الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

في سورية..عبوات دوائية مجهولة المصدر تتصدّر واجهات بعض الصيدليات

الاقتصاد اليوم:

لم تعُد تقتصر مخالفات صيادلتنا على استئجار مالك الصيدلية للشهادة العلمية، وامتناع بعضهم عن بيع بعض الأصناف الدوائية بحجة عدم توفرها بغية تخزينها وبيعها في قادمات الأيام بسعر مرتفع، وعلى تركيز بعضهم الآخر على المستحضرات التجميلية التي لا تعدّ ولا تحصى وبيعها بأسعار باهظة جداً، بل تعدّتها إلى بيع الأدوية المزوّرة والمغشوشة بأساليب وطرق غير تقليدية وبشكل علني دون أدنى رادع وذلك لما تحققه من أرباح عالية تصل إلى 200%.

اللافت في الموضوع أن هذه الأدوية المزوّرة ليست مهرّبة من الخارج، وإنما تُصنَّع داخل البلاد على أساس أنها صناعة جديدة وضمن مواصفات ومقاييس الدواء السوري، وعلى رأسها الأدوية المنشطة والجلدية والهرمونية، إضافة إلى الفيتامينات ومستحضرات التجميل وغيرها من الأدوية الغالية الثمن، والحقيقة أن منعكسات هذا الموضوع تشي بمخاوف من الصعب تبديدها لدى المواطن تتمثل في فقدان ثقته بالمنتج الدوائي الوطني، ولاسيما أن الصناعات الدوائية لا تزال في وضع لا بأس به مقارنة مع بقية الصناعات وأسهمت إلى حد كبير في تلبية حاجة السوق المحلية.

مجهولة المصدر

وما زوّدنا به أحد الصيادلة العاملين في النقابة من معلومات يؤكد وجود صيدليات محدّدة في منطقة دمر الشرقية والغربية تعمل على بيع عبوات دوائية غير مرخّصة وليست مسجّلة في وزارة الصحة، مثل عبوة مكتوب عليها “منتجات الدكتور …. ” لعلاج أكثر من 20 حالة مرضية، وعبوة أخرى تحت مسمّى “خلطة الدكتور ….”، إضافة إلى منتجات أخرى من “الكولاجين” الطبيعي الذي يستخدم في حالات النفخ وإنقاص وزيادة الوزن وغيرها من حالات المعالجة الأخرى، مبيّناً وجود فوارق في العلامات التي تشير إلى الباركود المدوّن بشكل عشوائي، إضافة إلى وجود عبارات على العبوة تستخدم في المنتجات التجارية والصناعية منها “كفالة حقيقية 100% – العرض محدود– للتواصل معنا على الواتس اب أو الفيسبوك”، فضلاً عن المغالطات الأخرى التي تشير إلى نهاية الفعالية دون تاريخ الصنع، أو معلومات عن اسم المعمل أو الشركة المصنّعة أو الترخيص.

اعتراف نقابي

أمين سر نقابة الصيادلة المركزية الدكتور طلال العجلاني أكد وجود مثل هذه المستحضرات الدوائية في بعض الصيدليات، ويتم إنتاجها من خلال معمل صغير أو ورش بدائية لا تخضع إلى معايير ومواصفات مطلوبة لصناعة الأدوية، وبعيدة عن أعين الرقابة، ولكن بحدود ضيقة، مبيّناً أن هذه مشكلة تحتاج إلى تعاون من الجميع للقضاء عليها ولاسيما أنها أحد الأخطار الكبيرة التي تواجه الصحة العامة وهي ظاهرة تؤدّي إلى وفاة العديد من المرضى كل عام، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة عالمية وتمثل 10% من إجمالي الأدوية المتاحة في الأسواق على مستوى العالم، وذلك حسب البيانات الصادرة من منظمة الصحة العالمية وأنها تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني.

ورأى العجلاني أن وضع لصاقة ليزرية على الدواء المصنّع محلياً والمستورد يكون خطوة مهمة على طريق الحدّ من انتشار نظيره المزوّر في البلاد، وسيدفع المواطن إلى أخذ الحيطة من باقي الأدوية، مبيّناً أنه لا توجد إحصاءات حول نسبة الدواء المزور في السوق السورية لكنها تبقى منخفضة جداً.

معالجة فورية

الدكتور أحمد بدران نقيب صيادلة دمشق لم ينفِ وجود بعض العبوات الدوائية المجهولة المصدر في بعض الصيدليات، وأنها تؤدّي إلى كوارث كثيرة، ولاسيما أن أغلبية هذه العبوات تشمل مزائج من مواد سامة، وأخرى ضارّة، وبعضها غير فعال، وبعضها الآخر يحتوي على مكونات معلنة وأخرى غير معلنة، كما أن هنالك أنواعاً من التزييف للأدوية بإضافة مواد كيميائية وهرمونية، على أساس أنها مركّبة طبيعية وعشبية، وفي جميع هذه الحالات يكون مصدر الدواء المزيّف مجهولاً، ولا يمكن الوثوق بمحتواه، مبيّناً أن وزارة الصحة تعمل بالتعاون مع نقابة صيادلة سورية على مراقبة الأدوية المتوفّرة في الأسواق، من خلال لجان مشتركة، وتقوم النقابة بالتعميم على الصيادلة عن الأدوية المزوّرة والأدوية غير المسجّلة أصولاً في الوزارة، وذلك لتوعية الصيادلة حول كيفية تمييز الأدوية المسجّلة أصولاً من غيرها، مؤكداً ضرورة إيجاد حل سريع وإسعافي لهذه الظاهرة لأنها تمسّ الأمن الدوائي، ورأى أنه يجب أن تطبّق على المزور عقوبات شديدة وصارمة لا يمكن أن يكون فيها أي تهاون.

ولدى مشاهداته العبوات التي حصلنا عليها قال بدران: إن هذه العبوات غير مسجلة وغير معروفة لدينا على الإطلاق، ويجب المعالجة الفورية والتحرك السريع لضبط ومراقبة تلك الصيدليات، وعن الرقابة الدوائية قال بدران: إن الرقابة تتم بعدة طرق فهناك لجان مشتركة مع وزارة الصحة، بالإضافة إلى الرقابة التي تقوم بها فروع النقابة، مشيراً إلى قيام النقابة بنحو 500 زيارة عشوائية العام الماضي إلى أغلبية صيدليات دمشق، ونظمت مئات الضبوط بحق المخالفة منها.

وأشار إلى أن الدواء المزور معروف من الصيادلة فهو يباع بشكل غير نظامي إن كان من جهة المستودع أم الموزع، ومعظم الأدوية المزوّرة باهظة الثمن كأدوية الأمراض المزمنة والأدوية النفسية التي يصعب ترخيصها، أو كثيرة الطلب كالفيتامينات والمستحضرات الجنسية، بالإضافة إلى بعض مستحضرات الأعشاب الطبيعية حيث يضاف لها مواد كيماوية وتباع على أساس أنها طبيعية بعشرة أمثال سعرها الحقيقي كالمنحفات الطبيعية وهي بالأساس كيماوية.

الصحة تعتذر

بدورنا حاولنا مراجعة وزارة الصحة /مكتب الوزير ومعاونه لشؤون الصيدلة الدكتورة هدى السيد/ لاستقصاء شيء عن هذا الموضوع، لكن تلقينا من سكرتاريا الوزير والمعاون إجابة واحدة مفادها الاعتذار عن اللقاء، مع نصحهم لنا بأن نضع أسئلتنا واستفساراتنا في المكتب الصحفي، وبعد أيام نتلقى الإجابة. وأعتقد أن المعالجة الفورية لمثل هذه المخالفات أهم من أي شي آخر في الوزارة مع تقديرنا لجهود الوزارة..! ما يثير التساؤل بالمحصلة.. عمّا إذا كان هذا الموضوع بنظر الوزارة يحتاج إلى أيام حتى تنظر بمعالجته..؟.

وحول دور التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الرقابة الدوائية، أوضح باسل الطحان مدير حماية المستهلك بالوزارة أن المديرية تعمل في حال ورود شكاوى عن وجود مستحضر دوائي معيّن مخالف، ويتم ذلك عبر التنسيق مع نقابة الصيادلة ووزارة الصحة، مبيّناً ضرورة تفعيل الضابطة العدلية المختصة بذلك من أجل ضبط ومراقبة هذه الظواهر التي تبقى غريبة على الصناعة الدوائية ويكون التصدي لها حسب طحان بتطبيق قوانين رادعة ومطبّقة لمنع المتاجرة والاستخفاف بأرواح الناس.

القضية التي عرضناها هي أنموذج موجود في صيدليات دمشق، ولابد من تكاتف وتعاون الجهات المعنية لضبط ومراقبة هذه الصيدليات عن قرب، إضافة إلى ضرورة إنشاء ضابطة عدلية لحماية أدويتنا ولاسيما أننا في ظروف استثنائية لا تخفى على أحد.

يشار إلى أن سورية تنتج نحو 11 ألف مستحضر دوائي تصل قيمتها إلى مليون دولار عبر أكثر من 70 معملاً، رغم خروج أكثر من 5 آلاف صنف خلال الفترات الماضية نتيجة الظروف الراهنة، إلا أن البدائل كانت حاضرة الأمر الذي يبيّن قوة هذه الصناعة التي تخضع لشروط التصنيع الدوائية العالمية جي ام بي.

المصدر: البعث

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك