الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

مقترح مثير للاهتمام.. شراء الديون المتعثرة لتحرير الحكومة والمصارف من مخاطرها

الاقتصاد اليوم:

يبدو أن مقترح إحداث مؤسسة تعنى بشراء القروض المتعثرة من المصارف العامة والخاصة، أثار اهتمام العديد من الجهات المعنية بالشأن المصرفي، وخلال حضورها ورشة عمل أقيمت مؤخراً حول دور المصارف في دعم الاقتصاد.

ونظراً لصعوبة تأسيس مثل هذه المؤسسة التي تتطلب وجود سوق مالية متطورة، سألنا صاحب الفكرة الأكاديمي الدكتور سامر قصّار (متخصص في المصارف) عن إمكانية أن يتولى مصرف سورية المركزي شراء القروض المتعثرة بنفسه من جميع المصارف بسعر خصم (أقل من قيمتها الحقيقية) على أن يتولى هو بمهام المؤسسة المقترحة، ويمكنه طباعة كمية النقد اللازمة لشرائها، وهو ما يشكل نوعاً من التيسير الكمي، كما هو مستخدم في العديد من دول العالم، وبهذا الأمر يقوم المصرف المركزي بضخ سيولة في المصارف مقابل تحرير ميزانياتها من القروض المتعثرة ومؤناتها، ويفرض شروطاً للإقراض بحيث يضمن توظيف الكتلة الجديدة في الإنتاج.

إلا أن الدكتور قصّار شدّد ضرورة إحداث مؤسسة مستقلة، يمكن أن يؤسسها القطاع الخاص، والأفضل أن تؤسس وفق قانون التشاركية، من دون إدخال المصرف المركزي، ولذلك لأن تحميل المصرف المركزي مثل هذه المهمة يعني تحميل الحكومة مخاطر وأعباء هذه الديون، على حين الغاية من الشركة المستقلة نقل المخاطر والأعباء من الحكومة إلى الشركة، التي سوف تكون مهمتها الأساسية إدارة تلك المخاطر.

ونوّه القصّار بأهمية دخول شركات التأمين على الخط في تأسيس مثل هذه الشركة أو المؤسسة، لكونها قادرة على لعب دور مهم في مثل هذا المجال وخاصة أن التأمين مقترن بالخطر وهو محفز ومناخ لزيادة نشاط شركات التأمين التي لا بد أن تطور من طرح منتجاتها في السوق المحلية، وخاصة أن الشركة المحدثة سوف يكون عملها مجدياً من خلال شراء ديون متعثرة بقيم أقل ثم استرداد هذه الديون كاملة وطبعاً ذلك بناء على دراسات جدوى حول طبيعة تحصيل هذه الديون وإمكانيته.

البساطة التي تحدث فيها القصار حول الموضوع دفعتنا لسؤاله عن الجدوى الفعلية وليس النظرية للشركة، فإذا كان تحصيل القروض المتعثرة بهذه السهولة والبساطة فمن الأحرى أن تعمل الدولة على استرداد ديونها المتعثرة، وخاصة أنها تملك قوة ونفاذاً أكبر في الإجراءات القضائية وإمكانية تسريعها، بدلاً من الدخول في متاهات إحداث شركة تعمل بالمخاطر، إلا أن القصار أصر على أهمية وجود شركة مستقلة، يديرها القطاع الخاص، بالتشارك مع الحكومة، للإفادة من تجربة القطاع الخاص وآليات عمله في تحصيل الديون في هذا المجال، مقترحاً أن تدخل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية شريكاً في المؤسسة التي تتطلب إدارة نوعية، وخبرة كبيرة في مجال إدارة المخاطر. كما أشار إلى إمكانية مشاركة المصارف وشركات التأمين، والإفادة من الإيرادات الناجمة عن التحصيل، إضافة إلى مشاركة مستثمرين أفراد، وخاصة أن الأزمة خلقت حالات تركز للسيولة لدى جهات أو أفراد، ويمكن أن تكون هذه الشركة فرصة للاستثمار لهذه السيولة الراكدة لديهم.

منوهاً بأن هذه الشركة لن تتأسس إلا بعد دراسة تفصيلية وكاملة للديون في المنظومة المصرفية التي سيتم شراؤها من هذه الشركة، ودراسة جدواها، ومن المتوقع أن تكون الجدوى كبيرة من هذه الديون، موضحاً أن مسألة التحصيل لا يمكن حصرها فقط في الجانب القضائي لأن الديون المتعثرة متنوعة وهناك حالات مختلفة وممكن التعامل مع كل حالة بما يناسبها، لذا لا بد من وضع سياسات انتقائية لذلك.

وأشار القصار إلى أننا في نهايات الأزمة ولا بد حتى تعود ثقة البنوك في السوق السورية المصرفية ولا بد من اتخاذ إجراءات من شأنها أن تعكس الجدية في التعامل مع الأزمة اقتصادياً وتحرير ميزانيات هذه البنوك من الآثار السلبية للأزمة وهو الديون المتعثرة، مؤكداً أن تحرير البنوك من أصولها المتعثرة خطوة في الاتجاه الصحيح لتعود البنوك إلى العمل الاقتصادي الحقيقي وتوجيه الإقراضات نحو القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية في المقام الأول وذلك بالتناغم من خارطة وخطة استثمارية متكاملة بهدف تحريك الاقتصاد الحقيقي، إضافة إلى تحريك التصدير.

وأشار القصار إلى اكتساب مصرف سورية المركزي خبرة واسعة خلال سنوات الأزمة والتجارب التي مر بها. ولم يخف تفاؤله في إحداث مثل هذه الشركة وتأكيده ضرورة تطوير المشتقات المالية لإدارة المخاطر.

الوطن

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك