الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

مشروع قانون البيوع العقارية سيزيد الفساد والأضرار ويوسع العشوائيات

الاقتصاد اليوم:

رأت مصادر عقارية مختصة أن مشروع قانون البيوع العقارية الذي أعدته وزارة المالية تعمدت فيه تكثيف الضباب حول جوهر المشكلة بقصد التعمية عن المشكلة وأثارت الغبار حول القضايا المطروحة، مضيفة: بهدف التورية على الهدر العام وتجفيف موارد الدولة وفوات العائدات على الخزينة العامة.

وأوضحت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها أن الوزارة تعمدت في مشروع القانون ذر الرماد في عيون المواطنين لزيادة البلبلة والإمعان في الاستمرار بالطروحات التي غفلت عين المشرّع عن خطورتها، ما يؤدي إلى عرقلة حياة المواطنين من جهة وخلق بيئة استثمارية غير مشجعة من جهة ثانية ولاسيما في هذه المرحلة قبل الشروع بإعادة الإعمار.

ما يدل على أن الوزارة تستمر بسياسة الهروب إلى الأمام، والحديث اليوم ليس على عدالة القانون رقم 41 وإنما على مشروع البيوع العقارية المقترح الذي لا يمكن تطبيقه بعدالة على أرض الواقع لأن مسح الجمهورية العربية السورية عقارياً في هذه الظروف غير ممكن مهما وضعت معايير لأسس تقدير القيم الرائجة.

وتابعت المصادر قائلة: كما أن آلية تنفيذ هذا المشروع ستتم عبر عدة لجان وستعتمد مهما حاولت توخي الحذر على التقدير الجزافي لتعذر القيام بالمسح الميداني الحقيقي على الأرض، مشيرة إلى أن أسعار العقارات متغيرة لأنها تتأثر بعدة عوامل منها الاستقرار الأمني وسعر الصرف كما أن بعدها أو قربها من مراكز المدن يلعب دوراً في ذلك، إضافة إلى الخدمات والطرق وحالة الرواج أو الكساد الاقتصادي باعتبار أن العقارات تعتبر دائماً ملاذاً آمناً ومضموناً وغيرها من العوامل التي يصعب حصرها.

ودافعت الوزارة عن مشروعها الجديد بقولها إنه لا يتضمن فرض ضرائب جديدة وإنما تصويب للضرائب المفروضة بموجب القانون 41 إلا أن هذا الكلام اعتبرته المصادر غير صحيح بالمطلق لأن المشروع الجديد نسف كلياً القانون 41 وفرض ضرائب جديدة ليس بنوعها بل بقيمها وأسس استيفائها.

وحجة الوزارة أيضاً أن الأسعار الرائجة لا تعتمد إلا عند البيع وليس لها أثر في تحديد مستوى الأسعار سواء بالارتفاع أو بالهبوط وأيضاً هذا غير صحيح لأن مجرد فرض ضريبة على العقارات سيؤدي بشكل تلقائي إلى ارتفاع أسعار العقارات ولا يمكن وضع ضوابط للأسعار الرائجة لأنها متحركة بشكل سريع، ما يجب تحذير كل المعنيين أن هذا التشريع إذا صدر سيؤدي إلى الكثير من الأضرار.

وبينت المصادر أن مشروع القانون سيساهم حتماً في زيادة أسعار العقارات من دون استثناء وهذا سيؤدي بشكل خاص إلى زيادة تكلفة العقارات « الأراضي» المعدة للبناء لأن تكلفة الأراضي ستزداد وسينعكس ذلك على قيم الأبنية السكنية والمعيار العالمي لكلفة الأرض من البناء هي بين 40 إلى 50 بالمئة وخاصة أننا مقبلون على مرحلة إعادة الإعمار.

وبناء على هذا الكلام فإنه سيساعد هذا المشروع على نشوء عشوائيات جديدة وتضخم القائمة نتيجة فرق الأسعار التي ستلمس بين المناطق المنظمة والمخالفة، ما سيدفع المواطنين في حال صدوره إلى أساليب متعددة للتحايل على هذا القانون عبر بيوع غير رسمية أو إجراء عقود تأجير لمدة «99» سنة.

وأضافت المصادر: إذا كان الهدف هو تصويب للضرائب المفروضة فيمكن تعديل نسب الضريبة الواردة بالقانون رقم 41 بشكل مدروس وواقعي، مؤكدة أن الوزارة رفعت مشروع القانون المشار إليه منذ عدة سنوات إلى مجلس الوزراء إلا أنه رده إليها لصعوبة تطبيقه، علما أن الأعوام التي سبقت الأزمة كانت سنوات استقرار فكيف إذا في هذه الظروف يمكن نجاح هذا المشروع.

ومن هذا المنطلق فإنه من الأولى على وزارة المالية التركيز على العقارات التجارية والتي هي عادة تقع في مراكز المدن والبلدات والتي هي مصدر الضريبة الأكبر لا العقارات السكنية أو الأراضي التي هي أغلبها أراض زراعية، وخصوصاً أنه لا يوجد بالفقه الضريبي ضريبة على بيع عقار سكني لأن بيع العقار السكني عملية مدنية لا تخضع للضريبة « ما دام مسدد عنه الريع السنوي» إلا إذا امتهنها شخص وأصبح ممارساً للمهنة.

ويبدو أن عجز وزارة المالية عن تكليف تجار العقارات الذين جنوا أرباحاً طائلة ولم يسددوا أي ضرائب وتهربوا منها بطرق معروفة دفعها إلى تشميل البيوع العقارية كلها للمواطن والتاجر بالأسلوب والطريقة نفسها ومن دون التمييز بينهما، وخصوصاً في ظل التساؤلات هل كلف وزير المالية تجار عقارات منطقة تنظيم كفرسوسة إلى الآن رغم مضي أكثر من عشرين عاماً أم إن تجار العقارات تهربوا منها، مطالبة الوزير بالكشف عن قائمة بأسماء تجار العقارات الذين أشادوا تنظيم كفرسوسة ومقدار الضرائب المسددة منهم وكان هذا قبل نفاذ القانون رقم 41 الخاص بالعقارات.

وأدلى وزير المالية في تصريحات صحفية سابقة يدافع فيها عن مشروع قانون البيوع العقارية المقترح من أنه سيقضي على الفساد نهائياً ويمنع تدخل العنصر البشري في تقدير العبء الضريبي، على الرغم من أن التشريع الضريبي الوحيد وعلى وجه الحصر النافذ حالياً في وزارة المالية الذي ليس للعنصر البشري أي تدخل في تقدير الضريبة هو القانون رقم /41/ لعام 2005 الذي يستند إلى القيمة المالية القطعية المقدرة لدى الدوائر المالية في استيفاء الضريبة وهذه القيمة مقدرة قبل نفاذ القانون رقم /41/ لعام 2005 لأنها كانت مقدرة لغايات استيفاء ضريبة ريع العقارات ولأسباب أخرى.

وقالت المصادر: إن وزير المالية تكلم بشكل مخالف للواقع وأصبح الفساد ومكافحته شماعة نعلق عليها كل الأخطاء أو مبررات أعمال ليس لها في الواقع أي مبرر منطقي.

يشار إلى أن مشروع القانون سيقسم المناطق إلى جيدة ومتوسطة وضعيفة، ما أثار بذلك العديد من التساؤلات حول ذلك، أهمها أليست الأسعار الرائجة سيقدرها أشخاص وهل إدخال هذه الأرقام بنظام معلوماتي رقمي سينفي صفة التقدير الشخصي منها.

ورأت المصادر أنه مجرد كلام يراد به تجميل الأخطاء ليس إلا، متسائلة هل استطاعت وزارة المالية أتمتة أبسط أعمالها حتى تتكلم عن أتمتة قانون جديد.؟

وأضافت: رغم كل العيوب الموجودة في مشروع القانون إلا أن وزير المالية مستمر بإعطاء دروس عن كيفية تكليف الشركة القابضة ضريبياً ومتى تخضع للضريبة ومتى لا تخضع علماً أن التساؤل يدور حول شركة تملك عقارات وساهمت بالجزء الأكبر بحصتها برأس المال على شكل حصة عينية، متسائلة هل تم استيفاء الضرائب على هذه الحصص كما أنه هل تم تقدير عقاراتها وهل سددت رسم الطابع على حصتها برأس المال؟

وبعد الحديث عن إلغاء الهيئة العامة للضرائب حذرت المصادر من هذه الخطوة باعتبار أنها ستعيد العمل الضريبي في سورية إلى وضع سيئ جداً وستخلق بلبلة بين العاملين والمكلفين فكان لابد من تفعيلها لأنها جهة متخصصة بإدارة الضرائب والرسوم في سورية لا اللجوء إلى إلغائها والسؤال المشروع لمصلحة من هذا الإجراء غير المبرر، وخصوصاً أنه كيف نريد زيادة إيرادات الدولة ونعمد إلى إلغاء الهيئة الموكل إليها تحصيل هذه الإيرادات بشكل تخصصي فأين المنطق بذلك؟!!

وهنا لابد من الإشارة إلى الدعوات حول التركيز على مصادر الدخل الحقيقية واستيفاء الضرائب الواجبة عليها وأن يعمد إلى وضع أسس للقضاء ولو جزئياً على التهرب الضريبي، وهذا لا يعني مطلقاً أننا ضد أي تعديل تشريعي واقعي وعادل يحقق إيراداً للخزينة ولكن مع التركيز على الهدف الحقيقي لمصادر الدخل وهذا كفيل بزيادة الإيرادات بشكل كبير، وإذا كان تطبيق قانون الضريبة الموحد كما قال وزير المالية في وقت سابق من غير الممكن تطبيقه في ظل الأزمة فكيف إذا يمكن تطبيق قانون البيوع العقارية في ظل الأزمة.

المصدر: صحيفة الوطن

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك