الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

من هم رجال الأعمال المتورطين بتهريب قطع السيارت والتحايل بصناعة تجميع السيارات؟

الاقتصاد اليوم:

أثارت قضية تجميع السيارات في سورية زوبعة كبيرة في الشارع السوري، وحتى في الأوساط الصناعية، وخاصةِ بعد الكشف عن المخالفات التي حدثت في استيراد أجزاء مكونات السيارات، وفي التحايل على القانون واتباع طرق فاسدة لإدخال السيارات بطرق غير قانونية، وقد أدت تلك الطرق إلى ضياع مليارات الليرات على خزينة الدولة واستفادة قلة قليلة من الأشخاص بها، والأهم من ذلك كله أن تلك الصناعة لا يرى فيها البعض أكثر من طلاء دهان، ونفخ عجلات، وشد براغي، تهربا من الرسوم الجمركية، فما هي تفاصيل ما يحدث في سوق تجميع السيارات؟! وأين وزارات الدولة المعنية بالموضوع مما يجري؟!

 
 وزير المالية يحاول التبرير

حسم وزير المالية مأمون حمدان، الجدل حول موقف حكومته من التجاوزات الكثيرة التي ترتكبها معامل تجميع السيارات، للتهرب من الرسوم الجمركية، وذلك عندما قال إن جميع مدخلات تلك المعامل من قطع السيارات مضبوطة جمركياً، ولا يستطيع أحد منها التحايل على القانون، وكشف حمدان في تصريحات مختلفة، أنه تم الترخيص لـ 8 معامل تجميع سيارات، انسحب منها اثنان، وبقي ستة معامل، ثلاثة منها تستخدم ثلاث صالات تجميع، وقد تم تحديد الرسوم الجمركية على قطع السيارات المستوردة لصالحها بـ 5%، أما المعامل الباقية فهي تستخدم صالة واحدة فقط، ورسومها الجمركية 30%، كونها تستورد السيارة شبه جاهزة، ويقتصر عملها على وضع الإكسسوار.

أما المعامل التي تستخدم ثلاث صالات فقد أكد حمدان، بأنها تستورد السيارة مفككة إلى قطع، ويتم تركيبها بالكامل في هذه الصالات، التي تقوم بطلائها بالدهان، وتستخدم بعض المواد المحلية الصنع مثل الزجاج والإطارات، أي أنها تخلق قيمة مضافة في عملية التصنيع.

لكن كلام حمدان لم يوقف الجدل في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي رأت أنه يتم التغطية على معامل تجميع السيارات وأنه يتم تسهيل تجاوزاتها، نظراً لأنه يقوم عليها رجال أعمال كبار، مرتبطين مع شخصيات كبيرة في الدولة، وتدرّ عليها هذه المعامل أرباحاً طائلة، وذلك بسبب قرار وزارة الاقتصاد وقًََِف استيراد السيارات بشكل نهائي، الأمر الذي سمح لتلك المعامل بالانفراد في عملية التجميع وتحديد السعر الذي تراه مناسبا للسوق.

 
 الجمارك تتكلم

مصدر مسؤول من الجمارك أكد أن عمليات استيراد قطع السيارات ما زالت مستمرة رغم القرار الصادر عن الحكومة بإيقاف الاستيراد حالياً، بهدف إعادة النظر بالضريبة الجمركية. مشيراً إلى أن عمليات الاستيراد تتم عن طريق شخص واحد يعمل على جلب القطع، لجميع الشركات المرخصة وغير المرخصة، حيث يعمل هذا الشخص على استيراد قطع السيارات من جميع دول العالم، حيث لا توجد دول محددة للاستيراد، ولكن أكثر قطع الغيار يتم استيرادها من الدول الأوروبية، حيث يتم جمع قطع الغيار من تلك الدول ويتم شحنها إلى سورية لاحقاً.

ويضيف المصدر: «إن قطع الغيار الجديدة تبقى أفضل من القطع القديمة أو المستعملة، ولكن التاجر يتجه إلى القطع المستعملة ويرغب فيها، لأنهم يستوردونها بسعر رخيص ومن ثم يقوم ببعض التعديلات والإضافات والإصلاحات عليها ويبيعها، إما بالجملة أو المفرق وحسب الأسعار الرائجة في السوق المحلية، وبحسب المصدر فإنه لا توجد أية حدود أو سقف معين لكمية القطع المستوردة من الخارج، وتلك الكميات المستوردة تابعة لإجازة الاستيراد الممنوحة من وزارة الاقتصاد، حتى لو بلغت الكمية 100 ألف طن فسوف يتم إدخالها إلى سورية والكشف عليها ودفع الرسوم الجمركية عليها.
 
 تفكيك وإعادة تجميع

تقوم الجمارك بفرض غرامات مالية على العديد من الشركات نتيجة مخالفتهم القانون، حيث يقوم المستورد باستيراد السيارة كاملة، ومن ثم يعمل على تفكيكها ليوهم الجمارك أنه استورد «قطع تبديل»، ومن بعدها يقوم بتجميع السيارة في مصنعه، ونتيجة ذلك التلاعب فإن المستورد يدفع رسوم جمركية قيمتها 5% من القيمة المصرح عنها كونها مواد أولية، عوضاً عن دفع مبلغ 60% من القيمة المصرح عنها فيما لو كانت السيارة كاملة في حال موافقة الاقتصاد أصلاً على استيراد السيارات، وهنا تخسر خزينة الدولة ذلك الفارق الجمركي بين القيمتين.

وعلى الرغم من ذلك ما زالت الرسوم الجمركية كاملة على السيارات المجمعة لا تتعدى 37% في حين كانت في السيارات الجاهزة المستوردة 60%، على اعتبار أن هذه الشركات تشغل عمالة، وتدفع جمارك وأجور عمالة، وأجور نقل، وتكاليف ونفقات، ورأس مال وغيرها..

وأضاف المصدر: يتعامل البعض بطريقة غير قانونية لإدخال قطع التبديل بالتعاون مع بعض المجموعات، التي تحمل السلاح في زمن الفوضى لتسهيل عملية إدخال البضائع، من الشمال السوري إلى مناطق سيطرة الدولة وبترفيق أمني مما يسهل عليهم التهرب من دفع الرسوم الجمركية.
 
 450 مليار ليرة ضرائب معامل التجميع

وحول المبالغ المفروضة على معامل تجميع السيارات، العاملة في مجال تجميع السيارات بينت الجمارك أن هناك حوالي 450 مليار ليرة سورية كضرائب مفروضة على المعامل خلال السنوات السبع الماضية، ويحاول أصحاب الشركات التهرب منها بحجة ظروف الحرب، كما أنهم يحاولون التهرب منها من خلال تقديم بيانات غير صحيحة، ومن تلك المبالغ الكبيرة يوجد مبلغ 500 مليون ليرة على شركة «غريواتي» سابقاً، لكن صاحب الشركة خارج البلاد حالياً، وقد تم بيع أملاكه لرجل أعمال أخر. وبالتالي فإن الجمارك لم تتمكن من تحصيل المبلغ، كما يوجد غرامات قيمتها حوالي 8.3 مليارات ليرة سورية على شركة «حميشو» أيضاً.

هناك العديد من رجال الأعمال الذين برزوا خلال الأزمة، وهؤلاء يتبعون طرق الواسطة، وتقديم الهدايا، والمبالغ الطائلة، من أجل تغطية أعمالهم غير القانونية في سورية، ونستطيع أن نقول إنهم أصبحوا حيتان السوق، نتيجة اتباعهم وسيلة للتهرب من دفع الرسوم الجمركية على استيراد السيارة كاملة، كما أن التلاعب وصل ببعضهم إلى درجة إعادة نفخ عجلات السيارات المستوردة من الإمارات، وبيعها في السوق المحلية على أنها صناعة سورية.

وتعتقد الجمارك بأن هذا التحايل على عمليات الاستيراد لن يمر مرور الكرام، حيث ستكون هناك إجراءات بحق من ضيّع ملايين الليرات على الخزينة، عبر التهرب من دفع الرسوم الجمركية لأجل تحقيق أرباح كبيرة، لذلك قررت الحكومة رفع الجمرك وبناء على قرار زيادة الرسوم الجمركية يتم حالياً في المرفأ حجز عدد كبير من السيارات كانت تتهيأ لدخول الأسواق المحلية، ولن يتم السماح بإدخالها إلا بعد إصدار قرار الزيادة.
 
 تجار السيارات يطالبون برفع الرسوم

تخطو الحكومة السورية حالياً خطوة نحو زيادة الرسوم الجمركية على قطع ومكونات السيارات لرفعها إلى حوالي 30%، وفي الاستفسار عن هذه الخطوة من قبل تجار السيارات، قال أحد التجار  إن هذه الخطوة صحيحة ولكن يجب حصر رفع الرسوم على شركات تجميع السيارات فقط، وليس على جميع قطع غيار السيارات التي تستخدم للسيارات الجاهزة، كون ذلك سيؤثر على مجمل المواطنين، حيث سترتفع تكلفة إصلاح أي عطل قد يصادف السيارة، لأكثر من 30%، وبالتالي سيكون لدى ورشات صيانة السيارات (الميكانيكية) حجة جاهزة لرفع أسعارهم، وهي بأن قطع غيار السيارات ارتفعت 30%، ومن أجل ضبط السوق أكثر يقول التاجر إنه لا بد من حصر استيراد مكونات السيارات عن طريق المرافئ البحرية السورية فقط . بالإضافة إلى الاعتماد على توجيه مديرية الجمارك بأن يتم احتساب الأسعار الاسترشادية للسيارات في السوق على أساس الوحدة – السيارة – وليس على أساس الوزن.. وأكد التاجر على أهمية حصر قرار رفع الرسوم الجمركية لمكونات وقطع السيارات بالمنشآت الصناعية، التي تقوم بتجميع السيارات فقط من دون أن يشمل كل أنواع القطع التي تستخدم للسيارات الجاهزة… قائلاً: ما هو ذنب أصحاب السيارات العادية لكي ترتفع عليهم أسعار قطع غيار السيارات بشكل كبير؟!
 
 تنسيق مفقود بين الاقتصاد والصناعة

يطالب تجار السيارات بأن لا يتم منح شركات تجميع السيارات إجازة استيراد مفتوحة من قبل وزارة الاقتصاد، بل يجب أن يكون هناك تنسيق بين وزارة الصناعة ووزارة الاقتصاد، حيث تمنح وزارة الصناعة كتاب مخصصات محدد بعدد وكمية مكونات السيارات التي تريد شركة تجميع السيارات استيرادها، ومن ثم تقوم بتزويد وزارة الاقتصاد بهذا الكتاب، ووفقا له يتم منح إجازة استيراد للشركة بحيث توضع على إجازة استيراد قطع السيارات التي تستخدم حاليا (غير المجمعة) شرط (أن لا تشكل وحدة كاملة)، في حين أن هذا الشرط ليس ضروريا بالنسبة لشركات التجميع، كونها ستشكل وحدة كاملة أثناء تجمعيها، ويكشف بعض التجار عن أن بعض الأخطاء التي ترتكب لا علاقة لوزارة الاقتصاد بها، بل إن التلاعب كله يكون عند الكشف على قطع ومكونات السيارات، لذا لا بد من وجود مهندس منتدب من وزارة النقل ليكشف على قطع ومكونات السيارات المستوردة، ويقوم بإعطاء محضر ضبط على هذه القطع، وهل هي حقا مستوردة لتجميع السيارات أم للسيارات الجاهزة؟.. ويعتبر التجار أن هذه الخطوة تصب في الإطار الصحيح، خاصةً أن ما جرى في الفترة السابقة لم يكن تجميعاً حقيقياً، متسائلين فيما إذا كان تركيب دولاب للسيارة المستوردة يحتاج إلى معمل تجميع، وبالتالي فإن الحل يكون إما برفع الجمارك أو بإقامة صناعة حقيقية، الأمر شبه المستحيل حالياً في ظل غياب الأيدي العاملة.
 
 مجلس الشعب يكشف سر التهرب

وجّه عدد من أعضاء مجلس الشعب انتقادات لوزير الصناعة حول موضوع تجميع قطع السيارات، كاشفين سر انتشار معامل تجميع السيارات في سورية في الآونة الأخيرة، وأن الهدف من ذلك هو التهرب من دفع الرسوم الجمركية والبالغة 60% من قيمة السيارة في حال استيرادها كاملة، وهذا ما يؤكد المخالفة القانونية الواضحة في معامل تجميع السيارات. إذ إن القوانين تطالب بأن يكون هناك ثلاث صالات للتجميع وعبر مراحل، غير أن المعامل التي افتتحت مؤخراً، اكتفت بصالة واحدة، وهو ما يعني استيراد السيارة مفككة وتركيبها بالبراغي فقط، بينما الخاسر الأكبر من هذه العملية هو خزينة الدولة التي لن تستفيد بعد الآن من رسوم استيراد السيارات..  لذلك قام فارس الشهابي (عضو في مجلس الشعب) بتقديم طلب إلى وزارة الصناعة بعدم منح كتب مخصصات مكونات السيارات للمنشآت المرخصة للتجميع، إلا بعد أن يتم التأكد من وجود خط التجميع المتوافق مع الترخيص الممنوح، والتأكد من جاهزية المنشأة للعمل سواء كان بقصد التجارب أو بقصد التشغيل التجريبي الفعلي.
 
 بالأرقام

بلغ عدد السيارات المجمعة في سورية خلال عام 2017 وحسب بيانات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية نحو 3 آلاف سيارة، تم تجميعها في 5 شركات تعمل في تجميع السيارات، بينما تم منح 13 إجازة استيراد لمكونات 5,498 سيارة في 2017.

ويبلغ عدد الشركات الحاصلة على ترخيص لصناعة تجميع السيارات في سورية 8 شركات منها 5 عاملة و3 متوقفة عن العمل حالياً، كما تم تشكيل لجان لزيارة المعامل التي تنتج السيارات، ومطابقة وضعها الحالي مع الترخيص الممنوح لها. إضافة إلى دراسة الكلف الفعلية للسيارات، والأرباح التي تحققها، والعمالة الموجودة فيها، وهذا ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية.. إنها سوق التجميع الجديدة في الاقتصاد السوري، تلك السوق التي باتت بحاجة ماسة إلى ضبط ومراقبة وإعادة نظر في كل ما يجري فيها من استيراد وتجميع وتسعير وبيع. سوق باتت بحاجة إلى ضبط كي لا تنتشر فيها الفوضى كباقي الأسواق التي ولدتها الأزمة.

المصدر: الأيام

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك