الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

من العقوبات إلى التنمية: عام 2026 يحمل وعود التحسن المعيشي في سوريا

الاقتصاد البوم:

تحدث الخبير الاقتصادي، الدكتور علي محمد،عن الفرص الاقتصادية/التنموية في العام 2026، قائلًا: “كل ما حصل خلال العام 2025 من إزالة للعقوبات سواء الأوروبية في شباط، ثم الأميركية في حزيران، ثم الكندية واليابانية والأسترالية انتهاءً بإزالة قانون قيصر نهائيًا.. تعد مؤشرًا كبيرًا جدًا على فتح أبواب التقدم والتنمية لدفع عجلة الاقتصاد، لأنها تعطي إشارات لرأس المال الحكيم بأن سوريا أصبحت خارج الدول المعاقبة، وبأن الاستثمارات باتت بعيدة عن سيف العقوبات. والأهم هو أن إزالة العقوبات بصورة نهائية يضع جميع الاتفاقات والعقود التي تم توقيعها مع الحكومة موضع التفعيل والتنفيذ، خصوصًا المتعلق منها بالمجال العقاري والصناعي والزراعي، ومن هنا ينطلق حديث التنمية في العام 2026”.

ويضيف محمد بأنه في حال بروز عقبات وعثرات فإن الدبلوماسية السورية كفيلة بتذليلها وفق ما شهدناه خلال عام سينتهي خلال أيام، سواء كنا نتحدث عن ملفات أمنية أو سياسية. وبرأيه أنه لا يمكن الفصل بين السياسة والاقتصاد لأن لهما مساران متوازيان متلازمان بشكل دائم، ولكن ما حدث خلال العام 2025 أكد أن هذين المسارين يسيران قدمًا بنفس الاتجاه والإنجازات، وبالتالي فإن الفرضيات التي تقوم على أن بعض العوامل الأمنية والمؤثرات السياسية قد تحول دون انطلاق مسار التعافي الاقتصادي، تبقى فرضيات، أي أنها بدرجة كبيرة غير قابلة للاستمرار.

وعمليًا، عند اتخاذ أي قرار سياسي أو اقتصادي لا بد أن يكون هناك دراسة لمجموع الظروف والمتغيرات الأمنية والسياسية القائمة والمتغيرة، وهذه الدراسة تكون بصورة دائمة وملازمة، باعتبار أن هذه المتغيرات ملازمة لأي استثمار ولأي نهضة في أي بلد، فكيف ونحن نتحدث عن سوريا وظروف 14 عامًا من الحرب، ثم التحرير وتحديات النهوض والبناء، كل ذلك ضمن معادلات جيوسياسية شديدة التعقيد والتحول، وحيث أن سوريا في القلب منها.

مشهد اقتصادي جديد

ويرى محمد، أن مشهدًا اقتصاديًا جديدًا سيبدأ بالتبلور خلال العام 2026. صحيح أن الاقتصاد يحتاج إلى وقت ورؤوس أموال، وإلى دراسات حصيفة من قبل المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال؛ لكن رأس المال (رغم أنه يختار التوظيف بشكل صحيح ويعتمد المقارنة بين العائد والمخاطرة) إلا أنه بالمفاضلة بين العائد والمخاطرة لناحية الاستثمار في سوريا، ستأتي لصالح المخاطرة إذا جاز لنا التعبير، كون العائد للاستثمار في سوريا هو عائد جيد جدًا للمستثمرين الدوليين. ونحن هنا نتحدث عن عائد يتراوح ما بين 20 إلى 30% في مختلف القطاعات، مقابل أن المخاطر لا بد ستكون قائمة، وهذا أمر ينسحب بالعموم على كل الاستثمارات في العالم، فأي استثمار يرافقه مخاطر، مع فارق النسب.

ويتابع محمد: “ستكون المفاضلة لمصلحة المخاطرة وإطلاق الاستثمارات”. ويضيف: إذا أخذنا نسبة 50% من الاتفاقيات والعقود الموقعة خلال العام 2025 (وقيمتها 28 مليار دولار وفق المعلن) وتحولت إلى اتفاقيات نهائية وتم وضعها موضع التنفيذ فهذا يعني أن سوريا أمام استثمارات تقدر بحدود 14 مليار دولار. هذه الاستثمارات (خصوصًا السعودية) مقدر لها أن تبدأ خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل 2026.

الاستثمارات السعودية بحسب محمد، ستكون قاطرة لغيرها من الاستثمارات، فيكفي أن توضع الاتفاقيات والعقود الاستثمارية مع السعودية موضع التنفيذ حتى تلحقها الاستثمارات الأخرى. وانسجامًا مع توقعات البنك الدولي المتفائلة لنسبة النمو في سوريا، فإنه يمكن القول إن العام المقبل 2026 سيشهد نموًا مهمًا في الناتج المحلي الإجمالي، وتاليًا سيكون بداية لمسار التعافي الاقتصادي

2026 عام الانتقال إلى الاستقرار

تقول الدكتورة منال الشياح، رئيس قسم المحاسبة في كلية الاقتصاد الثانية، ونقيب اقتصاديي فرع درعا، أن العام المقبل سيكون عام الانتقال إلى الاستقرار، وذلك عند النجاح في تحويل المسارات السياسية إلى مصانع وحقول منتجة تزيد القوة الشرائية وتدعم موقع الليرة السورية.

وترى الشياح أن عام 2025 كان عام التأسيس، حيث شهد تدفق عقود استثمارية ضخمة، وإن كانت تتركز في مشاريع طويلة الأمد كالطاقة المتجددة وإعادة بناء المرافئ والمسارات التجارية وغيرها.

لذلك، تضيف الشياح، فإن الأثر الاقتصادي على الوضع المعيشي لهذه العقود والانفتاح الاقتصادي بشكل عام لن يكون فوريًا، بل يحتاج وقتًا، حيث أن رفع العقوبات يفتح الباب لكنه لا يدخل الأموال تلقائيًا إلى جيوب الناس، فما تزال هناك فجوة واسعة بين الاقتصاد الكلي (الاستثمارات والاتفاقيات) والاقتصاد المعيشي (الأسعار والرواتب). بمعنى أن الانعكاس الإيجابي يحتاج إلى: زمن تقني لإعادة ربط المصارف، وتفعيل التحويلات المالية، وعودة شركات الشحن والتأمين. ويحتاج إلى ثقة استثمارية، وإلى وجود سياسات داخلية مرافقة: ضبط سعر الصرف، تخفيف الجباية، محاربة الاحتكار.

ومن المتوقع بحسب الشياح، أن يبدأ المواطن بلمس تحسن تدريجي في النصف الثاني من العام الجديد، شرط استقرار سعر الصرف وتفعيل «اقتصاد السوق الحر» الذي بدأت بوادره تظهر.

وتعدد الشياح قطاعات محددة ستكون هي القاطرة للنهوض الاقتصادي في عام 2026، أبرزها: قطاع الطاقة، حيث يجب البدء الفعلي بتشغيل محطات الطاقة الشمسية الكبرى (بتمويلات دولية) لتقليل العجز الكهربائي الذي يشل الصناعة. والتحويلات المالية، من حيث سهولة تدفق الأموال عبر النظام المصرفي العالمي بعد فك العزلة، مما سيخفض كلفة الاستيراد وينعكس (نظريًا) على انخفاض أسعار السلع الأساسية.

كذلك أيضا، إعادة الإعمار بتمويل خارجي، حيث تشير التوقعات إلى بدء مشاريع “التعافي المبكر” الممولة من الصناديق العربية والدولية، والتي ستوفر فرص عمل واسعة للشباب.

الثورة السورية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك