الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

لم يمضي على صدوره ثمانية أشهر..تشكيل لجنة لتعديل قانون التموين الجديد

الاقتصاد اليوم:

لم يكَد يمضي على صدور القانون رقم 14 الخاص بالتجارة الداخلية وحماية المستهلك ثمانية أشهر، حتى طالعتنا وزارة العدل بتشكيل لجنة تضم كل الوزارات والجهات ذات العلاقة، والهدف المفاجأة هو العمل على إعادة تعديل القانون نفسه الذي لم يمرّ على صدوره سوى أشهر قليلة كما أسلفنا، ولا تزال تعليماته التنفيذية تتوارد بشكل متتابع من وزارة التجارة وحماية المستهلك.

تعارف وتوجيه

ووفق تصريح مصادر حكومية فضّلت عدم ذكره اسمها، فإن اللجنة عقدت حتى تاريخه اجتماعين الأول للتعارف والثاني تم فيه التوجيه لكل جهة بإعداد مذكراتها الخاصة فيما تراه مناسباً من تعديل انطلاقاً من خصوصية عمل ومهام ومسؤوليات كل منها وتقاطعها مع الجهات الأخرى.

القانون 14 المؤلف من 63 مادة كان قضى في مادته الـ61 بإنهاء العمل بكل من: قانون التموين والتسعير رقم 123 لعام 1960م وتعديلاته الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 158 لعام 1969 وبالقانون رقم 22 لعام 2000، وقانون قمع الغش والتدليس رقم 158 لعام 1960م وتعديلاته الصادر بالقانون رقم 47 لعام 2001، وقانون حماية المستهلك رقم 2 لعام 2008م وتعديلاته الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 27 لعام 2013، وأيضاً قانون سلامة الغذاء رقم 19 لعام 2008، هو اليوم مهدّد أن يلحق بسابقيه مما تقدّم، للعديد من الأسباب ومنها أنه لم يراعِ التخصّص، إضافة إلى قضايا غاية في الدقة من حيث الصياغة ومفهومها وتفسيرها القانوني.

شتان

وعلى سبيل المثال، لم يُدرج في القانون 14، “البيع بسعر زائد”، بينما الموجود “الإعلان بسعر زائد”، وحسب الخبراء شتان ما بين الاثنين من الناحية القانونية، والهدف من كل منهما، فـ”الإعلان بسعر زائد” يعني قيام البائع بالإعلان عن سعر يتجاوز السعر المحدّد له من الجهات المختصة، وبموجبه يعتقد المستهلك أنه غير مغبون من قيام البائع بنفس السعر المعلن عنه، أي أن المستهلك يتعرّض في هذه الحالة للاستغلال ولا يعلم إن كان بإمكانه التشكي، أما “البيع بسعر زائد” فهو أخفّ من الأول لأن المستهلك يعلم أن البائع قد خالف وأخذ منه أكثر من السعر المحدّد، وهذا لم يتضمّنه القانون، علماً -وهنا المفارقة- أن الغرامة هي نفسها في كلتا الحالتين..!؟.

اتهام

مختصون في الأسواق اتّهموا القانون بأن ما فيه من موادّ تتعلق بالجودة لا تمتّ إلى الجودة بصلة!. ولعل اعتراف مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية بتنامٍ كبير لحالات الغش في المواد وبأن التعليمات التنفيذية التي أصدرتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بقرارات جاءت لتوضيح المبهم من المواد الواردة في القانون نفسه، يدفعنا إلى التساؤل هنا لماذا بالأصل كان ذلك الإبهام، وهل عجز قانونيونا وخبراؤنا عن صياغة موادّ صريحة لا تحتمل الاجتهاد وتعدّد التفاسير وفي جيب من ستصبّ الفائدة من ذلك..؟!.

ولعل تأكيد أمين سر جمعية حماية المستهلك على أن حسن تطبيق التعليمات التنفيذية من شأنه أن يؤتي ثماره، هو دليل على أن القانون لم يستطع الحدّ من المخالفات رغم الغرامات والعقوبات التي يفرضها القانون، وباعتراف المذكورين أنها زادت، وأن عدد الضبوط ونوعها لا تعدو حالة صحية للأسواق، وعليه فالمطلوب الآن العمل على ذلك ومعالجته وإلاَّ فسيكون القانون حبراً على ورق.

ثغرات

الجدير أن عدداً من الباحثين كانوا انتقدوا القانون، إذ اعتبره أحدهم مقبولاً نظرياً متسائلاً: هل توجد مقوّمات لتطبيقه وخاصة من حيث عدد المراقبين، بالإضافة إلى المحاسبة العادلة للمحتكرين، لافتاً إلى أن القانون ألزم التجار والمشتغلين بالإعلان عن الأسعار فهل يوجد حالياً في أسواقنا إعلان عن أسعار السلع والبضائع، أيضاً هل اطّلع التاجر والمستهلك على بنود القانون وتعرّف عليها لمعرفة ما له وما عليه، مؤكداً أن هناك تقصيراً من “وزارة التجارة الداخلية” حيال التعريف بمواد القانون إعلامياً.

بالمقابل أكد أهمية تشكيل هيئة خاصة تواكب التضخم في الأسعار والتكاليف التي تتعرّض لها معظم السلع والمواد، لا أن يصب القانون ضمن قالب معين وإلزام جميع الأطراف به، فهناك متغيّرات في السوق تحدث بين يوم وآخر من حيث الأسعار والتكاليف وعلى الهيئة التي يجب تشكيلها أن تواكب هذه المتغيّرات من أجل تجنّب ظلم البائع، مشيراً إلى أن القانون أعلن عن العديد من الأمور مثل ضرورة الإعلان عن بدل الخدمة، ولكن هل هذا متوفر في أسواقنا، لافتاً إلى أن هناك موادّ مرتبطة بنظام الفوترة ولكن هذا غير مطبّق في اقتصادنا وغير جاهز للتطبيق حالياً، لذا تطبيق القانون الجديد لحماية المستهلك سيواجه صعوبات كثيرة على أرض الواقع.

وأوضح أن القانون كرّس الغرامات على حساب العقوبات مثل الحبس، وهذه تعتبر ثغرة في القانون، ففرض غرامة مالية واحدة دون النظر إلى التاجر والفاعلية وحجم عملها شيء غير منطقي، فهل من المنطقي أن تنطبق قيمة مخالفة مصنع كبير على مخالفة تاجر صغير؟ لذا يجب الأخذ بعين الاعتبار حجم المنشأة وعملها في فرض العقوبات والغرامات المالية، متسائلاً ما هو دور هيئة المنافسة ومنع الاحتكار في هذا القانون، وماذا عن دور “وزارة السياحة” أيضاً وماذا عن التداخلات في أجهزة الرقابة؟، كما أن قانون حماية المستهلك الجديد ألغى العديد من القوانين السابقة مثل قانون الجودة والغذاء فهل غطى القانون الجديد هذا الجانب بالكامل وجوانب القوانين التي ألغاها أيضاً؟..

المصدر: صحيفة "البعث"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك