الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

في الجامعات السورية 1100 بحث علمي لم تستثمر!

الاقتصاد اليوم:

 ربما ليس من الحكمة أن نكرر التساؤلات حول وجود بحث علمي في سورية أو عدم وجوده؟ لأن ذلك يعتبر نوعاً من التجني على جهود الباحثين والمراكز البحثية، ولكن من الطبيعي أمام الحاجة الملحة لتطوير البحث العلمي ومضاعفته في ظل ما أفرزته الأزمة من مشكلات متنوعة أن نتساءل عن سوية البحث العلمي الموجودة لدينا في سورية،

 ولماذا لا تزال دون الطموح؟ وما مصير الأبحاث المتفوقة؟ وأين تذهب مئات الأبحاث التي تنجز سنوياً؟ وما التحديات التي تمنع وجود استراتيجية واضحة تربط مخرجات البحث العلمي بسوق العمل؟‏

 ضمن هذا السياق أكد الدكتور حسن حبيب مدير البحث العلمي في وزارة التعليم العالي أن البحث العلمي في سورية قائم، ولا نعاني من عدم وجوده، وهناك إمكانيات تتعلق بالأسس الثلاثة التي يقوم عليها البحث العلمي، فالمادة البحثية متوافرة وما أكثرها لدينا في كافة الجوانب، والباحثون موجودون مع تنوع علمي وفكري واسع، والبنية التحتية المتمثلة بالجامعات والمراكز البحثية تفي بالغرض إلى حد ما. إلا أن المشكلة ترتبط بالإجراءات الروتينية التي تتبعها بعض الإدارات المعنية بهدف تحقيق منفعة شخصية، وبغياب الدعم النوعي والمعنوي والمادي، وعدم تحفيز وتشجيع الباحثين من خلال إرسالهم لحضور المؤتمرات العلمية والسفر والمكافآت وغيرها من أمور تعين الباحث على تقديم أفضل ما لديه، بعيداً عن الاعتبارات الخاصة مثل الحاجة إلى الترفيع أو الكسب المادي، بالإضافة إلى وجود بعض القوانين التي تعرقل الاستفادة من البحث العلمي، وعدم وجود استراتيجية واضحة للعمل البحثي لدرجة أن بعض المراكز البحثية لا تدري ماذا يجري في المراكز الأخرى.‏

حديث الأرقام‏

عندما تتحدث الأرقام تتضح الحقائق، فقد أشارت قاعدة البيانات التي أعدتها مديرية البحث العلمي في الوزارة منذ عام الـ 2013 حتى هذه اللحظة إلى وجود 17 ألف رسالة ماجستير وتم تسجيل نحو 14000 رسالة ماجستير ودكتوراه، بالإضافة إلى 1100 بحث علمي لأعضاء الهيئة التدريسية، وقد وصل عدد طلاب الدراسات العليا للعام الدراسي 2013 - 2014 إلى 8825 طالباً وطالبة، وفي عام 2015 - 2016 وصل العدد إلى 18314 طالباً وطالبة، وبالتالي لو كانت هذه الرسائل أو نتائج الأبحاث تستثمر، أو كانت بسوية علمية متفوقة نسبياً لكان هذا الكم الكبير من الأبحاث خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة يؤدي إلى ثورة على طريق البحث العلمي.‏

85 ٪ منها للجامعات‏

وتحدث الدكتور حبيب حول الدور الرئيسي للدراسات العليا في إنتاج البحث العلمي، فجميع دول العالم تعتمد في تطوير مشاريعها وإنتاجها على أبحاث الدراسات العليا، وهو أمر غير موجود لدينا فنحن لا نستثمر هذه الأبحاث، وهناك عدم ثقة أو تواصل فعلي بين القطاع البحثي المتمثل بشكل رئيسي بالجامعات وهي تشكل 85% من القطاع البحثي بالإضافة إلى المراكز البحثية الأخرى، وبين القطاع الخدمي أو المنتج، مبيناً أن الحكومة تتحمل جزءاً من هذه المسؤولية.‏

غياب كامل للقطاع الخاص‏

يعتبر البحث العلمي قاطرة التنمية في المجتمعات نظراً للآثار الإيجابية التي يعكسها على القطاعات الإنتاجية والخدمية حيث يقاس تقدم الأمم بما تنفقه علي البحث العلمي، فعلى الرغم من التوجه نحو التشاركية بين المراكز البحثية والقطاع الخاص، وضرورة العمل على إقامة مشاريع بحثية مشتركة تستخدم كمشاريع دليليه، وفي حل بعض المشكلات وتطوير الإنتاج، إلا أن عزوف القطاع الخاص عن التعامل مع الجهات البحثية وعدم الإيمان أو الثقة بجدوى البحث العلمي في دعم الإنتاج وتطويره، وعدم مشاركته في عملية إدارة البحث العلمي يعتبر أحد المعوقات المهمة أمام البحث العلمي في سورية، وقد بين مدير البحث العلمي أهمية هذا الجانب من خلال قيمة الإنفاق، حيث يقوم القطاع الخاص في الدول المتقدمة بالإنفاق على البحث العلمي بسخاء، وقد تصل نسبة هذا الإنفاق في بعض الدول إلى 85%. في حين نجد أن الإنفاق الحكومي على البحث العلمي في سورية كنسبة مئوية من الناتج القومي الإجمالي هو 0.2% وبمقارنته ببعض الدول نجد أنه في حدوده الدنيا، في حين لا يوجد أي إنفاق من قبل القطاع الخاص على البحث العلمي، ولا يوجد أي حضور حتى الآن للجامعات الخاصة، فعلى الرغم من أن البحث العلمي في سورية في متناول الجامعات العامة والخاصة وعلى مستوى القطر، لكن حتى الآن لم يأتِ شيء من هذه الجامعات.‏

الحلقة المفقودة‏

في كل أشكال البحث، يحتاج الباحثون إلى المال والمعامل والتجريب، ويعد التمويل عقبةً هائلةً تؤثر على كم ونوعية الأبحاث، كما يعتبر غياب استراتيجية بحثية ترتبط باستراتيجية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة معوقاً مهماً في وجه تطور البحث العلمي، وعدم وجود جهاز تخطيط وتنسيق يدفع بالأبحاث الجيدة إلى ميدان التطبيق، وعدم وجود تنسيق بين المؤسسات العلمية، وعدم ربط البحث العلمي بحاجات المجتمع، جعل أمام هذه المسيرة حلقة مفقودة يصعب إيجادها إذا لم يكن هناك استثمار لمخرجات البحث العلمي والاستفادة منها في القطاعات الإنتاجية، وإذا لم يبرز دور الشركات ورجال الأعمال والمؤسسات لتمويل الأبحاث والاعتماد عليها في تطوير ما لديهم، يقول الدكتور حسن حبيب أنه من الطبيعي والمنطقي أن تتوجه هذه الأبحاث نحو الاستثمار فعلى سبيل المثال عندما يكون لدينا بحث عن الشوندر السكري أو استخدام مخرجات معاصر الزيتون في الزراعة بدلاً من رميها في النفايات، أليس من المهم الاستفادة منها وتطبيقها واطلاع المزارعين والمراكز الإرشادية عليها، هذا هو الشيء الطبيعي في جميع دول العالم، ولكن هذه الحلقة لا تزال ضعيفة لدينا إذا لم تكن مفقودة، ويكفي أن نشير إلة أن الاستفادة من البحث العلمي المحلي، لن تتجاوز تكلفته 10% من تكلفة إحضار خبير خارجي من أمريكا أو الدول الغربية.‏

الخطة الجديدة والأولويات‏

حول الخطة الجديدة وما تم الحديث حوله مؤخرا من إيجاد إستراتيجية يقول حبيب: نحن كمديرية ليس لدينا فكرة كاملة حول الإستراتيجية لان ذلك مرهون بالمجالس البحثية في الجامعات وفي الهيئة العليا للبحث العلمي ولكن المطلوب حاليا ويتم التوجيه إليه هو الأبحاث التي تعالج المشاكل التي أفرزتها الأزمة سوء كانت في إعادة الإعمار وبخاصة بناء الإنسان وتأهيله، فهناك أكثر من جيل عاش الأزمة وبحاجة إلى إعادة تأهيل.‏

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك