الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

قوانيننا العقارية..لا تتماشى مع الحالة العقارية

الاقتصاد اليوم ـ صحف:

بداية لا ننكر ما قامت به الجهات المعنية بالشأن العقاري –وخاصة وزارتي الإسكان والتنمية العمرانية، والإدارة المحلية- من محاولات لضبط السوق العقارية والسيطرة عليها عسى أن تعيد التوازن والاستقرار لقطاع امتهن التمرّد والتحليق عالياً خارج سرب الأنظمة والتشريعات النافذة، وليفرض روّاده قواعدهم وقوانينهم التي لا تخرج عن نطاق تحقيق ما أمكن من هوامش الأرباح غير آبهين بما سيؤول إليه حال القطاع من حالات احتكار وسيطرة وما ينجم عنها من ابتزاز وشفط للسيولة والمدّخرات دون توجيهها بأقنية استثمارية حقيقية تحقق التنمية والقيمة المضافة من جهة، أو تساهم بحل مشكلة السكن من جهة ثانية، ثم جاءت الأزمة لتعيد خلط أوراق هذا القطاع ليزداد تعقيداً وضبابية حالت دون رسم رؤية واضحة لمستقبله..!.

صبغة

لكن هذه المحاولات الحكومية اتسمت بصبغة إصدار مجموعة من القوانين والمراسيم على أمل تنظيم هذا القطاع والسيطرة عليه ولو بالحدود الدنيا، ولم تكن بالمستوى المطلوب حسب بعض المراقبين، الذين لمسوا فيها عدم الجدية ووصفوها بأنها مجرّد مُسكِّن لجرح دام عقوداً من الزمن ولم تكن بلسماً لدمله، واعتبروها حبراً على ورق، فبمجرد صدور أي قانون أو مرسوم له علاقة بالعقار تصاب الحركة العقارية بارتجاف وتتوقف لتترقب أصداء القانون وتأثيره فيها، وما إن يجفّ حبره حتى تعاود الحركة نشاطها وكأن شيئاً لم يكن، نتيجة عدم ترجمة القانون من الجهة المصدرة له على أرض الواقع، ولو عدنا بالذاكرة إلى القانون رقم 33 لعام 2008 الخاص بتثبيت الملكية العقارية – على سبيل المثال- كان من المفترض وبموجب القانون تشكيل لجان عقارية برئاسة قضاة مهمتها دراسة مناطق العشوائيات وتثبيت ملكيات أصحابها بعد تسوية أوضاعها خلال أشهر قليلة من إصداره، ولكن شيئاً من هذا القبيل لم يحصل رغم مرور نحو سبع سنوات على إصداره.

قراءة

من خلال قراءتنا أبرز القوانين والمراسيم العقارية التي صدرت خلال السنوات الأخيرة إضافة إلى القانون الآنف الذكر، وهي قانون التطوير العقاري رقم 15 لعام 2008 والمرسوم التشريعي رقم 82 المتعلق ببناء العرصات، وكذلك المرسوم رقم 76 الخاص بتنظيم عمل المؤسسة العامة للإسكان، يمكن القول: إنها لم تستطع ضبط السوق العقارية ولم يكن لها أي أثر فعلي ملموس على أرض الواقع، لأسباب اعتبر بعضهم أن من وضع مشاريع هذه القوانين لم يفهم الحركة العقارية الحقيقية في سورية، لذلك كانت القوانين غير متوافقة مع الحركة العقارية وخاصة بعد أن أفرغت تعليماتها التنفيذية من محتواها لتعيدنا إلى نقطة الصفر، واعتبر بعضهم الآخر أن السبب في ذلك يكمن في عدم التطبيق الفعلي لها.

فشل..!

فقانون التطوير العقاري –حسب بعض المراقبين- مأخوذ من قوانين التطوير الموجودة في دبي والسعودية والكويت، مع فارق أن الأريحية الموجودة في القوانين المذكورة غير متوفرة في القانون السوري الذي فشل لما يكتنفه من تعقيد الإجراءات الإدارية كالحصول على رخصة مطوّر عقاري، بدليل أن لجنة التطوير العقاري على سبيل المثال مؤلفة من 19 عضواً يمثلون عدة وزارات وجهات رسمية إلى جانب عضوين من القطاع الخاص، فكيف يمكن جمع كل هؤلاء الأعضاء دفعة واحدة لاتخاذ قرار أو دراسة قضية معينة؟ إضافة إلى الضرائب العالية المفروضة على مناطق التطوير التي تتراوح نسبتها بين 12 و22%، ناهيك عن أن التعليمات التنفيذية للقانون هي نسخة مكرّرة عن بنوده.

خطوة ولكن

وفيما يتعلق بالقانون 33 الذي يعتبر نقطة بداية لابد منها لحل مشكلة متأصلة ومتجذّرة عجزت برامجنا الحكومية عن حلها، فهو خطوة في الاتجاه الصحيح لمعالجة عشوائياتنا، من خلال تمهيده الطريق أمام المستثمرين والمطوّرين العقاريين الذين يتذرّعون بصعوبة -وأحياناً استحالة- تطويرها نظراً لما يكتنفها من إشكاليات تتعلق بالملكيات تارة، وبإصدار مخطط تنظيمي تارة أخرى، فتطبيق القانون كفيل بإتاحة المجال للمطوّرين وتجار البناء بأن يشتروا هذه المناطق من أصحابها ويحوّلوها إلى ضواحٍ سكنية حضارية، وذلك بموجب ما سيتمخّض عنه –أي القانون- من سندات ملكية توضح أحقية أصحابها بالبيع، ورغم ذلك لم نلمس أي صدى للقانون على أرض الواقع، فقد بقي طيّ أدراج وزارة الإدارة المحلية التي لم تفصح يوماً عن مصيره..!.

المصدر: صحفية "البعث"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك