الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

كتب الدكتور إيهاب أبو الشامات: في سوريا مواقع عسكرية مهجورة... والدولة تتحرك لإزالة إرث الخطر

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

بقلم: المحامي الدكتور إيهاب أحمد أبو الشامات

دمشق 26-6-2025

الانفجارات التي شهدتها المنطقة الواقعة بين جبلة وبانياس صباح يوم 26 حزيران 2025، أعادت فتح ملف ظل مغلقًا في الاشهر السابقة وهو مخلفات المواقع العسكرية القديمة التي خلفها النظام البائد بالتنسيق مع أطراف خارجية أبرزها إيران.

لكن الحدث الأخير كشف أيضًا عن الوجه الآخر للدولة السورية اليوم – التي وإن ورثت تركة ثقيلة وخطيرة، فإنها تسير بثقة في خطوات جادة لإغلاق هذا الملف الخطِر بحكمة ومسؤولية قانونية وعسكرية.

1. النظام السابق ترك القنبلة موقوتة... وصمت

في فترات حكم سابقة، وتحديدًا خلال تحالفات مشبوهة مع قوى خارجية مثل إيران اثناء الثورة السورية، تم تحويل مناطق مدنية أو قريبة من التجمعات السكانية إلى مستودعات لتخزين الذخائر والمتفجرات، دون أدنى اعتبار للقانون أو لحياة الناس وغالبًا ما تم ذلك في سرية، بعيدًا عن رقابة تشريعية أو إعلامية، ليترك السوريون اليوم يواجهون نتائج إهمال لم يكن لهم يد فيه.

2. من الناحية القانونية: من يتحمّل المسؤولية؟

وفقًا للقواعد العامة في القانون السوري والدولي:

تقع المسؤولية المباشرة على النظام البائد الذي أنشىء و استخدم هذه المواقع في الماضي، وأدخل إليها ذخائر عالية الخطورة دون حماية أو خطط إخلاء.

لكن اليوم، تتحمّل الدولة المسؤولية الإدارية والسيادية لإزالة الخطر، وهي بالفعل تعمل على ذلك.

كما أن المتضررين – إن ثبت الضرر – يملكون الحق في المطالبة بالتعويض، وهو ما يجب أن يُنظم بإطار قانوني رسمي وعادل.

3. السلطة الحالية... بين الحاضر والمستقبل

لا بد من الاعتراف أن الدولة السورية الحالية، بقيادة مؤسساتها الأمنية والمدنية، لم تتنصل من هذا الملف، بل تعمل بصمت ومسؤولية على تفكيك ما تبقى من آثار ذلك الماضي.

وقد باشرت بالفعل، عبر وزارات الدفاع والإدارة المحلية والداخلية، بتوثيق ورصد عشرات المواقع المشتبه باحتوائها على ذخائر قديمة، وإزالتها وفق أعلى معايير السلامة.

هذه الخطوات، التي قد لا تكون مرئية إعلاميًا بشكل كامل، تستحق التنويه والدعم، لما تحمله من حرص على حماية أرواح المدنيين وإعادة الأمان إلى بيئة الاستثمار والسكن.

4. خارطة طريق قانونية مقترحة

بصفتي مستشارًا قانونيًا ، أرى أن التعامل مع هذه التركة يتطلب:

1-    إصدار مرسوم رئاسي يُشكّل لجنة عليا لحصر وتأمين كافة المواقع العسكرية المهجورة في سوريا.

2-    وضع قاعدة بيانات وطنية مفتوحة بالتعاون مع الدفاع المدني.

3-    تشريع آلية للتبليغ الآمن من قبل المواطنين عن أي موقع مشبوه، دون تحميلهم مسؤوليات قانونية.

4-    دعم شركات التأمين المحلي لإدخال بند "الضرر الناتج عن مخلفات عسكرية قديمة" ضمن سياساتها.

 رسالة أخيرة: لا بناء فوق ركام الخطر
لكي نعيد الإعمار والاستثمار بثقة، علينا أن نُنظّف الأرض أولًا من إرث الموت الصامت الذي زرعه غيرنا.

وإن كانت الدولة السورية اليوم تبذل جهودًا حقيقية في ذلك، فإن من واجبنا كمختصين في القانون والاقتصاد أن نواكبها بالرأي والتشريع والتحذير.

الماضي ورثنا الخطر، لكن الحاضر يصنع الأمان.

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك