قرارات صعبة مررتها الحكومة الراحلة..مسؤولينا عاشوا في ترف وأذاقوا المواطنين الألم
الاقتصاد اليوم:
بعد أن أطلقوا شعاراتهم الرنانة بأنهم سيقومون بالدفاع عن المواطن ومصالحه وأن همهم الأول والأخير هو المواطن، حالياً أعضاء مجلس الشعب أمام التحدي الأول لهم في إثبات قدرتهم وتحقيق وعودهم في الدفاع عن مصلحة المواطن الذي أنهكته القرارات الحكومية المتعاقبة على مر سنوات الأزمة وكان أخرها رفع أسعار المشتقات النفطية..وفعلا بدأ الأخذ والرد بين أعضاء الفريق الاقتصادي في الحكومة السابقة، وبين أعضاء مجلس الشعب، وظهر وزراء الفريق الاقتصادي السابق أنهم في صورة المضطرون في اتخاذ قرار رفع سعر المحروقات، وأنه لا سبيل إلا ذلك، ناسين ومتناسين بل وغير آبهين بمصلحة الوطن والمواطن، فهل وضع هؤلاء في بالهم على الرغم من أنهم اقتصاديين، وهو من أولويات عملهم، أن رفع سعر المحروقات يعني مزيدا من تدهور القطاع الزراعي الذي يعاني أصلا من غلاء المحروقات سابقا، ومن غلاء الأسمدة…هل فكروا لوهلة صغيرة هؤلاء الأعضاء السابقين بأن الفلاح في ظل هكذا قرارات لن يستطيع أن يكمل عمله في أرضه…ورغم كل التصريحات والصرخات التي أطلقها اتحاد غرف الزراعة بعد قرار رفع سعر المحروقات يظهر لنا أعضاء الفريق الاقتصادي ويقولون أنهم مضطرون وأن ذلك لرفد الخزينة العامة.
فدائما الحكومة تبحث عن الأسهل في تحصيل الوارد لخزينتها، وهل فكر هؤلاء الاقتصاديين في الحكومة السابقة، أن المواطن جيوبه اهترأت من كثرة الديون وأن دخله لن يستطيع التحمل أكثر..فعلى الرغم من أن الزيادة على التعويض المعيشي وهي 7500 ليرة جاءت لسد فجوة من هذا الارتفاع في المحروقات وانعكاساتها على أسعار السلع والخدمات إلا أنها لا تكفي بالمطلق، لأن ارتفاع أسعار السلع سيكون أكبر من ذلك…نعم سيكون أكبر، وبنفس الوقت يجب أن لا ينسى أعضاء الفريق الاقتصادي في الحكومة الحالية والسابقة، أن هذا التعويض المعيشي لم يشمل العاطلون عن العمل والمهجرون والعاملون في القطاع الخاص غير المنظم والذي يشمل حوالي 90% من القطاع الخاص في سوريا…هل سيقوم أصحاب العمل في القطاع الخاص برفع الأجور لعمالهم…نعتقد أن الإجابة هي لا..إلا ما ندر لأن العمال حاليا لم يحصلوا على حقوقهم ولم يتم تسجيلهم في التأمينات الاجتماعية، فكيف لهم أن يحصلوا على الزيادة في التعويض المعيشي؟.
“درجات هوائية”
يقول أعضاء الفريق الاقتصادي في الحكومة السابقة أن يريدون رفد الخزينة..ولكن لو أنهم يفقهون الاقتصاد حقا لم يصدروا هذه القرارات التي ستؤثر على الصناعة المحلية وعلى التجارة وعلى الإنفاق وعلى مجمل القطاعات..مع الإشارة إلى أن معظم حججهم واهية وغير مقنعة..فالنفط عالميا منخفض وهناك آبار نفط محلية كثيرة عادت للخدمة من جديد بمعنى أنها تخفف من فاتورة الاستيراد، فأين هي الأسباب التي دفعت الفريق الاقتصادي في الحكومة أن يصدر هكذا قرارات؟..
نعتقد أنه كان من الأولى لهم أن يلاحقوا الفاسدين وبعض كبار الموظفين في الدوائر العامة والمتهربين ضريبيا من بعض أصحاب ورجال الأعمال الكبار، أليس كان من الأجدى أن تعمل الحكومة السابقة على تخفيف الهدر وترشيد الاستهلاك لا أن تطلق هذه التوصيات دون تطبيق..فها هي السيارات الحكومية الفارهة التي تستهلك ملايين الليرات من النفط يوميا…لماذا لا يتم ترشيد استهلاكها..نحن في حرب فلماذا يتم منح الوزراء “سيارات فارهة وسيارات مرافقة وووو”.
لماذا لا يتم منحهم “درجات هوائية”…نحن في حرب…فلا داعي للبزخ الكبير في المؤتمرات الحكومية التي تخرج دون أي نتائج تطبق على الأرض…نحن في حرب فلنشد الحزام.. ولتكن حكومتنا هي أول من تشد بكل أعضائها ووزرائها ومدرائها العامين ورؤوساء أقسامها…لأن الموظفين شدو الحزام والفقراء في وطني سورية شدوا الحزام منذ زمن بعيد ولا يزالون يشدون الحزام إلى الآن.
سحبوا دعم الفقير
الباحث الاقتصادي الدكتور نضال طالب أوضح، أنه على مدى عقد من الزمن استسهلت الحكومات المتعاقبة موضوع تأمين موارد للخزينة العامة من رفع أسعار المشتقات النفطية أو بتعبير آخر ” تصحيح أسعار المشتقات النفطية بحسب أبجدية قطاع الاتصالات” و ذلك بدلاً من إرسائها سياسات اقتصادية تساعد في تنشيط القطاعات الإنتاجية التي بدورها تؤمن دوران عجلة الاقتصاد و تسهم في تحقيق قيم مضافة، وللأسف في زمن الأزمة أصبحت هذه الأداة نهج حكومي لسد العجز المالي الحاصل،و ما يزيد الطين بلة أن هذه الإجراءات تتخذ تحت مظلة ما تسميه السلطة التنفيذية ” عقلنة الدعم” دون تفسير من أًصحاب القرار العقلاء عن مآل ما يتم تحصيله من المبالغ المحصلة نتيجة رفع الدعم.
وأضاف الدكتور طالب: “إن الحرب التي تدور في الوطن تعتبر من أهم الأسباب التي جعلت الحكومة تلجأ دائماً للخيار الأسهل وهو رفع أسعار المشتقات النفطية و لكن لا شك بأن هناك أسباب كثيرة أخرى لا علاقة لها بالأزمة وهي ضعف أداء السياسات الاقتصادية والمالية في مواجهة مفرزات الأزمة وما خلفته من ضعف في الاقتصاد الوطني و انخفاض في قيمة العملة المحلية إلى جانب عدم القدرة و بشكل شبه مطلق على مكافحة مواطن الفساد الذي يشكل النسبة الأكبر من ضياع الدخل القومي”.
ولفت إلى أن حكومات ما قبل الأزمة حملت شعار إنصاف الفقير من الغني و رسمت طريق “عقلنة الدعم” أو الأصح عبدت الطريق لسحب ما تبقى من دعم للفقير، و كانت النتيجة أن خسر الاقتصاد السوري معظم قطاعه الزراعي و ما يمتاز به تاريخياً من خبرة و نقاط قوة واتجه لدعم قطاعات أخرى لا يملك الاقتصاد السوري فيها أي ميزة أو قدرة على المنافسة أو التطور، و زادت الفجوة بين الطبقة الفقيرة و الطبقة الغنية لصالح الأخيرة و البلد الذي امتاز بإمكانية عيش الفقير به أصبح الفقير فيه مجرد نسبة في الدراسات الاقتصادية تزيد مع الزمن.
“أسم على غير مسمى”
طالب أكد أن قرارات رفع أسعار المشتقات النفطية الصادرة مؤخراً بالتأكيد سيكون لها آثار مباشرة على الاقتصاد الوطني فهي من جهة ستؤدي لرفع أسعار السلع في الأسواق نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج التي يشكل فيها المازوت مدخل رئيسي لدى المنتج و المزارع على حد سواء،و قد ارتفع سعره بنسبة 33% و من جهة أخرى سترتفع تكلفة النقل التي بدورها سترفع أسعار السلع. و في هذا السياق تعتبر تصريحات وزارة التجارة و حماية المستهلك بعيدة عن المنطق الاقتصادي حيث تجزم بأن رفع أسعار المشتقات لن يكون له أثر على أسعار السلع و لن تسمح بذلك. كما أنها تناقض عملها حيث نلاحظ بأن الحكومة بحد ذاتها تلجأ لرفع الأسعار حين تزيد تكاليف إنفاقها العام مقارنةً بمواردها فكيف تُحرم على سواها ما يحل لها.و هي أي وزارة التجارة أثبتت على الدوام بأن ليس لها من اسمها نصيب فهي لم تكن يوماً في وارد حماية المستهلك و عملها الرئيسي في الرقابة على الأسواق شبه معدوم.
اثر الرفع
وقال طالب:”الحالة المعيشية للأسرة السورية و من قبل رفع أسعار المشتقات الأخير يحكمها عجز في ميزانية دخلها يفوق نسبة 80% و هي بالكاد تؤمن قوت يومها فكيف في حال رفع جديد لأسعار السلع الغذائية و لتعرفة النقل و غيره الكثير من الأمور المرتبطة بالحياة اليومية. الحديث كان دائماً مطالبة الحكومة بسد هذا العجز الحاصل في معيشة الأسرة إلا أن رفع أسعار المشتقات النفطية بنسب كبيرة تفوق رفع تعويض المعيشة سيجعل نسبة هذا العجز تزيد و ستخلق أزمة بكل معنى الكلمة لتلك الأسر التي لا دخل لها و لا تستظل نهاية كل شهر بظل الحكومة”.
المطلوب
وختم الدكتور طالب كلامه بأن المطلوب من المعنيين بدراسة رفد الخزينة العامة بموارد إضافية البحث عن مطارح ضريبية لسلع كمالية لا تؤثر بشكل مباشر على الشريحة الأوسع في المجتمع و هي ذوي الدخل المحدود، و لا بد من اعتماد سياسات اقتصادية و مالية قادرة على تشغيل القطاعات الإنتاجية إن في القطاع العام الذي يحتاج لرسم رؤية واضحة تحدد ملامحه الأساسية و نظرة الدولة و المجتمع لدوره المأمول في الحياة الاقتصادية و من جهة أخرى تحفيز القطاع الخاص بكافة الطرق لجذبه ودعمه واحتضانه ليكون المساعد و الشريك في الحياة الاقتصادية إضافة إلى الاستعانة بخبرات لا يستهان بها في البلاد فيما يخص إدارة سعر الصرف الأجنبي لأنها و فيما عدا انخفاض قيمة العملة المحلية فإن الأكثر ضرراً على الاقتصاد هو تذبذب سعر الصرف و عدم استقراره فهو بذلك يخلق فوضى عارمة في الأسواق تنعكس على الوطن و المواطن.
المصدر: سينسيريا
تعليقات الزوار
|
|