الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

موازنة 2016 تطوي صفحة الدعم..وتبقي (منّتِه)!

الاقتصاد اليوم:

لا تزال الحكومة تعلن في مشروع موازنة 2016 أنها تخصص للدعم الاجتماعي مبلغ 973,2 مليار ل.س وهذا الرقم الكبير يتلاشى بين أبواب الموازنة ليتوضح أن الدعم لا يتجاوز عشرات المليارات من الليرات إن وجد!..

إجمالي الإنفاق الحكومي على الدعم الاجتماعي  وفق مشروع الموازنة لعام 2016 ينخفض رقمياً عن الدعم في موازنة 2015 بمقدار 10,3 مليار ل.س، حيث كان الدعم المعلن وفق الأرقام 983,5 مليار ليرة!.

تراجع 42% في قيمة الدعم المُعلن!

وانطلاقاً من تراجع قيمة الليرة، يجب تقدير القيم الحقيقية لهذه المليارات بتعديلها بسعر الصرف مقابل الدولار، الذي انتقل من 150 إلى 250 ل.س/$ وفق التقدير الرسمي في الموازنة ليتبين تراجع حجم الدعم الاجتماعي المعلن من 6,5 مليار $ في 2015، إلى 3,8 مليار $ في 2016، وبتراجع مقداره 42% كما يتضح في الشكل.

الدعم المُوزع.. على الأسعار المحررة!

يتوزع رقم الدعم الحكومي في عام 2016 على الجوانب المعتادة، إلا أن المفارقة أن عملية تحرير أسعار السلع المدعومة كانت عنواناً عريضاً في السياسة الحكومية في عام 2015، وفق شعار (عقلنة الدعم)، ومع ذلك تعلن الحكومة أنها ستنفق على دعم المشتقات النفطية: 445 مليار ل.س وعلى دعم الطاقة الكهربائية: 325 مليار ل.س، وعلى دعم المواد التموينية أي: الطحين-الخميرة-السكر-الأرز مقدار 192,5 مليار ل.س، ليتبقى لكل من صندوق دعم الإنتاج الزراعي، وصندوق المعونة الاجتماعية أرقامها الثابتة بـ 10 مليارات ليرة لكل منها.

(محروقات) تربح.. والحكومة تزيد الدعم!

في الأرقام الحكومية بين عامين، سيزداد دعم المحروقات من 338 مليار ليرة، في عام 2015، إلى 445 مليار ليرة في 2016، بزيادة إنفاق مقدارها 117 مليار ليرة، أي أن الحكومة ستزيد مخصصات دعم المشتقات النفطية بمقدار الربع 25% في هذا العام!.

وتأتي هذه المئات من المليارات في عام 2016، بعد استكمال تحرير أسعار المازوت والبنزين، ورفع أسعار الغاز والفيول وكافة المشتقات النفطية التي توزعها شركة (محروقات) حصراً، حيث أعلن وزير النفط أن زيادة مبيعات شركة محروقات في عام 2015 ستحول عجزها إلى فائض، وذلك في تصريح إعلامي له بتاريخ 27-10-2015، حيث المبيعات في العام الحالي بلغت قرابة 430 مليار ل.س حتى نهاية الشهر العاشر، بارتفاع عن المبيعات في الفترة المقابلة من العام الماضي حيث كانت 291 مليار ليرة.

أما بالنسبة لتكلفة المشتريات فلم تعلنها الحكومة في 2015، التي يتوقع أنها ستنخفض مع انخفاض أسعار برميل النفط عالمياً، حيث يقارب السعر الحالي 40 دولار للبرميل، بينما في الموازنات الحكومية فإن الحكومة تقدر السعر لعام 2016 بـ71 دولار للبرميل، بينما كان في عام 2015: 75$.

قد يكون من الصحيح أن سعر الصرف سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار الشراء، ولكن هل يعقل أن ترتفع التكلفة إلى الحد الذي سيجعل الدعم يبلغ 455 مليار ليرة، أي أنه يعادل تقريباً أسعار المبيعات في عام 2015 (430 مليار ليرة)، التي سترتفع في العام القادم، ما يعني أن الحكومة تريد أن تقول من خلال أرقامها أنها لا تزال تدعم المحروقات بنسبة 100% على الأقل!.

الدعم يعني أن التكلفة أعلى من أسعار البيع، فكيف يستقيم أن يكون الدعم للمشتقات النفطية هو 445 مليار ل.س، بينما تورد الحكومة أن ما ستحصله من إيرادات فروق الأسعار للمشتقات النفطية وغيرها ستبلغ 466,8 مليار ل.س؟!
كيف يكون دعم المشتقات النفطية قرابة 22% من الإنفاق الحكومي، بينما إيرادات البيع تمول الموازنة بنسبة 78%؟!

المحروقات رابحة..فلمن مئات مليارات الدعم؟!

(قاسيون) ومع كل ارتفاع في أسعار المشتقات النفطية محلياً، كانت تقيس التكلفة بالمقارنة مع الأسعار الجديدة، وقد تبين أن الربح الحكومي من المشتقات هو ربح هام.

فوفق الأسعار العالمية تكلفة سعر ليتر المازوت 0,36 دولار لليتر، أي حوالي 90 ليرة بسعر صرف الموازنة 250 ل.س/$ في منتصف شهر 11-2015، وتكلفة ليتر البنزين 0,34 دولار لليتر أي حوالي 85 ليرة، بينما الحكومة تبيع بسعر 135 ليرة لليتر المازوت، و160 ليرة للبنزين.

السعر الحكومي يحقق ربحاً قرابة 45 ليرة من ليتر المازوت، و75 ليرة من ليتر البنزين، فكيف يوضع رقم يبلغ 445 مليار ليرة لدعم المشتقات النفطية؟.

ومن المسؤول عن هذا الرقم المضخم، والأهم أين سينفق إذا كان موضوعاً لدعم المشتقات، وهي محررة السعر، بل رابحة؟!

الكهرباء ذريعة.. مردود عليها!

 جزء هام من استهلاك المشتقات النفطية في سورية، يدخل في توليد الكهرباء، التي تعتبر تكلفة المحروقات نسبة 85% من تكاليفها تقريباً في عام 2011، والتي لا تزال أسعارها منخفضة قياساً بتكاليفها، أي لا تزال مدعومة بسعر الاستهلاك، على الرغم من رفع أسعار شرائح استهلاك تجارية وصناعية، والاستهلاك المنزلي بحدود قليلة خلال الأزمة.

 والسؤال الذي ينبغي طرحه هنا هو: هل تكاليف الوقود للكهرباء تدخل في تكاليف دعم المشتقات النفطية؟! وهل لذلك أن يفسر رقم دعم المشتقات النفطية 445 مليار ليرة رغم تحرير أسعار البيع للمستهلكين، ولكن إن كان الأمر كذلك فكيف نفسر تكاليف دعم الكهرباء التي تبلغ في 2016: 325 مليار ليرة إن لم تكن للمحروقات الداخلة في الكهرباء؟.

 ينبغي التساؤل من أين يأتي رقم الدعم الكبير للكهرباء الذي يشكل دعم وقودها الجزء الأكبر منه، وهل تكاليف وقود الكهرباء مكررة في رقم دعم المشتقات النفطية، ورقم دعم الكهرباء؟.

ويبقى السؤال الأهم: لماذا يسعر الغاز المنتج محلياً والمستخدم في توليد الكهرباء بالأسعار العالمية، وهو من حقول الغاز السورية، أي لماذا لا يسجل بسعر التكلفة؟!

ألا يشكل هذا التسعير العالمي للغاز المحلي حملاً كبيراً على تكاليف إنتاج الكهرباء، وتضخيماً كبيراً في أرقام دعمها؟!
ينبغي أن يتحول شعار (عقلنة الدعم) إلى البحث في عقلنة وضع رقم الدعم في الموازنة الحكومية، والبحث الجدي عن الطرق التي تصرف بها هذه المخصصات؟!
تخفيض رقم دعم الكهرباء.. ودلالاته

قدر إجمالي الدعم المقدم للكهرباء في مشروع الموازنة لعام 2016 بمقدار 325 مليار ل.س حيث خفضت الحكومة رقم الدعم المقدم للكهرباء في عام 2016 بمقدار 88 مليار ل.س عن عام 2015 حيث كان الدعم 413 مليار ليرة للكهرباء، وبنسبة انخفاض 22%.

أما بتعديل أرقام الدعم الحكومي للكهرباء بسعر صرف الليرة، للوصول لقيمة الدعم الفعلية  يظهر انخفاض الدعم الحكومي المقدم للكهرباء بمقدار 1.4 مليار دولار عن عام 2015 وبنسبة انخفاض 52%، وانخفاض الدعم الفعلي للكهرباء كما يوضح الجدول، يساهم بنصف انخفاض حجم الدعم الإجمالي لعام 2016، مما يدل على أن عام 2016 سيشهد إما رفعاً لأسعار الكهرباء وفقا لأرقام الحكومة، أو زيادة في ساعات التقنين، والمرجح أن رفع الأسعار سيكون الخيار الحكومي.
 مئات المليارات فروقات الأسعار..

 مشروع الموازنة لعام 2016 يضع رقماً إجمالياً للدعم الاجتماعي هو 983,5 مليار ليرة، ولكنه يضع بالمقابل إيرادات مما يسمى فروقات الأسعار مقداره 466 مليار ليرة.

فكيف تكون الحكومة تدعم الأسعار، وبالوقت ذاته تحقق إيرادات صافية من رفع الأسعار للمواد ذاتها؟!

 تم إدراج بند جديد في الإيرادات الحكومية منذ عام 2014 تحت مسمى فروق أسعار، حيث تبين الحكومة في بيانها المالي أن فروقات الأسعار ناتجة عن رفع أسعار المشتقات النفطية (رفع أسعار المواد والخدمات المدعومة) مما يطرح تساؤلات هل هذا البند هو أرباح حكومية ناتجة عن بيع المشتقات النفطية بأسعار تفوق سعر التكلفة؟! أم هو إيرادات حكومية ناتجة عن تخفيض جزئي للدعم؟! في جميع الحالات هذا التبويب مخالف للفقه المالي والمحاسبي.

 ألا يقتضي وجود هذا البند أن يقابله تخفيض رقم الدعم؟! حيث ازداد بند فروقات الأسعار من 161 مليار ل.س عام 2015، إلى 466.8 مليار ل.س عام 2016 بمقدار زيادة 305 مليار ل.س، كنتيجة لقرارات الحكومة برفع أسعار المواد والخدمات المدعومة سابقا وبالتالي تخفيض الدعم، وهذه الزيادة تفترض انخفاض رقم الدعم الاجتماعي بنفس النسبة، لكن رقم الدعم الاجتماعي انخفض عن عام 2015 بمقدار 10 مليار ل.س فقط، مما يعني أن الفرق بين الرقمين البالغ 295مليار ل.س يحتاج إلى تفسير، لأنه يبدو إما تضخيم لرقم الدعم الاجتماعي أو تضخيم لرقم لإيرادات الحكومية الناتجة عن تخفيض الدعم!

518 (-) مشتقات

يبلغ رقم الدعم الحكومي المعلن 973 مليار ليرة، منها 445 مليار ليرة دعم للمشتقات النفطية التي أصبحت أسعارها محررة، بل ورابحة في مبيعات المازوت والبنزين، وباختصارها يصبح الدعم الاجتماعي 973-455= 518 مليار ليرة.

52 (-) إيرادات

يبلغ رقم إيرادات فروق الأسعار من رفع أسعار الماود المدعومة في موازنة2016: 446 مليار ليرة، وباختصاره من رقم الدعم الحكومي بعد اختصار المشتقات بناء على الافتراض السابق بأن المحروقات محررة ورابحة، يصبح رقم الدعم: 518- 466= 52 مليار ليرة.

المصدر: صحيفة "قاسيون" المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك