قطاع الغزل والنسيج في سورية مهدد (بالانهيار)
الاقتصاد اليوم:
تاريخ عريق لقطاع الغزل والنسيج السوري، إذ بدأت هذه الصناعة يدوية حتى العقد الثاني من القرن الحالي ودخلت الأنوال الميكانيكية سورية عبر أول شركة للغزل والنسيج، وهي الشركة السورية للغزل والنسيج في حلب التي بدأت عملها عام 1933، وفي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي أحدثت العديد من شركات القطاع العام والمختصة بهذه الصناعة، وفي عام 1975 أحدثت المؤسسة العامة للصناعات النسيجية لتشرف على أداء 26 شركة ومشروعاً.
في نظرة متعمقة على أهمية هذا القطاع الاقتصادي الحيوي قبل الأزمة السورية، فقد شكلت الصناعة التحويلية 56% من إجمالي الإنتاج الصناعي، وتتركز صناعات القطاع في صناعة الغزل والنسيج والتي تشكل وحدها 35% من إنتاج القطاع الخاص، وتشكل الصناعة التحويلية نحو 98% أيضاً من إجمالي القطاع الخاص.
إلا أنه ونتيجة الحرب الظالمة على سورية، فإن الإنتاج من النسيج القطني انخفض إلى 15 ألف طن بعد أن بلغ 200 ألف طن، بسبب فقدان المادة الأساسية الداخلة في الإنتاج وهي مادة القطن، حيث وصل في العام 2014 إلى 150 ألف طن على حين إنتاجها في عام 2010 تجاوز مليون طن، كما تسببت الحرب بإحراق 50 ألف طن من القطن العام الماضي.
ووصل عدد منشآت القطاعات الصناعية النسيجية قرابة 24 ألف معمل من جميع الأحجام، إضافة إلى عدد غير معروف من الشركات المصنعة غير المسجلة، وأيضاً 27 شركة نسيج تابعة للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية، كل منها يخصّص بإنتاج نوعٍ معين.
ويملك القطاع العام 25 شركة للغزل والنسيج والسجاد والنايلون والجوارب والألبسة الجاهزة، تعرض منها 12 شركة للحرق والتدمير والنهب والسلب وتوقفت عن الخدمة وهي موجودة في محافظات دمشق وحلب وحمص وإدلب وديرالزور، كما وشهد الإنتاج تراجعاً كبيراً خلال الأزمة حيث تراجعت الشركات العاملة في نسب الإنتاج من 91% في عام 2010 إلى 17% في عام 2014، وهناك شركات تعمل الآن ولكن لا يزيد إنتاجها السنوي على 5% بسبب عدم توفر المواد الأولية والانقطاعات الدائمة للكهرباء.
عدم رفع قطاع النسيج بعمالة جديدة يهدده بالأنهيار
وللوقوف بشكل أدق على واقع هذا القطاع الاقتصادي الهام فقد أوضح رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال الغزل والنسيج عمر الحلو في تصريح خاص لـ”سينسيريا”، أن قبل الأزمة خرجت علينا الحكومة بشماعة فائض العمالة وتوزيع اليد العاملة، لافتا إلى أنه لا يوجد فائض في العمالة في هذا القطاع بل سوء في توزيعها، مشيرا إلى أن صناعة الغزل والنسيج تحتاج إلى عمالة شابة وماهرة مثل عامل النسيج والسجاد والخياطة وخاصة انها صناعة عريقة تحتاج إلى يد ماهرة وفنية.
ونوه إلى أن هذه الشماعة استمرت إلى أن دخلنا بالأزمة وحدث نقص في العمالة بشكل كبير، ونتيجة عدم التعيين وعدم رفد الشركات بالعمالة الشابة أصبح هناك عمالة مسنة، وفي حال بقيت هذه العمالة على حالها دون رفد مهارات فنية جديدة، “فإن هذه الصناعة ستنهار”.
ونوه إلى أنه في عام 2012 كان يعمل في قطاع الغزل والنسيج نحو 32 ألف عامل وحاليا أصبح عددهم لا يتجاوز 17 ألف عامل ونسبة كبيرة منهم مسنة، ولفت إلى أن تقرير العمالة لعام 2015، أشار إلى أن المخطط هو 22359 عامل في حين ان الفعلي هو 17530 عامل أي ينقصنا عن الخطة نحو 5 آلاف عامل ضمن الظروف الحالية، وبالطبع هذا الرقم ضئيل في حال مقارنته مع المخطط والمنفذ قبل الأزمة.
كما أنه لم يحدث أي تطوير للشركات ولا بناء شركات جديدة وخاصة أن معظم شركات الغزل والنسيج تعتبر قديمة وتحتاج إلى تأهيل وإعادة تعمير.
فرز العمال يعني خسارتهم
ونوه الحلو إلى أن وزارة الصناعة عادت إلى قضية توقف بعض الشركات عن العمل وأن يتم فرز العمال ونقلهم إلى بعض الجهات الأخرى لكي لا يتقاضوا رواتب دون عمل، ولكن يجب التنويه هنا إلى أن نقل العمال إلى أماكن إدارية مثل وزارة التربية أو غيرها وخاصة أنهم عمالة مسنة ولديهم خبرات كبيرة في العمل، فإنهم لن يعودوا إلى العمل في الشركات مرة أخرى بعد إقلاع العمل فيها، كون العمل الإداري أقل جهد من العمل الإنتاجي وبالتالي نكون قد خسرنا هذه العمالة المهنية الماهرة.
وأكد الحلو على أهمية أن تقوم الحكومة بزج عمالة جديدة وشابة وتدريبها وأن لا يترك القطاع وفق أهوائه.
بدء العودة للإنتاج خلال 2015
وعن إنتاج هذا القطاع قال الحلو: “لدينا نحو 12 شركة متوقفة عن العمل من أصل 25 شركة، وبالطبع الإنتاج تواجهه العديد من الصعوبات في ظل الظروف الحالية خاصة الحصار الاقتصادي وتوقف الشركات، ففي عام 2014 لم يكن هناك مادة القطن فحدث شبه توقف كامل لشركات الغزل والنسيجع عن العمل، وفي عام 2015 تم طرح موضوع التشغيل وتم تزويد الشركات بالقطن وفعلا بدأ العمل واستمر الإنتاج لمدة 6 أشهر ومن ثم تم تزويد الشركات بالقطن السوري لاستمرار العمل وتخفيف الخسائر التي سجلت، ورغم توقف الشركات لم يتم إيقاف راتب عامل واحد حتى الآن، “فهذا القطاع يضم عمالة كبيرة وله ناحية اقتصادية واجتماعية لا تقل أهمية عنه كقطاع”.
وطلب الحلو بضرورة زج استثمارات جديدة وخبرات في هذا القطاع وخاصة في مرحلة إعادة الإعمار.
وعن التشاركية قال الحلو: ” إلى الأن لم يتم طرح أي شركة للتشاركية في قطاع الغزل والنسيج وبالطبع يجب أن نساعد الحكومة في إعادة البناء والإعمار ولكن إلى الآن لا يوجد دراسة أو عرض قدم للتشاركية مع القطاع الخاص في شركات الغزل والنسيج”.
وعن هجرة العمالة ومدى تأثر القطاع بهذا الأمر لفت إلى أنه خلال الأزمة، قسم من العمال لم يستطع الاستمرار في العمل كونه يقيم في مناطق ساخنة وقسم أخر تقاعد مبكرا وهناك أيضا عمال هاجروا ولكن إلى الآن يوجد لدينا خبرات ومؤهلات للقطاع يجب الاستفادة منها في تأهيل شركات الغزل والنسيج.
المصدر: موقع "سينسيريا"
تعليقات الزوار
|
|