الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

عدم توفر المازوت (يقتل) الموسم الزراعي!

الاقتصاد اليوم:

بعد إتمام الأزمة لعامها السادس، تتبلور أكثر حجم “الندبات” التي تركتها الأزمة على “جسد” القطاع الزراعي، فمن جهة تشير التقديرات إلى استنزاف وتدهور الموارد وتأثر البنى التحتية الزراعية بنسبة 20 %، إلى تراجع بالمساحات المزروعة بنحو 30 %، والأمر كذلك بالنسبة للإنتاج الزراعي الذي تقلص بأكثر من 35 %.

وبالعموم تكشف التقديرات أن خسارة القطاع الزراعي ككل وصلت إلى أكثر من260 مليار ليرة سورية.

وللأسف، هذا الرقم قابل للزيادة اليوم إذا ما استمر نقص مادة المازوت، وتحديداً للمساحات المروية، التي تراجعت سابقاً بفعل تراكم سنوات الجفاف، وما أدى إليه ذلك من نتائج سلبية على إنتاج المحصولات الزراعية، ولاسيما الاستراتيجية منها. ويصبح دق ناقوس الخطر أمراً واجباً إذا علمنا أن المساحات المروية على الآبار لهذا الموسم تبلغ نحو 781 ألف هكتار.

مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة عبد المعين قضماني، قال في حديث خاص لـ”الأيام”: إن موسم العام الماضي كان مقبولاً، وخاصة في محافظة الحسكة نتيجة الهطولات المطرية الجيدة، في حين كان هناك انحباس بالأمطار في بقية المحافظات وخرجت العديد من المساحات التي زرعت للرعي لكون النباتات لم تكمل طورها الفيزيولوجي.

وأضاف قضماني: هناك تخوف من موسم العام الحالي، وخاصة للمساحات المروية إذا لم يتوفر المازوت من جهة، ومن جهة أخرى إذا لم يكن هناك هطولات مطرية وخاصة خلال الأسبوع الثالث من آذار، وتحديداً لموسم القمح الذي يعتمد قسم كبير منه على السقاية.

متوقعاً أن تكون نسبة تراجع إنتاج المواسم الزراعية خلال هذا الموسم نتيجة نقص مادة المازوت وعدم كفاية الهطولات المطرية إلى أكثر من 30 % بالنسبة للمساحات المروية التي تعتمد على الضخ والآبار.

وأفاد قضماني بأن الخطة الزراعية كتخطيط لا تميز بين منطقة وأخرى حتى لو كانت في منطقة ساخنة، فمثلاً المخطط لمحافظة الرقة هو زراعة 194 ألف هكتار قمح مروي، نفذ منها 90 ألف هكتار هذا الموسم، والبعل منه 56 ألف هكتار نفذ منه 45 ألف هكتار، وفي محافظة دير الزور المروي من القمح 103 آلاف هكتار نفذ حتى الآن 50 ألف هكتار.

واللافت، كما يؤكد قضماني، أن تنفيذ الخطة الزراعية خلال سنوات الأزمة كان بنسبة تصل إلى أكثر من 90 %، كما أن كلاً من محافظات الرقة والحسكة ودير الزور وحلب أنتجت خلال الأزمة من القمح 80 % من إنتاج سورية، بالرغم من كونها خارج السيطرة.

الاتحاد العام للفلاحين، كانت له مقاربة أخرى لجهة تأثير نقص مادة المازوت، حيث توقع أن تكون نسبة تراجع الإنتاج للموسم الزراعي الحالي ما يقرب من الـ 45 %، وحسب مدير الشؤون الزراعية في الاتحاد محمد حمود الخليف، فإن أكثر المساحات المروية في المحافظات تسقى بالآبار العاملة على الديزل،

وبالتالي فإن محركاتها بحاجة لكميات كبيرة من المحروقات وهي غير متوافرة ولا سيما في المنطقة الشرقية وتحديداً الحسكة، فالمحروقات المصنعة محلياً في تلك المناطق ومنها محافظة الحسكة لها انعكاس سلبي على المحركات، نتيجة عدم جودتها، ما يسبب أعطالاً كثيرة مع عرقلة عمليات السقي.

يتابع الخليف في حديثه لـ”الأيام”: المساحات التي زرعت مع بداية الموسم ستنخفض للنصف نتيجة عدم كفاية المحروقات، والأمر الآخر أن تأثير نقص مادة المازوت لن ينعكس فقط على المحصولات الاستراتيجية مثل القمح والقطن والشعير وإنما سيلحق بالخضروات المكشوفة التي تعتمد على السقاية، إضافة للبيوت البلاستيكية في الساحل التي تعتمد على المازوت،

فضلاً عن الطاقة الكهربائية التي تعتمد على الفيول والديزل، ما سيؤدي لتقلص بنسبة البيوت التي يتم استثمارها.

وذكر أن هناك دراسة يقوم بها الاتحاد بهدف التشجيع على الزراعة، وخاصة للمحصولات الاستراتيجية، وذلك من خلال إعداد تكلفة معقولة تعود بالنفع على الفلاح بحيث يكون سعر كيلو القمح المباع من الفلاح إلى الدولة 175 ليرة،

علماً أنه في العام الماضي كان بـ100 ليرة وسعر كيلو الشعير بـ140 ليرة وكيلو القطن بـ265 ليرة، خاصة أن المساحات المتعلقة بزراعة القطن تراجعت من 57 ألف هكتار إلى 7 آلاف هكتار.

يذكر أن المساحات التي نفذت لزراعة محصول القمح بلغت 61 % وبالتالي فإن الإنتاج انخفض 40 %.

من جانبه، كان رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو متفائلاً على غير العادة، محملاً مسؤولية نقص المازوت إلى تداعيات الحرب والظروف القاسية التي نعيشها وصعوبة تأمين حوامل الطاقة.

وأضاف كشتو في تصريح لـ”الأيام”: إن الإجراء الأخير، والذي سمح بموجبه بالسماح للقطاع الخاص بإستيراد المازوت براً، سيسهم بدعم مستلزمات العملية الإنتاجية ومنها الزراعة، مشيراً إلى أنه قرار سليم لكنه ليس سهل التطبيق.

ورأى كشتو أن النسبة التي قدرها كل من اتحاد الفلاحين ووزارة الزراعة والمتعلقة بتراجع الإنتاج خلال الموسم الزراعي الحالي نتيجة نقص حوامل الطاقة، وتحديداً المازوت، كلها افتراضية،

وربما تكون أقل من ذلك في حال جاءت هطولات مطرية تكميلية في آذار ونيسان وأيار، إضافة إلى عودة معمل غاز حيان للعمل الذي من شأنه أن يقلل تلك المخاوف لتأمين حوامل الطاقة.

وبدا كشتو واثقاً من أن موسم العام الحالي سيكون أفضل من سابقه مع الهطولات المطرية السابقة.

 بالمحصلة نقول: إن الأشهر القليلة القادمة كفيلة بكشف مدى تأثر الموسم الزراعي الحالي من نقص مادة المازوت، والذي سيؤدي بدوره لزيادة بأسعار المواد الغذائية نتيجة قلة الإنتاج، فعدم توفر المازوت كارتفاع سعره سيكون كارثياً على الفلاح والمستهلك.

المصدر ” جريدة الأيام

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك