مراقبون: (حيتان السوق) احتكروا الاستيراد ورفعوا الأسعار دون تحرك حكومي!!
الاقتصاد اليوم:
أوضح أحد المطّلعين على خفايا السوق أن سوق الأدوات الكهربائية -على سبيل المثال لا الحصر- غالباً ما تشهد منافسة حقيقية نتيجة تعدّد الوكلاء والمستوردين وطرحهم أنواعاً وأصنافاً عديدة في السوق المحلي وبأسعار منافسة على عكس سوق الغذاء المحتكر من قلة من المستوردين، مشيراً إلى أن بعض السلع الغذائية الأساسية محصورة باسم عدد محدود من التجار الذين يتحكّمون بها وبتصريفها بالسعر الذي يريدون، وفي حال أقدم مستورد ما من خارج تلك المجموعة على استيراد أي سلعة من تلك السلع، فإنه يعرّض تجارته للخطر من مافيا الاحتكار التي لا تدّخر جهداً لمنع إدخال شحنات منافسيها إلى البلد.
ونشير هنا إلى أن "وزارة الاقتصاد" سبق لها أن أشارت في مذكرة رفعتها منذ نحو عام لرئاسة "مجلس الوزراء" حول سياسة التجارة الخارجية، إلى أن “حصول المستورد على كميات كبيرة من الإجازات لاستيراد كميات كبيرة من المادة يعني قدرته على التحكّم الأكبر في السوق ومنع دخول المستورد الصغير، فأيّ كمية يطرحها المستورد الصغير ستجد مضاربة كبيرة من المستورد الكبير المتحكم في السوق، وبالتالي عدم بيعها وخروج هذا المستورد الصغير من السوق”. وهذا يعني أن الوزارة على دراية كبيرة في هذه الحيثية، ما يثير بالتالي الاستغراب والتساؤل حول التجاوزات الحاصلة في هذا الخصوص نتيجة لعدم اعتماد هذا الأمر فعلياً..!.
وأضاف مصدرنا: يحق لأي تاجر أن يستورد سكراً على سبيل المثال، ولكن ليس بإمكانه إدخاله إلى البلد، وهنا يبرز دور مافيا السوق الحقيقية الناتجة عن الفساد الكفيل بامتصاص جميع البرامج الإصلاحية، إذ لا يوجد إلى الآن أي إجراء حقيقي لمكافحته سوى الإجراءات الشكلية، لأن كبار الفاسدين مسيطرون على كثير من المفاصل الإدارية وقادرون على صياغة قوانين مفصّلة على قياس مصالحهم الخاصة.
فالأجدى إذاً توسيع دائرة مستوردي المواد الأساسية بغية الوصول إلى عنصر المنافسة فيما بينهم وانعكاسها بالتالي على انخفاض الأسعار، وأغلب الظن أن هذا الأمر غير غائب عن أصحاب القرار، ونعتقد أيضاً أنهم مدركون تماماً ما آل إليه هذا الوضع المأساوي وما ألحق من ضرر بالمستهلك (وهو الضحية الكبرى) نتيجة ما اقترفه ويقترفه حيتان السوق المحلية..!.
نكاد نجزم بأن المنفذ الحقيقي للخروج من هذا النفق هو إعادة النظر بالدور الذي حظي به القطاع الخاص من جهة استيراده للمواد الأساسية اليومية وخاصة الغذائية منها واحتكاره لبيعها وفق مزاجية تخدم المصالح الشخصية الضيقة، وهنا يرى كثير من المراقبين أن دواعي المصلحة العامة تقتضي أن تتولى الدولة من خلال أذرعها المعنية بالتدخل الإيجابي وبالتعاون والتنسيق مع "المؤسسة العامة للتجارة الخارجية"، استيراد بعض المواد الأساسية الغذائية عن طريق مؤسسات التجارة الداخلية -وتحديداً المؤسسة الاستهلاكية- من خلال تخصيص القطع الأجنبي لها والشراء من المصدر مباشرة وطرحها في مراكزها بأسعار مناسبة وبهامش ربح معقول ومنطقي، وهنا يكمن الدور الإيجابي والمنافس لهذه المؤسسات حيث تؤمّن السلع في الأسواق بما يعادل الطلب عيها وتمنع بالتالي الاحتكار ورفع الأسعار من ضعاف النفوس، ولتحقيق ذلك لابد من إعطاء المؤسسات المرونة الكافية لاستيراد السلع والمواد الأساسية بالسرعة الكلية وتأمين السوق عند الحاجة.
المصدر: صحيفة "البعث"
تعليقات الزوار
|
|