كلية الاقتصاد بانتظار إقرار خطتها الدراسية الجديدة
الاقتصاد اليوم:
غانم: لا يوجد قصور في عمل أقسام الكلية
حمشو: الخطة الدراسية الحالية باتت ناقصة
الفحل: يجب التركيز على تخريج كوادر صانعة لفرص العمل
ما مدى ملائمة المناهج والبرامج التعليمية المطبقة حالياً في أقسام كلية الاقتصاد بجامعة دمشق مع متطلبات سوق العمل واحتياجات مرحلة إعادة الإعمار؟ وهل استطاعت الخطط الحالية تخريج وإعداد كوادر وطنية على المستوى المطلوب؟.
في حديثهم لم يخف عدد من أساتذة كلية الاقتصاد وجود بعض القصور في المناهج والخطة الدراسية المعتمدة في الكلية لجهة مواكبتها لخطط التنمية الاقتصادية وتطورات قطاع الأعمال.
فقد كشف عميد الكلية الدكتور عدنان غانم عن وجود دراسة حالية تمت مناقشتها في أقسام الكلية استمرت على مدى عام كامل، وذلك من أجل وضع خطة دراسية جديدة للكلية ستكون بعد إقرارها من مجلس التعليم العالي قادرة على تخريج كوادر وطنية مؤهلة للعمل في مرحلة إعادة الإعمار بمختلف القطاعات الاقتصادية، مشيراً إلى أنه تمت الاستفادة من تجارب وخبرات الجامعات في عدد من الدول المتقدمة لدى دراسة هذه الخطة، لتكون مواكبة لكافة التطورات العلمية في العلوم الاقتصادية.
وبرأي غانم، فإن التخصصات الموجودة في كلية الاقتصاد تلبي احتياجات سوق العمل، مؤكداً أنه لا يوجد قصور في عمل أقسام الكلية فهي تعمل بشكل متوازٍ ومتكامل فيما بينها، ولكن المشكلة تكمن بالإقبال على بعض الأقسام مثل المصارف والتأمين والمحاسبة على حساب الأقسام الأخرى كالاقتصاد والإدارة، والسبب برأي غانم أن الطلاب في هذه الأقسام يعتبرون أن فرصة العمل في هذه التخصصات أكبر من باقي التخصصات الأخرى، وخاصة في القطاع العام بينما في مسابقات القطاع الحكومي فهي لا تحدد اختصاص الخريج.
وبالرغم من إقراره بملائمة مفردات الخطة الدراسية الحالية لكلية الاقتصاد مع متطلبات سوق العمل بنسبة لا تقل عن 90 % لجهة إعداد الكوادر التي يتطلبها سوق العمل وفق الفرص المتاحة، إلّا أن أستاذ المصارف والتأمين في كلية الاقتصاد الدكتور أكرم الحوراني يرى أن مرحلة إعادة الإعمار تتطلب التوسع في دور المصارف في عملية تمويل هذه المرحلة والتوسع في التأمين ومجالات تطوير برامج المحاسبة والإدارة بما يتماشى مع مشروع الإصلاح الإداري المطروح والتطوير والتقييم والقياس الإداري، مشيراً إلى أن الخطة الدراسية التي يتم إعدادها حالياً ستركز على بعض المقررات التي تخدم سوق العمل في مجال المصارف والتأمين والإدارة الصناعية وإدارة المؤسسات والمشافي.
الحوراني، الذي يشغل حالياً منصب النائب العلمي للكلية، أكد بأن برامج كلية الاقتصاد لا تقل عن المعمول بها عالمياً لأن الأسس الأكاديمية واحدة في معظم دول العالم، وهي قادرة أن تعد الطالب ليكون عنصراً فاعلاً في المرحلة القادمة من إعادة الإعمار وخاصة في مجال إعداد وإجراء دراسات الجدوى للمشروعات الاقتصادية التي تتميز وتنفرد بها كلية الاقتصاد بجامعة دمشق عن باقي الجامعات السورية الأخرى، وبرأيه في ظل الدمار الكبير للبنى التحتية للمؤسسات الاقتصادية فإن دراسة الجدوى ستكون عنصراً أساسياً من عناصر إعادة البناء في مجال الترميم أو إضافة مشروعات جديدة وبالتالي فإن خريجي كلية الاقتصاد مؤهلون لممارسة هذا العمل بكفاءة عالية في مرحلة إعادة الإعمار وفق تأكيده.
ووفق الحوراني، فإن القصور أو الخلل في المناهج الدراسية الحالية يتعلق بعدم الكفاءة العلمية للطالب في معالجة الموضوعات والمشكلات باللغات الأجنبية وهو خلل تاريخي في كل الجامعات السورية بسبب إهمال تعليم اللغات فيها، لافتاً إلى أن الصعوبة التي يعانيها خريجو كلية الاقتصاد في الحصول على فرصة عمل مرتبطة بالكم والعدد الكبير للمتقدمين لمسابقات الدولة، حيث تكون المنافسة كبيرة بين المتسابقين وعلى سبيل المثال تقدم إلى مسابقة المصارف 17 ألف خريج يتنافسون على 1700 فرصة عمل، أما القطاع الخاص فقد تراجع دوره خلال فترة الحرب وهو بكل الأحوال يبحث عن الخريج الأكفأ والذي يمتلك مهارات إضافية معينة بينما القطاع العام تحكمه في بعض الأحيان الواسطة والمحسوبيات.
في حين رأت رئيسة قسم الإحصاء التطبيقي في الكلية الدكتورة ميساء حمشو أن الخطة الدراسية الحالية لأقسام الكلية وفقاً للتطورات والمستجدات العلمية باتت خطة ناقصة والمعرفة التي يتلقاها الطالب من خلالها غير كافية ولا تتناسب مع سوق العمل وهي عوامل شكلت الدافع لتغيير هذه الخطة، مشيرة إلى أنه في حال إقرار الخطة الجديدة من المجالس المختصة ستكون معتمدة العام بعد القادم.
ولفتت حمشو إلى أن سوق العمل بحاجة ماسة لخريجي تأمين متخصصين، لأن خريج قسم المصارف والتأمين عندما يذهب للعمل في شركات التأمين يجد صعوبة في التأقلم مع آليات العمل لأنه درس التأمين بشكل محدود وبمعرفة بسيطة لم تؤهله للقيام بهذا العمل بالكفاءة المطلوبة مشيرة إلى المسؤولين في المؤسسة العامة للتأمين وهيئة الإشراف وشركات التأمين نوهوا إلى افتقاد مؤسساتهم إلى اختصاصي تأمين قادرين على تحليل المعطيات التأمينية لكي تستطيع الشركات العمل بموجبها.
وأضافت حمشو: لقد وجدنا في قسم الإحصاء التطبيقي فرصة كبيرة للتغيير من هذا الواقع وكان تصورنا أن يتم تغيير اسم القسم وافتتاح قسم إحصاء وتأمين لأن التأمين لايمكن أن يكون بمعزل عن الإحصاء، لأن الطالب بحاجة إلى أساليب تساعده في عملية تحليل المعطيات وخاصة أن نهضة الاقتصاد في المرحلة القادمة تقع على قطاع التأمين، ولهذا فإن الخطة المقترحة للقسم تراعي حاجة سوق العمل من محللي المعطيات.
وأشارت حمشو إلى أن خطة قسم الإحصاء التطبيقي الجديدة تتضمن مواد تأمينية في السنتين الثالثة والرابعة إضافة إلى برامج حاسوبية يستخدمها في التأمين، وهذه البرامج أصبحت ضمن الحزم البرمجية، والتي تساعد الطالب على التدرب على هذا النوع من البرامج، ما يؤهله للعمل على البرامج التي تستخدمها هذه الشركات، فضلاً عن أن التطورات الجديدة في التحليل الإحصائي وتحليل المعطيات تعتمد أساليب حديثة جداً تعتمد دمج تكنولوجيا المعلومات مع الأساليب الإحصائية كما أصبحت هناك معالجة تحليلية لنظم دعم القرار وهي مفاهيم لم تلحظها الخطة الحالية، حيث كانت تتم الإشارة إليها فقط ولكن تطور هذه المفاهيم وبروز جدارتها في عملية التحليل الإحصائي شكلت دافعاً لإقحام مادة نظم دعم القرار، ومادة تحليل المعطيات لعدة متغيرات لإكساب الطالب معرفة بالآلية التي يمكن أن يستخدمها في بحثه لدى وجود متغيرات عديدة بحاجة إلى عملية تحليل.
تغيير المناهج والخطط الدرسية لأقسام الكلية حاجة ماسة في الوقت الحالي تحضيراً لمتطلبات مرحلة إعادة الإعمار ورفد السوق الوطنية بالكوادر التي تتوافق مع هذه المرحلة، ولكن الإشكالية الأكبر برأي أستاذ الاقتصاد الدكتور حسين الفحل تتعلق بعدم تنظيم سوق العمل والافتقاد إلى دراسات جدية حول احتياجاته الفعلية، مشيراً إلى أن هذه المسألة مسؤولية مشتركة ووزارة العمل لديها كل المعطيات لمتطلبات اقتصاد الدولة والمجتمع في المرحلة القادمة.
المهارات والمعارف التي يأخذها الطالب في الكلية جيدة بدليل أن خريجي الكلية أثبتوا جدارة في الخارج والداخل، ولكن برأي الفحل، يجب أن ينصب اهتمام الكلية في المرحلة القادمة على تخريج كوادر صانعة لفرص العمل وليست طالبة لها لأن المرحلة القادمة ستستوعب الكل وخريجو الاقتصاد سيكون لهم دور كبير في هذه المرحلة.
ووفق الفحل، فإن الخطة الجديدة التي أقرتها أقسام كلية الاقتصاد بعد دراسات وافية تتضمن إحداث اختصاصات وشعب جديدة داخل كل قسم، مؤكداً استعداد كلية الاقتصاد للإقلاع بهذه الخطة، ولكن المشكلة تكمن في الدورة الاعتمادية الطويلة التي يحتاجها إقرار الخطة الدراسية للكليات، ما يستوجب المرونة والابتعاد عن المركزية الشديدة في الجامعة ووزارة التعليم العالي وأن تكون الكلية صاحبة القرار النهائي في مناقشة مشكلاتها وإقرار خططها الدراسية واعتمادها وسريانها.
وأكد الفحل ضرورة التفكير بشكل جدي بإحداث هيئة عامة لكلية الاقتصاد بأقسامها تكون مسؤولة عن إقرار الخطط الدراسية وإحداث اختصاصات جديدة، وتخصصات فرعية والخروج من التخصصات العامة وتوجيه الطلاب نحو الاختصاصات الأدق وخاصة طلاب الدراسات العليا باعتبارهم الرافد الأساسي لمراكز الأبحاث وبرأيه ليس من الحكمة الإبقاء على أقسام وتخصصات ليس عليها إقبال وأصبحت من الماضي لمجرد أنها موجودة في الكلية لافتاً إلى ضرورة أن الابتعاد عن الكتاب الجامعي والاكتفاء بتزويد الطالب بمفردات المقررات بحيث يبحث الطالب عن المعلومات من المراجع المتطورة في المكتبات الجامعية أو الإلكترونية.
صحيفة الأيام السورية
تعليقات الزوار
|
|