الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

كتب الباحث المستشار غسان وديع العيد: أساسيات الإدارة الرشيدة الحوكمة

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

هناك موضوعات مازالت موضع البحث ولابد من البت بها لتطبيق مبادئ الحوكمة:

1-    مسؤولية الدولة وهل أعلنت ضمن سياستها عن إرادتها بتطبيق مبادئ الحوكمة وهل يتم تطبيق التشريعات بهذا الشأن وهل هي كافية؟.

2-    الملكية العامة والالتزام وهل هي الأفضل لتطبيق مبادئ الحوكمة وهل توجد جهة مختصة (ممثل الملكية العامة ) لمراقبة الالتزام لدى الإدارات العامة بحيث تكون مهمتها الفحص والمراقبة والإقرار بعدم وجود خرق من الإدارة التنفيذية في مارستها لأعمالها من حيث:

‌أ-    القوانين أو القواعد الرقابية.

‌ب-    السياسات التي أقرها مجلس الإدارة والنتائج المحققة.

‌ج-    التقيد بالقواعد الأخلاقية المتعارف عليها بهذا العمل.

‌د-    الإقرار والإفصاح عن نتائج تقصي العمل والمخالفات المتعلقة بالقوانين والسياسات إن وجدت.

3-    مسؤوليات الجهة الرقابية ( الداخلية والخارجية) والتأكد من أن قواعدها وما تقوم به كافي لتدعيم تطبيق نصوص التشريع.

4-    هل تقوم إدارة الجهة العامة بتطبيق القواعد والممارسات العالمية المعمول بها بما يخص مجال عملها لتطوير العمل والإعداد للمستقبل؟.

5-    ماهية أصحاب المصلحة من مواطنين ومؤسسات في عمل الجهة العامة, ومن الذي يحمي مصالحهم, وهل يتم نشر البيانات التي تهم العامة في موقع محدد دورياً أو كلما اقتضت الحاجة لذلك وهل يتم الأخذ برأي أصحاب المصلحة حول عملها؟.

6-    هل الصلاحيات الممنوحة لمجلس الإدارة تعادل المسؤوليات المنوطة به وتخوله وضع السياسات والإيعاز لتنفيذها دون الحاجة للعودة لأي جهة أخرى وهل يتم الإفصاح عن عمل مجلس الإدارة لأصحاب المصلحة.

7-    التشريع والتنمية والإدارة الرشيدة (الحوكمة):

استكمالاً للبنية التشريعية اللازمة لتطبيق مبادئ الإدارة الرشيدة (الحوكمة) التي تؤدي إلى الشفافية واستخدام الموارد البشرية من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتبار أن النظام القانوني سبباً في نجاح الإدارة الرشيدة (الحوكمة) والتنمية المتوازنة, حيث أن التشريع في الأصل هو لتنظيم مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية من خلال بنية تشريعية متكاملة ومواكبة للتطورات الحاصلة داخل الدولة.

وعندما يكون هدف التشريع هو تنظيم حالة بعينها فإنه يتوجب الرجوع إلى التشريعات الصادرة سابقاً حول الموضوع بهدف حصرها ومعرفة ما يتوجب إصداره من تشريعات جديدة, وحيث أن موضوع التشريعات هو في هذه الحالة لاستكمال البنية التشريعية اللازمة لتطبيق مبادئ الحوكمة, لابد من الاطلاع على تشريعات صادرة في دول أخرى كان لها سبق التجربة والاستدلال بها لتحديد التشريعات المطلوبة, وفي دول العالم الثالث غالباً ما تكون التشريعات اللازمة هي لعلاج الاختلالات الوظيفية المتوارثة في المؤسسات العامة والخاصة في سبيل تحويلها إلى مصادر موجهة لتحسين الأداء في المجتمع واستغلال موارده الوطنية بكفاءة وشفافية بهدف المساهمة في تحقيق سياسات الدولة العليا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإدارة الرشيدة, ويوصف المشرعين بأنهم مترجمين للسياسات.

وكون هذه السياسات إنما صممت أصلاً بهدف إحداث التحولات الاقتصادية والاجتماعية الرامية إلى التنمية وتعزيز الشفافية والإدارة الرشيدة, ومن أجل إصدار هذه التشريعات يجب إعداد تقرير بحثي يتضمن واقع التشريعات من خلال استخدام النظرية التشريعية والمنهج التشريعي كأساس لوضع خطة التشريع لقوانين يفترض أنها تقدم حلاً تشريعياً للوصول إلى هدف التنمية والإدارة الرشيدة وتحديد الخيارات المبدئية مع قائمة حلول بديلة وإجراء التحليل المقارن بينها وتحديد الخطة بشكل نهائي للتشريعات الواجب إصدارها وهنا يجب اعتماد منهجية في العمل لكي تضمن التشريعات حلاً تشريعياً لموضوع التنمية والشفافية والإدارة الرشيدة مع تضمينها التدابير التي تشجع على الالتزام بالقانون من خلال نصوص تثبت أن مشروع القانون يبرهن على فاعليته في تحقيق الهدف مما يخلق الارتياح لدى المجتمع والجهات المنفذة على السواء ولاسيما إذا كان مطلوب من هذه الجهات وضع قواعد التنفيذ.

وبكل الأحوال يجب أن تكون النصوص واضحة في التشريع والتعليمات التنفيذية بما يحد من حرية تصرف المسؤولين في مخالفتها من خلال القيود المفروضة على تحويل المدخلات إلى قرارات, وهنا يكمن دور الصائغ للتشريعات في السياق الأكبر للتنمية والإدارة الرشيدة من خلال صياغة قانونية تترجم السياسات العليا للدولة وتمكن من تطبيقها بفعالية وتشجع على إحداث التحولات الاجتماعية والاقتصادية المنشودة مما يجعل القانون أداة رئيسية في أيدي الحكومات بحيث تمكنها من إحداث تحولات في الأنماط السلوكية للمؤسسات في إطار التنمية والإدارة الرشيدة ولاسيما تلك السلوكيات السلبية الموروثة التي تعيق بلوغ أهداف التنمية والإدارة الرشيدة.

وفي هذا المجال يتوجب على أعضاء الهيئة التشريعية (النواب المنتخبون) تقييم التشريعات التي يتم إعدادها غالباً في الوزارات والبحث بها في ضوء تحقيق هدف الإدارة الرشيدة والتنمية المستدامة بالإضافة إلى كون القانون يقوم بتبليغ سياسات الحكومة إلى المخاطبين بالقانون باعتباره يترجم السياسة العامة من خلال شكله ومضمونه وتفاصيله التي تتضمن جوهر السياسة, كل ذلك يحمل الجهات المختصة في الوزارات مسؤولية أن يكون المشاركين في إعداد التشريع ذوي خبرة في الجانب الموضوعي لمشروع القانون وأن يكونوا من الفنيين المدربين تدريباً منهجياً على أساليب الصياغة التشريعية مما يخلق الهدف في الوصول إلى قانون فعال يساهم في التنمية والإدارة الرشيدة, وهذا ما يحمل المسؤولين الوزاريين مسؤولية صياغة برامج تفصيلية للسياسات الصادرة عن السلطات السياسية مما يساعد الجهة في تحديد الإطار التشريعي لهذه السياسات وبيان ما هو صادر منها ووضع خطة للتشريعات الواجب إصدارها في إطار تحقيق هدف التنمية والإدارة الرشيدة, وتقاس جودة التشريعات من خلال فعاليتها التي تتضمن استيعاب السياسة المستهدفة والبرنامج التنفيذي المقصود وسهولة فهمه من أفراد المجتمع وابتكاره لأساليب تنفيذية سهلة ورشيقة تحلل الدور الأساسي لهذا القانون وانعكاسه الايجابي على المواطنين من خلال التحول الاجتماعي الهادف إلى تحقيق التنمية والإدارة الرشيدة مما يتطلب تنظيم دور المواطنين في المساهمة بتنفيذ القانون.

حيث كان التحدي الرئيسي في البلدان النامية يتعلق بعدم ملائمة تنفيذ القانون القائم على المجتمع مما أدى إلى عدم فعاليته وذلك يعود إلى فقدان الشفافية والإدارة الرشيدة عند إعداده مما أدى إلى تفشي الفساد وانعكس على كافة مناحي الحياة وبالتالي تلاشي التنمية والتحول الاجتماعي الهادف وهذا ما يؤكد على ضرورة وجود أنماط سلوكية تضمن تطبيق القواعد القانونية من خلال مؤسسات سيادة القانون واتخاذ القرارات ضمن قواعد محددة يتم الإعلان عنها للرأي العام مسبقاً بالإضافة إلى الشفافية في اطلاع المواطنين على هذه القرارات, وأن يكون تطبيقها معلن للجمهور بوسائل الإعلام المختلفة التي تقوم بطرحها للرأي العام لمناقشتها مما يسهم في تحقيق قيمة مضافة لها من المعنيين والمختصين في تلك القرارات والإجراءات مما يساعد في تطوير الإدارة والقوانين وبالتالي المجتمع  الذي أصبح جزء من الإدارة الحكومية, بحيث لا يفاجئ بعد ذلك بقرارات حكومية تتعلق بالمجتمع ولم يساهم بها وذلك كله يجب أن يكون منصوص عنه في القوانين النافذة ذاتها, بفرض أن كافة التشريعات الصادرة أو التي ستصدر يجب أن يكون هدفها التنمية والإدارة الرشيدة باعتبار أن جدار التخلف لا يمكن أن يتحطم إلا بالتشريع الفعال والإدارة الرشيدة مما يضمن تخصيص الموارد المتاحة من أجل التنمية التي تهدف إلى حياة كريمة بتوفير السكن والغذاء والدواء والتعليم وغيرها للمجتمع, وإن مساهمة المجتمع في إدارة الموارد من خلال التشاركية في التشريع والتقييد بخلق بيئة مناسبة لأطراف المجتمع لتقديم أفكار وحلول تساعد في الوصول إلى الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة مما يحسن جودة الإنتاج الزراعي والصناعي والتعليمي والصحي والقضائي والمالي ..... الخ.

ومما يحسن من شروط الحوكمة والإدارة الرشيدة وهذا ما يعتبر من أسس التنمية, وعليه يجب أن ينظر إلى القانون بوصفة الأساس في عملية التغيير الاجتماعي وان التشريعات التي تصدر لتنظيم حالات موجودة في المجتمع إنما هي قوانين وصفية تكون مساهمتها محدودة إن لم نقل معدومة في عملية التحول الاجتماعي وتحقيق التنمية إذا لم يتم إصدارها ضمن سياسة الحكومة الهادفة إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإدارة الرشيدة ويحولها من تشريعات وصفية إلى تشريعات تنموية, كون التشريعات التنموية تساهم في خلق بيئة تمكينية لبناء مؤسساتي متين ضمن بيئة تشريعية متكاملة وفاعلة وإدارة رشيدة شفافة بهدف إحداث تحول ايجابي في المجتمع وتنظيم كافة المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية كونها الأكثر تأثيراً في تنظيم واستثمار الموارد المتاحة وتوجيهها الوجهة الصحيحة وهذا هو دور المؤسسات التي يديرها أشخاص أكفاء يمتازون بالنزاهة والشفافية باعتبارهم يمثلون النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

والقول أن بلد يختلف عن بلد آخر مع وجود موارد متماثلة إنما بسبب كفاءة المؤسسات وإدارتها الرشيدة في هذا البلد وضعفها في البلد الآخر فالإدارة الرشيدة تخلق استثمارات وصادرات مستفيدة من المزايا النسبية الموجودة والتي لا تستثمر في البلد الآخر رغم وجودها, ويترك هذا البلد فقيراً لعدم تفعيل العمل المؤسساتي والإدارة الرشيدة والشفافية ليحل محلها الفساد الذي يؤدي إلى الفقر للدولة والمجتمع, فالبلد المتقدم والذي يقوم على تشريعات تنموية ومؤسسات شفافة وإدارة رشيدة كفوءة ومتابعة للتطور وهذا ما يعتبر بحد ذاته البيئة التمكينية المناسبة لتحسين مستويات المعيشة وازدهار البلد.

إذاً المطلوب هو بناء قانوني ومؤسساتي يسهم في خلق أنماط سلوكية رائدة منوهين إلى أن العمل المؤسساتي لا ينحصر في حيز جغرافي أو إداري أو زمني وإنما هو سلوك اجتماعي يبدأ باحترام المواطن العادي للقانون وتطبيقه وصولاً للموظف الحكومي الذي يعمل على الشفافية في تطبيق القانون كما ينسحب ذلك على صاحب المشروع الخاص الذي يلتزم بالقانون من خلال منتج جيد وسعر مناسب والتزامه بتسديد ما يترتب عليه من ضرائب للدولة وحفظ حقوق عماله والمساهمة في تأهيل وإعمار البيئة المجاورة لمشروعه وهذا ما يحقق التنمية والإدارة الرشيدة.

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك