الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

في دمشق..الفساد يطول القبور !

الاقتصاد اليوم:

لم يكتفِ أصحاب النفوس الضعيفة بالاحتيال والنصب على الأحياء، بل وصل بهم التمادي حتى على الأموات من خلال “تجار القبور” واستغلال حالة ذوي المتوفى عبر طرق ملتوية يشترك فيها أشخاص من مكتب الدفن الذي من مهامه الأساسية تسيير جميع أمور المواطنين وإتمام إجراءات الدفن أصولاً، لكن هناك سيناريوهات تُحاك من أجل كسب المال وارتكاب مخالفات، والالتفاف على القوانين ضاربين بعرض الحائط كل القيم والأخلاق، فمن يسمع بعض القصص يجد نفسه أمام أفلام “هوليودية”، حيث كان لنا نصيب منها بعد زيارتنا مكتب الدفن في دمشق والاستماع من المواطنين عن معاناتهم واستغلال وضعهم وتشتت أفكارهم، إذ إن همّهم الوحيد إتمام عملية الدفن بأسرع وقت ممكن، وينطبق عليهم المثل العامي “فوق الموت عصة قبر”.

مشيرين إلى أصحاب مكاتب السمسرة الذين يعرضون خدماتهم مقابل مبالغ كبيرة، مستغلين توتر المواطن أثناء الواقعة، علماً أن هذه المكاتب رخصها القانونية لحجز الصالات وطبع النعوات وتحضير مستلزمات العزاء فقط، ولا يحقّ لها التدخل في أي عمل آخر، حسب كلام مدير مكتب الدفن المهندس محمد حمامية الذي أبدى تعاوناً ملحوظاً معنا، مؤكداً أن المحافظة تعمل جاهدةً لقطع الطريق على هؤلاء السماسرة من خلال تطوير وتحديث عمل المكتب، مستغرباً لجوء المواطن إلى السماسرة وخاصة أن المكتب متكفل بكل مستلزمات الدفن من أولها إلى آخرها، إلا أن البعض من المواطنين يجهلون هذه المعلومة!.

حديثنا مع المهندس حمامية اتسم بالشفافية، حيث نقلنا له هموم وشكاوى المواطنين الذي رغبوا  إيصال أوجاعهم إلى المسؤولين، متهمين القائمين على مكتب الدفن بعدم التقيّد بالقوانين، مع رفض المكتب تنفيذ الأحكام القانونية القضائية القطعية، حيث يتماهى مع رأيهم عضو مجلس محافظة دمشق محمد الحنون الذي لفت إلى أن مدير مكتب الدفن يقوم بتحويل الأحكام القضائية التي تثبت ملكية القبر إلى أصحابها إلى الرقابة الداخلية، إضافة إلى فصل أحد عمال المكتب من دون وجه حق، علماً أنه عضو لجنة نقابية وهذا مخالف للقوانين، إلا أن مدير مكتب الدفن نفى هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً، ملمحاً إلى وجود مصالح شخصية من قبل البعض والتي ستتضرر من تطبيق القوانين بحزم.

وأكد حمامية أنه لم يتمّ إيقاف أي حكم قضائي قطعي أصولاً، إلا أن بعض الأحكام تمّت بناء عن معلومات غير دقيقة من القائمين عن المكتب سابقاً، وخاصة في موضوع تخصيص القبر الذي يستلزم موافقة المحافظة حصرياً.

ولم يخفِ حمامية وجود تجاوزات ومخالفات سابقة، مستعرضاً بعض الأمثلة وكيفية التلاعب والاحتيال على القوانين من قبل أصحاب النفوس الضعيفة بمشاركة الحفارين الذين كانوا يلعبون دوراً بارزاً، أي اللاعب الأساسي في عملية التزوير وقلب الحقائق وبيع قبور، بالاشتراك مع القائمين السابقين بحفر وتجهيز قبور بأرقام جديدة وتثبيتها وبيعها بشكل مخالف من دون موافقات رسمية وأهمها موافقة المحافظة، حيث تمّ كشف هذه التجاوزات من خلال التدقيق بأرقام القبور ومتابعة المواطنين من أجل الدفن، مما استدعى من المحافظة إحالة المرتكبين إلى القضاء ومحاسبتهم أصولاً.

وكشف حمامية عن تفعيل النافذة الواحدة في المكتب قريباً، ما سيخفّف المعاناة عن المواطنين وقطع كل الطرق على السماسرة، إضافة إلى ربط برنامج الأتمتة مع المحافظة مركزياً، حفاظاً على سلامة المعلومات وعدم التجاوزات، علماً أن برنامج الأتمتة كان مفعلاً، مستغرباً عدم استخدامه سابقاً.

وحول تجاوزات بعض الموظفين لفت حمامية إلى أنه تمّ نقل عدد من الموظفين المخالفين مع محاسبتهم على تجاوزاتهم المرتكبة، موضحاً أنه لم يتمّ فصل العامل الموما إليه في الشكوى، لكن تمّ نقله إلى مديرية أخرى لرفضه تنفيذ المهام الموكلة إليه.

وحول تكاليف مراسم الدفن بيّن حمامية أن المواطن الذي لديه قبر يدفع 16500ليرة لتجهيز القبر من الأسفل إلى سطح الأرض، علماً أن الحفار لا علاقة له بالمكتب إلا من ناحية قبض مستحقاته وهي عبارة عن وصل بقيمة 2500ليرة، مطمئناً المواطنين بأنه سيتمّ ربط كل الأمور المالية والأوراق اللازمة أثناء عملية الدفن بالنافذة الواحدة، مما يسهّل ويخفّف من أعباء ووقت المواطن، إضافة إلى أنه سيتمّ تجهيز موقع إلكتروني خاص للمكتب لتسهيل الخدمات وتوضيح كل المطلوب كي لا يتمّ استغلال المواطن من قبل السماسرة، مع إمكانية إرسال شكاوى على الموقع ليتمّ معالجتها وحلها فوراً.

البعث

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك