الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

مول قاسيون أغلق ..من ربح على من؟!

الاقتصاد اليوم:

أثارت قضية مول قاسيون الشغل الشاغل لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ، الأوساط الشعبية بين مؤيد لرواية الوزارة ومستهجن لاستثمارات الأملاك الحكومية ، لكن تبقى الحلقة المفقودة لدى القرار الحكومي : هل استشارت الحكومة خبراء اقتصاديين وقانونيين أم أنها تسعى جاهدة لتطبيق أهواء أصحاب المعالي دون أدنى تفكير بهيبة الدولة الحقيقية ..

تكمن هيبة الدولة في مدى قدرتها على تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع ونصرة المظلوم في وجه الظالم مهما علا شأنه . لذلك نستهجن رواية أن تكون الحكومة في موقع المظلوم، فتضعف من هيبة الدولة لأنه يتراءى للمواطن أنه طالما هناك من يستطيع أن يظلم الحكومة لسنوات فكيف لتلك الحكومة المظلومة أن تقتص له إن تعرضت للظلم يوما ما لأن فاقد الشيء لا يعطيعه.

بدأت قصة مول قاسيون بصدور قرار من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي يقضي بإخلاء كافة العقارات المملوكة للوزارة من قبل المستأجرين من أجل استرجاع ملايين هدرت جراء تلك العقود !!

كمتابع للقرارات الحكومية ظننت للوهلة الأولى أن القرار هو حركات استعراضية إعلامية لأني مدرك تماما أنه لاتوجد قوة لقرار حكومي تسري على عقد ساري موقع من قبل فريقين وخصوصا أن الفريقين متسويان أمام القانون في الحقوق والواجبات . لكن سرعان ماتم تنفيذ القرار وفسخ بعض العقود المبرمة دون حسيب أو رقيب عندها توجهنا إلى وزارة العدل باستفسارات قانونية عدة لمعرفة مدى واقعية قدرة الجهة المطالبة بفسخ العقود .

جاء الرد المختصر على لسان معاون الوزير أن هناك توجه حكومي لإعادة النظر بعقود إجار العقارات وأنه يحق لهم ذلك دون أي تعليل يذكر !!

أخذت تتضخم قضية مول قاسيون أكثر فأكثر تحت ذريعة أن المشروع يربح الكثير ويعطي للدولة القليل مما دعانا لمتابعة الموضوع رغم صعوبة الحصول على المعلومة في بلدنا حتى من الضحية ليتبين أن المستثمر بلال النعال أبرم مع الوزارة عقدا لاستئجار صالات كانت مستودعا للمؤسسة العامة الاستهلاكية عارضا دفع بدل أجار سنوي قدره عشرين مليون ليرة سورية بالإضافة إلى كافة المصاريف من ضرائب ورسوم وكهرباء .. وو

كم نص العقد على أن الغاية هي إنشاء مول على العقار المستأجر وتبقى الانشاءات المشيدة على حساب المستأجر ملك الوزارة في نهاية العقد بعد ثلاثين عاما من تاريخ التوقيع .

لدى مراجعتنا بنود العقد . لم نجد أي تحيّز لكلا الفريقين وإنما كان عقدا كأي عقد استئجار عقار بغاية إنشاء مهنة خدمية كما أنه يشبه مئات العقود المبرمة مع جهات عامة أو خاصة ، ومن الواضح أن الربح المالي للجهة المالكة كبدل إيجار كان يتناسب مع مستودع بسيط يشبه مئات المستودعات المغلقة آنذاك ..

وكذلك عزم المستأجر على تحويل هذا المستودع إلى مول عصري أصبح مقصد الكثيرين من قاطني تلك المنطقة . ومن البديهي أن هذا التحول يكلف الكثير من المال والجهد والحنكة الادارية ، وهذا مالم تستطع القطاعات العامة النجاح به حتى يومنا هذا !!

حكوميا كان المربح أكبر للحكومة من فريقي العقد حيث استطاعت الحكومة تحويل مكان مهمل خاسر تملكه مؤسسة لانعلم حتى الآن مدى نجاحها ،لا في الأرباح المالية ولا في التدخل الايجابي (أي مدى قدرتها على خفض أسعار السلع ) .

وكذلك ربحت منشأة اقتصادية تشغل اليد العاملة وتستجر السلع من المصانع السورية وتدفع الضرائب والرسوم على الأقل أكثر من عشر أضعاف منشأة حكومية مشابهة أي أن الحكومة استطاعت خلق بيئة استثمارية ساهمت في دورة العجلة الاقتصادية ولنا في منشأة حكومية تبعد مئات الأمتار فقط ” مول يوم بيوم ” أسوة حسنة فهل تستطيع الوزارة إجابتنا إذا كانت تلك المنشأة تربح نفس المبلغ الذي يدفعه مستأجر ذلك العقار ؟؟ وكذلك هل استطاعت تلك المنشأة خلق فرصة لها في السوق المحلي ؟ أو أنها تعمل ظاهريا لغاية التدخل الايجابي وباطنيا لاستفادة بعض النافذين من قدرة تلك المؤسسة على بيع المواد بأقل من سعر السوق ؟!

توجه الأسبوع الماضي عددا من دوريات الشرطة برفقة عناصر من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لوضع الشمع الأحمر وإغلاق المول تنفيذا للانذار المرسل من الوزارة بضرورة الاخلاء والتسليم . إلا أن محامي إدارة المول حضر ومعه وقف تنفيذ من القضاء لقرار الاغلاق الأمر الذي أدى إلى انسحاب دوريات الشرطة امتثالا لقرار القاضي . لكن عناصر الوزارة أصروا على الاغلاق ووضع الشمع الأحمر امتثالا لتعليمات الوزارة !! الأمر الذي أدى إلى وضع الشمع الأحمر لمدة نصف ساعة إلى أن تم تدخل القضاء ليتم نزع الشمع الأحمر تنفيذا لقرار وقف التنفيذ ..

حضر عناصر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بعد يومين من الحادثة ليلقوا القبض على الموظف الذي نزع الشمع الأحمر وكأنهم ضابطة عدلية وكأنه مجرم إذا نفذ حكما قضائيا !!

وردت معلومات إلينا عن إفراغ المول من البضائع صباح يوم السبت بموجب تعليمات للموظفين من قبل المستثمر بلال النعال حينها سارعنا للاتصال بمحامي المول لمعرفة حقيقة الأمر  بدوره نفى نفيا قاطعا وجود أي مستجدات خصوصا أن اليوم هو السبت ولايوجد دوام لدى القضاء .

تواصلنا مع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الذي أكد أن الوزارة استأنفت قرار وقف التنفيذ وتركت الأمر للقضاء دون درايته فيما إذا كان يوجد أي مستجدات بالدعوى ..

عندها زار مراسلنا المول لمعرفة حقيقة الأمر، ورأى سيارات تقوم بنقل البضائع ليعاود المرور مساء ويجد العمال أمام المكان المغلق الذي كان “مول قاسيون” وتنتهي معركة ضجت وسائل الاعلام بها دون معرفة تداعيات الاغلاق سوى أن الحكومة استفاقت يوما من الأيام عندما كانت الحرب تحط رحاها لتقول للمستثمرين ورؤوس الأموال : نحن الأكبر ليس لأننا الأعقل بل لأننا الأقوى.. ونحن أصحاب الحق ليس لأننا مع القانون بل لأنه بين أيدينا .. ونحن من يملك كل شيء ليس بنجاحاتنا بل باستطاعتنا محاربتك بأي شيء !!

المصدر: موقع هاشتاغ سيريا

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك