الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

مؤشرات النمو الاقتصادي في سورية خلال 10 أعوام…(الجزء الأول)

الاقتصاد اليوم:

بين الباحث الاقتصادي إيهاب سمندر، والمدير العام السابق لهيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات في دراسة تفصيلية له، أن الاقتصاد السوري نما في الفترة 2006 ـ 2010 (سنوات الخطة الخمسية العاشرة) بمعدل بلغ 5% تقريباً (فترة انتعاش).

    وتراجع النمو الاقتصادي في الفترة الثانية بشكل كبير تجاوز (-10%) كمعدل وسطي لكامل الفترة 2011-2015، بالتالي يمكن وصف الفترة بأنها (فترة انكماش).

    يتراجع حجم الاقتصاد السوري بشكل ملحوظ في السنوات السابقة حيث يصل إلى أقل قيمة له خلال العام 2015، مما يبين مدى تأثير الأوضاع التي تمر بها سورية على مستواها الاقتصادي.


الجدول (2) الناتج المحلي الإجمالي 2006-2015 بالأسعار الثابتة

المصدر: المجموعة الإحصائية السورية، مصادر دولية وتقديرات الباحث.

تركيب الناتج المحلي الإجمالي:

-المقصود هنا تركيب الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 2000.

-عادت حصة الزراعة من الناتج إلى الارتفاع بعد تراجعها لسنوات حيث وصلت إلى 23% من في عام 2015، وكانت أقل نسبة تبلغها 16% في عام 2010، وهذا يبين عودة لأهمية الزراعة في تركيب الناتج المحلي الإجمالي لسورية.

-لا تسجل حصة الصناعة والتعدين تغيراً كبيراً في سنوات السلسلة مع أنها من القطاعات المهمة من حيث حصتها من الناتج المحلي السوري (22% في المتوسط خلال الفترة المدروسة).

-شهدت تجارة الجملة والمفرق زيادة مهمة حيث وصلت إلى 22% في عامي 2013-2014 ثم عادت لتتراجع في عام 2015 إلى 20%.

-يتقارب قطاعي النقل والمواصلات مع قطاع الخدمات الحكومية من حيث حصتهما من الناتج التي تبلغ 13% في المتوسط.

-أيضاً يتقارب قطاعي البناء والتشييد وخدمات المجتمع والخدمات الشخصية من حيث حصتهما من الناتج التي تصل إلى 4% تقريباً.

الشكل (1): التركيب القطاعي للناتج المحلي الإجمالي في سورية 2006-2015


-نلاحظ الارتفاع الملحوظ لحصة قطاع الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي في سورية مقارنة ببعض الدول العربية ذات الاقتصاد المتنوع (15% في المغرب)، (14% في مصر) و(8% في تونس). (حسب التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2015).

النمو على المستوى القطاعي:

-على المستوى القطاعي حققت جميع القطاعات الاقتصادية معدلات نمو سلبية، في إطار العلاقة الجدلية بين القطاعات الاقتصادية والنمو الاقتصادي ككل، خصوصاً في الفترة بعد العام 2011.

-يتذبذب النمو في قطاع الزراعة بين عام وآخر، موجب في عام 2006، 2009 وفي عام 2015 حيث حقق معدل نمو 9.3% عن عام 2014، ولكنه في كامل السلسلة سالب (-4.8%).

-يحقق قطاع الصناعة معدل نمو موجب حتى العام 2011 حيث يدخل في حالة من النمو السلبي لى النمو الموجب ويسجل أكبر تراجع له في عام 2012 (-27%) أما أعلى نمو له فكان في عام 2010 (8.5%) أما في كامل السلسلة فيتراجع قطاع الصناعة بحوالي (-5.6%).

-يحقق قطاع البناء والتشييد أعلى معدل نمو له في عام 2011 (26.9%) ويسجل في عام 2015 أعلى تراجع (-28.7%)، أما في كامل السلسلة فيتراجع بـ (-8.2%).

-بعد نموه المرتفع نسبياً في بداية السلسلة(20.2% في عام 2006) يتراجع معدل النمو لقطاع تجارة الجملة والمفرق بشكل مستمر ويصل إلى (-16% في عام 2012)، لكنه يحقق في عام السلسلة معدل نمو (-3.4%).

-كان متوسط تراجع قطاع النقل والمواصلات منخفض نسبياً قياساً ببقية القطاعات (-2.8%) لكامل السلسلة، أما أكبر معدل نمو له فكان في عام 2007 (11.4%)، وأكبر انخفاض في عامي 2011 و2014 (-15% تقريباً).

-قطاع المال والتأمين والعقارات، تراجع بحدود (-6.1%) في كامل السلسلة، مع أن انفاضه وصل لحدود (-28%) في عام 2012، وأعلى نمو يحققه كان في عام 2007 (21.5%).

-سجل قطاع خدمات المجتمع والخدمات الشخصية معدل نمو سنوي وسطي خلال السلسلة يقدر بحدود (-1%) مع أنه حقق في عام 2008 معدل نمو 24.8% وفي عام 2013 سجل نمو (-34.4%).

-يعتبر قطاع الخدمات الحكومية من القطاعات التي يعتبر تراجعها منخفض (-2.1%) لكامل السلسلة، مع أنه حقق قفزة مهمة في عام 2007 (28.9%) وحقق معدل نمو سلبي بنفس النسبة في عام 2013 (-28.9%).

-القطاع الوحيد الذي كان معدل نموه موجباً هو قطاع الهيئات التي لا تهدف إلى الربح (1.7%) خلال كامل السلسلة، مع أن نموه في السنوات الأخيرة كان سالباً في جميع السنوات (أكبر تراجع في عام 2012 (-7.7%)، وأعلى نمو في عام 2006 (20.3%)).

-انخفض الناتج في قطاع الرسوم الجمركية بـ (-10.9% في كامل السلسلة)، أما التراجع الأكبر فكان لقطاع خدمات المال المحتسبة (-196.3%).

-قطاع الهيئات التي لا تهدف إلى الربح نما بحوالي 1.7% في الفترة 2006-2015، وباستبعاد قطاعي الخدمات المالية والرسوم الجمركية، كان التراجع الأكبر في قطاع البناء والتشييد (-8.2%)، قطاع المال والتأمين (-6.1%)، قطاع الصناعة والتعدين (-5.6%)، قطاع الزراعة (-4.8%)، قطاع النقل والمواصلات (-2.8%)، قطاع الخدمات الحكومية (-2.1%).

الجدول (3): معدل النمو على مستوى القطاعات الاقتصادي ولكامل السلسلة 2006-2015

المصدر: حساب الباحث

مساهمة القطاعات الاقتصادية بمعدل النمو الاقتصادي:

-تتذبذب مساهمة القطاعات الاقتصادية بالنمو الحقيقي للاقتصاد السوري، وهذا يعكس حالة عدم استقرار في حجم الناتج القطاعي المتحقق بين سنة وأخرى، كما أنه يعكس الاعتماد على ظروف خارجة في بعض الأحيان عن السيطرة الإنسانية كالعوامل الطبيعية وأحياناً تحديات الأزمة التي تمر بها سورية.

-بالرغم من الزيادة الملحوظة في حصة قطاع الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي إلا أن مساهمته بالنمو الاقتصادي تتراجع خصوصاً في عام 2015 (-41%)، بعد أن أتى 9 و8% من النمو الاقتصادي في عامي 2013 و2014 من قطاع الزراعة علماً أن مساهمته بالنمو كانت 20% في عام 2012.

-مع أن مساهمة قطاع الصناعة بالنمو الاقتصادي ملحوظة وهي إيجابية على الأغلب، إلا أن هذا القطاع يشهد باستمرار تراجع في دوره بالنمو الاقتصادي (1% فقط من النمو الاقتصادي في عام 2015 أتت من قطاع الصناعة، بعد أن كان 62% من النمو الاقتصادي يأتي من قطاع الصناعة في عام 2010).

-هناك مساهمة ملحوظة ومتزايدة في النمو الاقتصادي لقطاع تجارة الجملة والمفرق (63% في عام 2015، بعد أن كانت مساهمته 13% في عام 2013 ومعدومة في عام 2010).

-كذلك تزداد مساهمة قطاع المال والتأمين في النمو الاقتصادي إلى 29% في عام 2015 بعد أن كان سبباً في خسارة 13% من النمو في عام 2011 (أول أعوام الأزمة السورية).

الشكل (2): مساهمة القطاعات الاقتصادية في النمو الاقتصادي لسورية


مساهمة المصادر الكمية والنوعية في النمو:

-في السنوات التي كان النمو الاقتصادي فيها موجباً، كانت المساهمة الأكبر في النمو تأتي من رأس المال المادي الذي لعب على الدوام الدور الأهم في نمو الاقتصاد السوري، بالمقابل كان دور العمالة محدود نسبياً بسبب انخفاض حصة الأجور من الناتج المحلي الإجمالي بتكلفة عوامل الإنتاج، والتي بلغت في المتوسط حوالي 20% لكامل السلسلة.

-تؤشر الاعتمادية المرتفعة على رأس المال المادي في النمو الاقتصادي على محدودية إمكانية استدامته، مما يعني ضرورة بذل المزيد من الجهد في تطوير كفاءة العنصر البشري في سورية لضمان معدلات نمو أكثر استقراراً.

-من الأمور التي تبين لنا مشكلة حالة دور العمالة في النمو الاقتصادي هي تزايد المعدل الوسطي للإنتاجية خلال السلسلة المدروسة قياساً بنمو الأجور لنفس الفترة مما يعني أن استفادة شريحة العمالة من ذوي الأجور أو حتى الدخل المختلط من النمو الاقتصادي محدودة (1.1% للإنتاجية، 0.7% للأجور الحقيقية).

-أما الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج TFP فلعبت دوراً سلبياً في معظم سنوات السلسلة المدروسة، وهذا يعكس ضعف في مستوى الكفاءة البشرية لا سيما ذات العلاقة بالإدارة الاقتصادية، وتحسن المساهمة في السنتين الأخيرتين (2014،2015) ناجم عن حركة غير قصدية لاستيعاب الاقتصاد السوري للنمو السلبي مع تراجع مساهمة العمل ورأس المال في النمو الاقتصادي.

الشكل (3) مساهمة المصادر الكمية والنوعية في النمو


المصدر: حسابات الباحث

-إن التراجع المستمر في حجم الاستثمارات الكلية يؤثر على معدل النمو الاقتصادي في سورية، كما سيؤثر على النمو المتوقع في الفترة المقبلة، بسبب الأهمية الكبيرة للاستثمار المادي في تحقيق معدلات نمو اقتصادي في سورية، كما ظهر معنا ذلك.

-بعد أن حقق الاستثمار الكلي بالأسعار الثابتة معدلات تزايد مهمة في عامي 2009-2010 بلغت (10 و28%) على التوالي، تراجع معدل نموه إلى (-12%) في عام 2014.

-من الملاحظ أن حجم الاستثمار الإجمالي في عام 2015 أقل مما كان عليه في عام 2007، مع أن معدل النمو للاستثمار خلال كامل السلسلة بلغ 1% فقط.

الجدول (4): الاستثمار الكلي بالأسعار الثابتة


المصدر: المجموعة الإحصائية السورية، مصادر دولية وتقديرات الباحث

-المشكلة في النمو الاقتصادي ليست على الدوام تراجع الاستثمار من الناحية الكمية (برغم أهمية هذه النقطة بسبب اعتماد الاقتصاد السوري على كم الاستثمارات لتحقيق معدل النمو المطلوب) مع ذلك فالمشكلة الأكبر هي في ضعف الإنتاجية الحدية لرأس المال MPK والتي تساوي مقلوب معامل رأس المال (ICOR) وهو عدد الليرات السورية اللازم استثمارها لتحقيق عائد من ليرة سورية واحدة.

-لم يقل المؤشر عن 5.7 في عام 2009 ووصل إلى 11.9 في عام 2010، ثم أصبح سالباً بسبب دخول الاقتصاد السوري في مرحلة الانكماش، وعدم تحقيق جدوى من الاستثمار.

الشكل (3): العائد على الاستثمار

-يعكس تراجع معامل رأس المال، جملة من الصعوبات على المستوى التقني التي يواجهها الاقتصاد السوري وهوما يجعل تحقيق معدلات نمو مناسبة أمر أكثر صعوبة.

-لم تشكل مساهمة رأس المال البشري دوراً مهماً في النمو الاقتصادي لسورية (بسبب انخفاض حصة الأجور من الناتج المحلي الإجمالي بتكلفة عوامل الإنتاج، وبحساب هذه النسبة عن الفترة المدروسة من خلال العلاقة (حصة الأجور من الناتج مضروبة بالحد أدنى للأجر مقسومة على متوسط الأجور) تكون النسبة 10% وهي مساهمة رأس المال البشري المتعلم في الناتج.

-تعكس انخفاض مساهمة رأس المال البشري في الناتج ضعف الفرق في التعويض المالي بين العاملين ذوي التعليم المنخفض وغيرهم من العاملين ذوي التعليم المرتفع، وهذا الأمر يؤثر على استقطاب الكفاءات العلمية والمهنية، كما يجعل من الصعب المحافظة على الكفاءات المتوفرة.

-في حال حساب الفرق بين الحد الأدنى للتعيين بين الفئة الثانية والفئة الأولى ممن حصلو على الجامعة، سيكون فرق الراتب يعادل حوالي 8% عن كل سنة دراسية بعد الثانوية وهذا يشكل حافز ضئيل، يعادل نصف الزيادة التي تنجم عن تحصيل سنة دراسية في الجامعة في أوربة، الأمر الذي يقتضي إصلاح مستقبلي في سلسلة الرواتب لجهة إحداث فارق حقيقي لمصلحة العاملين من ذوي الشهادات العالية.

سينسيريا

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك