 80 بالمئة خلال الحرب رغم الزيادات المتكررة في الدخل النقدي، وهذا الانخفاض كان ولا يزال مصدراً رئيسياً لتمويل عجز الموازنة بصورة أو بأخرى.

لذا، لو حرصت الحكومة على تحسين مستوى معيشة المواطن، فلتفكر بأساليب علمية لإصلاح الخلل في موازنتها العامة، لكونها الأداة المالية التنفيذية لسياسات وطموحات الدولة والمجتمع.

علي نزار الآغا

المصدر: صحيفة "الوطن"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك