الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

قاضي: ننظر يومياً بـ75 دعوى وسطياً فإذا أخطأ القاضي بحكم دعوى واحدة فهذا أمر طبيعي!

الاقتصاد اليوم:

بين عضو مجلس الشعب وأستاذ كلية الحقوق في جامعة دمشق الدكتور محمد خير العكام أن كثرة عدد الدعاوى لا تتناسب مع عدد القضاة الموجودين في سورية وأنّ حل هذه المشكلة تكون إما بتقليل عدد الدعاوى وإما زيادة عدد القضاة وإما بكليهما معاً، ويعود هذا العدد الهائل من الدعاوى إلى الغموض الموجود في بعض التشريعات، فبعضها قديم ويحتاج إلى تعديل وتطوير، مؤكداً أن وزراء العدل السابقين المتعاقبين لم تتوفر لديهم الإرادة اللازمة لإعادة النظر في بعض القوانين التي تحتاج لإعادة النظر فيها وتعديل قانون السلطة القضائية رقم 98 لعام 1961.

القضاء السوري مستقل

أوضح العكام أنّ القضاء السوري مستقل وأن السيد رئيس الجمهورية هو رئيس مجلس القضاء الأعلى وينوب عنه وزير العدل، لذلك ربما قد تؤثر هذه النيابة في القرارات لأنّ مجلس القضاء الأعلى له السلطة في محاسبة القضاة أو في نقلهم من أماكن عملهم، موضحاً أنّ القاضي النزيه لا مشكلة لديه في أي مكان يعمل فيه سواء أكان في القضاء المدني أم الجزائي أم النيابي، ولكن الأفضل أن يكون نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى شخصاً من الجسم القضائي كرئيس محكمة النقض بدلاً من وزير العدل بحيث يعطي القضاء حصانة واستقلالية أكبر فالقضية ليست في النص وإنما في الممارسة.

نظرة سلبية

في الوقت الراهن هناك نظرة سلبية لعمل السلطة القضائية، ومن المفروض أن نعمل على تغييرها نحو الاتجاه الصحيح من خلال معالجة المشكلات التي يعانيها القضاة عن طريق تأمين مساكن لهم منذ اليوم الأول لتعيينهم، إضافة إلى تأمين وسائط نقل، وبعد تقديم كل ذلك يمكن محاسبة القاضي على أدائه، كما لا يجوز التعامل مع القاضي على أنه موظف في القطاع الاداري بل هو قاضٍ ومسؤول عن تحقيق العدالة، انطلاقاً من ذلك يجب أن نعمل على تأمين مستلزمات العمل القضائي لكي يعود القضاء السوري إلى الألق الذي تعودنا عليه سابقا بحسبما ذكره الدكتور العكام، منوهاً بأن وزارة العدل كانت في بداية الحرب قد أجرت دراسة وشكلت من خلالها لجنة الإصلاح القضائي وتم تشخيص العديد من مشكلات القضاء، لذا نتمنى أن تنفذ توصيات اللجنة من تلك الدراسة حينها سوف تحل معظم المشكلات التي يعانيها الجسم القضائي.

ليس بالضرورة

بينما القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي كان له رأي آخر، حيث أشار إلى أنه ليس بالضرورة كل قانون قديم يجب تغييره لمجرد مرور مدة طويلة على صدوره، فهناك قوانين استمدت نصوصها من قواعد قانونية راسخة غير قابلة للتغيير وتصلح لكل زمان ومكان كقاعدة: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» وقاعدة: «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص»، فمثل هذه النصوص لا يمكن تغييرها مهما مرّ عليها من زمن، ولكنّ هناك أموراً مستجدة لم تكن موجودة أو ملحوظة سابقاً، لذلك يمكن تعديل بعض النصوص القانونية أو إصدار قوانين جديدة تنظم هذه الأمور مثل القوانين المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية وجرائم المعلوماتية والأمور المصرفية، مبيناً أنّ قوانين الأحوال الشخصية النافذة في سورية تحتوي على نوعين من النصوص: الأول: مصدرها اجتهادي يمكن تعديلها حسب المصلحة العامة، والثاني مصدرها تشريعي ديني سماوي لا تقبل التعديل ولا التغيير لأنها ثابتة بنصوص قطعية الثبوت والدلالة مثل منع الزواج من المحرمات وأركان عقد الزواج وشروط صحته وأحكام العدة وأكثر أحكام المواريث وغيرها.

نكسة قانونية

موضوع السرعة في إصدار القوانين ظاهرة سلبية وليست إيجابية لأنها تؤدي إلى نكسة قانونية، فمثلاً تم حالياً تشكيل لجنة من أجل تعديل قانون أصول المحاكمات، مع أنه لم يمضِ على تعديله أكثر من سنتين، وهذا دليل على أن التعديل السابق لم يأخذ حقه من الدراسة والتدقيق وإبداء الرأي فيه من قبل المختصين في جميع المجالات القانونية بحسبما أكده القاضي المعراوي.

وأوضح أن القاضي في سورية ينظر يومياً بما يتراوح بين 50- 75 دعوى وسطياً، فإذا أخطأ في الحكم بدعوى واحدة أو اثنتين فهذا أمر طبيعي، بينما القاضي في أوروبا على مدار السنة لا يتجاوز عدد الدعاوى التي ينظر بها 100 دعوى، لذلك فالخطأ غير مقبول منه، مشيراً إلى أنّ القضاء في سورية يعد من أفضل القضاءات في الدول العربية، لكن هذا لا يعني عدم وجود أخطاء سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة لكن نسبة الخطأ إلى حجم العمل القضائي هي أقل من النسب الموجودة في بقية الدول، مضيفاً أن هناك اقتراحات لتطوير القضاء وقد بوشر بتنفيذ بعضها كإدخال نظام الأتمتة في العمل القضائي.

آلية تقييم عمل القاضي

من الضرورة لتطوير العمل القضائي أن يتم تقييم عمل القضاة بحسب نوعية القرارات الصادرة عنهم وليس بناء على كميتها وعددها، فبعض القرارات يمكن كتابتها بدقائق معدودة وبعضها يستغرق أياماً أو أسابيع، لذلك يجب تقييم القاضي بناء على نوعية قراراته أولاً إضافة إلى الاعتبارات الأخرى، وأن يكون ترفيعه بناء على تقييم أدائه، لا أن يأخذ ترفيعه شكلاً روتينياً كأي موظف آخر بحسبما ذكره القاضي الشرعي.

عدليات غير لائقة

وأشار المعراوي إلى أن تطوير العمل القضائي يستوجب تأمين الأمكنة المناسبة للمحاكم والدوائر القضائية فهناك بعض العدليات باتت لا تستوعب الزيادة في عدد المحاكم وعدد القضاة والمراجعين، حيث إن الغرفة الواحدة تحوي 3-4 قضاة ولا تتسع لأكثر من مراجعين اثنين، لذلك لابد من توسيع العدليات القائمة وبناء عدليات جديدة في دمشق وريفها وبقية المحافظات، مضيفاً أن عمل الموظفين الإداريين في القضاء يتسم بأنه قديم وروتيني ولابدّ من رفد القضاء بجيل جديد من خريجي المعهد التقاني في ظل تطبيق نظام الأتمتة في العمل القضائي بحيث يمتلكون خبرة في التعامل مع النظام الجديد.

لتطبيق التعاميم والبلاغات فقط!

يؤكد القاضي لدى عدلية حلب حسين أحمد أن القضاء العادل والنزيه ينتجان حتماً مجتمعاً متطوراً وحديثاً، يأمن فيه المرء على حريته وماله وحقوقه المدنية والسياسية المنصوص عليها في الدستور أو القانون، وأن العدل هو الضامن للملكية، لذلك كان لنزاهة القضاء الدور المهم في الاقتصاد والاستثمار، باعتبار أن رأس المال وفق القاعدة الرومانية القديمة «جبان» وحتى يتمتع بالجرأة يلزمه قضاء نزيه يحمي هذا المال.

 بيّن مصدر قضائي فضّل عدم ذكر اسمه لـ« تشرين» أنّ القاضي كأي شخص في المجتمع،فهناك أشخاص خيرون بالفطرة، وآخرون فاسدون بالفطرة لكن هؤلاء نسبتهم لا تزيد على 10%، لافتاً إلى أنّ القضاة الشرفاء بالفطرة لا يمكن إفسادهم مهما تعرضوا إلى ضغوطات مادية، بينما الفاسدون بالفطرة لا يمكن إصلاحهم حتى لو تم منحهم رواتب شهرية خيالية، بينما 80% منهم عبارة عن مزيج بين الفساد والنزاهة، مشيراً إلى أنه إذا أرادت الدولة مكافحة الفساد في السلطة القضائية يجب عليها تعزيز مواقفهم وجذبهم نحو الخير من خلال تحسين وضعهم المادي، فليس من المعقول أن يحكم القاضي بمئات الملايين وهو غير قادر على أن ينفق على أسرته، فالقاضي حتى يعطي قراراً أقرب إلى العدالة يجب أن تكون ظروفه مناسبة كأن يملك منزلاً لائقاً –سيارة – خدمات جيدة.

آلية خاطئة

أوضح المصدر بوجود آلية خاطئة في اختيار القضاة، فليس من المنطقي أن يكون شرط تعيين القضاة هو إتقان اللغة الانكليزية وكذلك الحاسوب، علماً أن هناك من كان متفوقاً في دراسة القانون لكن لم يتم قبوله في المعهد القضائي لتلك الأسباب، منوهاً بأنه بعد التعيين يمكن للجهة التي سيعملون فيها أن تقوم بتطويرهم عن طريق اتباعهم دورات لغة وحاسوب، أما أن يكونا شرطاً للتعيين فهذا ظلم وإجحاف بحقهم، كذلك من شروط التعيين أن يدرس مستوى القاضي الأخلاقي والاجتماعي والسلوكي، بينما في مسابقة تعيين القضاة لا يهتمون بهذه الأمور على الإطلاق.

وكشف المصدر عن وجود نقص في العاملين في السلك القضائي والإداري، قبل الحرب كان عدد القضاة في سورية حوالي 1500 قاض فقط، كما أن عدد العاملين الإداريين في أي محكمة لا يتجاوز الثلاثة ما يؤدي إلى تراكم الدعاوى، علماً أنّ أي محكمة مهما كانت صغيرة يجب ألا يقل العاملون فيها عن 15 عاملاً مشدداً على ضرورة ألا ينظر القاضي بأكثر من خمسين دعوى يوميا من أجل أن يعطي الخصوم حقهم لأنه في النهاية هو بشر ولديه طاقة محددة، علماً أنّ بعض القضاة حالياً ينظرون بأكثر من 200 دعوى يومياً، وهذا من شأنه أن يؤثر في أداء عملهم.

تشرين

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك