الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

ماذا تعني المضاربة على العملات وأين تتم وكيف وما هي أهدافها؟..إليكم الشرح

الاقتصاد اليوم:

 شهد سعر صرف الليرة السورة تجاه الدولار الأمريكي، تراجعاً حاداً تسارعت وتائره خلال الأسابيع الماضية، إذ تجاوز الانخفاض حدود الـ (40%) بالمقارنة بما كان عليه السعر منذ ستة أشهر. وهذا التراجع يفسره البعض في الواقع بأسباب كثيرة، وعوامل متعددة، منها عمليات المضاربة، التي لاشك بأن لها تأثير كبير على تطور سعر الصرف. ويبقى السؤال الأبرز في هذا الإطار، ماذا تعني المضاربة، وأين تتم ، وما هي أهدافها ؟ وكيف تؤثر على توزيع الثروة والدخل؟

أولاً: طبيعة العلاقة بين سوق النقد وسوق السلع والخدمات (الماهية والحساسية):

تعد وحدة النقد الوطنية في الواقع سلعة، يتم تداولها بيعاً وشراءً في سوق العملات، ويتحدد سعرها بناء على نقطة التلاقي بين مسارات العرض والطلب، كأي سلعة. لكن ما يميز سوق النقد هو أن خطورة الانعطافات الحادة، والانكسارات المفاجئة في مستويات العرض للنقد والطلب عليه، يترتب عليها تداعيات سلبية خطيرة، بحسبان وحدة النقد معادلاً عاما للقيم الاقتصادية المختلفة (السلعية والخدمية). ، ما يعني أن تراجع قيمتها تجاه عملة التحويل الدولية، سيتسبب بصورة مباشرة في تراجع القوة الشرائية للدخول والمرتبات، وبالتالي سيتسبب في تراجع مستوى المعيشة، وانخفاض مستوى نوعية الحياة، جراء العلاقة القوية والتأثير المُتبادل بين اتجاهات تطور المستوى العام للأسعار و بين تحولات سعر الصرف .

ثانياً : المضاربة على العملة

1ــ المضمون

المضاربة على العملة، هي صيغة من صيغ التبادل التي تجري في سوق تداول العملات، لا علاقة لها على الإطلاق بحركة المبادلات التجارية (أي تجارة السلع والخدمات)، تتضمن في حيثياتها عمليات شراء عملة محددة، بهدف إعادة بيعها في لحظة معينة بسعر أعلى. مع الأخذ بالحسبان أن عمليات المضاربة، تتجاوز نطاق أوحدود المضاربة على العملة، إلى المضاربة على العقارات والعقود الآجلة والمشتقات المالية.....وغير ذلك.

2ــ الأهداف والغايات

ثمة أهداف ودوافع كثيرة تقف وراء عمليات المضاربة، تتراوح بين سعي المضاربين نحو الإثراء وتحقيق الربح عن طريق تنفيذ عمليات شراء، بهدف إعادة البيع في وقتٍ لاحق، بسعر أعلى من سعر الشراء، كان قد راهن المضارب على بلوغه في وقتٍ لاحق، وهو رهان ينطوي في الواقع على مخاطرة ومجازفة، وربما غرم، كما ينطوي في الوقت ذاته على فرصة وغنم، يمكن أن يصنف كعائد مخاطرة، وبين أهداف أخرى، قد تتجاوز في مراميها وغاياتها نطاق المصالح و حدود الاقتصاد، إلى حدود السياسة، إذ تستهدف في هذه الحالة الابتزاز وممارسة الضغط السياسي، بهدف التحكم بطبيعة القرار السياسي للدولة، والتأثير في طبيعة التحالفات السياسية، وتوازنات المصالح، بين مختلف القوى الفاعلة والأطراف المتعددة في اللعبة السياسية الدائرة .

ثالثاً: بين التحوط والمضاربة

لا تقتصر عمليات التحويل من عملة ما (الليرة السورية على سبيل المثال) إلى الدولار على المضاربين فقط، بل قد يقوم بها أشخاص آخرين (غير مضاربين)، ليس بهدف إعادة البيع لأجل الربح والإثراء عن طريق المضاربة ، بل بهدف الحفاظ على القوة الشرائية للأرصدة والموجودات، التي تتأكل بفعل التضخم، والارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار في الأسواق المحلية، كلما انخفض سعر صرف العملة الوطنية.

رابعاً: ماذا لو ذهبت الرياح بما لا تشتهي السفن

قد تحصل انعطافات حادة في مجرى سعر الصرف ( سعر صرف الليرة_السورية مقابل الدولار على سبيل المثال) ، إذ أنه عوضاً عن الانخفاض المرتقب في سعر صرف عملة ما ، قد يحصل العكس، إذ يرتفع سعر صرفها تجاه الدولار أو بعض العملات الأخرى القابلة للتحويل، ما قد يدفع بآمال المضاربين أدراج الرياح، ويلحق بهم خسائر معينة.

وهنا ستكون التداعيات السلبية للسلوك غير المتوقع لسعر الصرف، مختلفة الوقع والتأثير، على جميع من سبق أن راهن على انخفاضه ، تحديداً عندما تبدأ قوانين السوق الاقتصادية بفرض شروطها، التي ستعزز فرص الاستحواذ للأقوى، الذي يمتلك الملاءة المالية ، ولديه القدرة على تحمل الألم الاقتصادي (المالي) في لعبة عض الأصابع، كل ذلك سيتم على حساب من لا يستطيع أن يتحمل لوقت أطول، كونه لا يمتلك الأرصدة الكافية، وسيضطر تنفيذ عمليات تحويل بالاتجاه المعاكس، إما بدافع الحاجة للإنفاق على الاستهلاك والاستثمار، أو بدافع الهروب بما تيسر من أرباح، أو بأقل الخسائر، وتبقى الفرصة الاستراتيجية القادمة لهوامير الأرصدة المعاندة الضخمة بلا شك ( مكتنزي الدولار، المستنزفون لأرصدة البنك المركزي في الأجل المتوسط والطويل)، الذين لديهم القدرة على التحمل، وتتوافر لديهم الأرصدة الكافية، والسيولة اللازمة لتمويل الانفاق على الاستهلاك، وربما الانفاق على الاستثمار والتوظيف، غير المضطرين لتنفيذ عمليات تحويلات معاكسة، إذ سيتحول هؤلاء جميعاً من موقع المهاجم (المضارب) ، إلى موقع الكامن (المتحوط) / المدافع في سوق المضاربة، ينتظر لحظة معينة ، ليستأنف عندها عمليات المضاربة والاستحواذ من جديد.

المصدر:  Q_Street_Journal

 

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك