الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

هل أصبحت الغاية تبرر الوسيلة لدى مربي الدواجن؟..نقص الفروج في السوق ورفع سعره..هل لتعويض الخسائر؟

الاقتصاد اليوم:

أرقام جديدة تسجلها أسعار الفروج بعد أن بلغ سعر الكيلو نحو 700 إلى 750 ليرة، وبلغ سعر كيلو الشرحات نحو 1250 ليرة، وكيلو الوردة نحو 950 ليرة، وبالطبع ترافق ذلك مع بدء الأسبوع الأخير من رمضان، ولا يخفى على أحد أن لقطاع الدواجن شجوناً طويلة، ففي كل فترة يحدث ارتفاع لأسعار البيض أو الفروج، فما إن ينخفض السعر حتى يعاود الارتفاع مجدداً، ولكن كما ذكرنا فإن الأرقام السابقة تعتبر جديدة.

ولكن لا بد من طرح سؤال عن سبب هذا الارتفاع المفاجئ في الأسعار، فالمتتبع لحال السوق يجد أن الفروج كانت أسعاره مستقرة طيلة أيام شهر رمضان، حتى أنه في بداية رمضان لم ترتفع أسعار الفروج والبيض، ذلك أنه من المتعارف أنه مع بداية شهر رمضان أن الأسعار ترتفع لزيادة الطلب على المادة، ولكن هذا لم يحدث مع الفروج والبيض.

اتفاق سري.. أم زيادة طلب؟

أحاديث كثرت في الآونة الأخيرة عن اتفاق سري بين المربين، لرفع أسعار الفروج في السوق، في حين أرجع البعض ارتفاع أسعار الفروج إلى أنه جاء رد فعل على زيادة الطلب على المادة مع بداية الشهر الحالي، أي عندما قُبضت الرواتب، وبالطبع هذا التفسير أو الحجة ليست بدقيقة، فكما ذكرنا أنه في بداية رمضان لم يرتفع السعر لعدم وجود طلب، فهل سيزداد الطلب في نهاية رمضان؟

بالمقابل فإن المدير العام لمؤسسة الدواجن سراج خضر، برر هذا الارتفاع المفاجئ بأن هناك طلباً كبيراً ونقصاً في العرض نتيجة عزوف المربين عن تربية الفروج، واعتمادهم على تربية الدجاج البياض وكذلك بسبب غلاء الأعلاف، وأكد أن سعر الكيلو من أرض المدجنة الآن هو 515 ل.س، أما الفروج المنظف وفق تسعيرة التموين فسعره 700 ل.س للكيلو، وأكد خضر أن هذا الارتفاع سوف يستمر لمدة لا تقل عن شهرين حتى دخول دورة تربية جديدة إلى الإنتاج.

الفوج الأخير.. للعيد!

وذكر مصدر مسؤول في لجنة مربي الدواجن بدمشق وريفها في تصريحه ل(النور)، أن ارتفاع أسعار الفروج يعود بالدرجة الأولى إلى زيادة الطلب على المادة من قبل المستهلكين وخاصة مع بداية رمضان، وتزامن ذلك مع قلة المعروض في السوق مما أدى إلى ارتفاع أسعار الفروج.

ولفت، إلى أن ارتفاع الأسعار يأتي نتيجة عدم طرح الفوج الأخير من الفروج في الأسواق تحضيراً للعيد، متوقعاً أن تنخفض أسعار الفروج مع حلول العيد بنحو 20%.

وأشار إلى أن معظم المربين لم ينتهوا إلى الآن من الخسائر التي تعرضوا لها خلال الشتاء نتيجة نقص التدفئة والمازوت وارتفاع أسعار الأعلاف التي إلى الآن لا تزال تشهد احتكاراً من بعض التجار.

وأشار إلى أن المربي أيضاً يتعرض لخسائر في إنتاج البيض، وفي حال لم يحدث التصدير للسوق العراقي خلال أيلول القادم فإن ذلك سيسبب خسائر فادحة إضافية للمربين.

وأشار إلى أن شركة المحروقات إلى الآن لم تزود المربين بمخصصاتهم من المازوت لفترة الشتاء الماضي.

إذاً، ربما هو اتفاق سري بين المربين بعدم طرح الفوج إلا مع اقتراب العيد، لتعويض بعض خسائرهم التي لا يزالون إلى الآن يعملون على تجاوزها، وليس الأمر رد فعل ناتجاً عن زيادة الطلب على المادة كما قيل أو يقال، فالطلب مستقر على المادة، ولكن العرض قلّ في السوق نتيجة إمساك المربين للمادة وعدم طرحهم إياها، ليطرحوها مع قدوم عيد الفطر.

بالطبع هذا الأمر في العرف الأخلاقي يعتبر أمراً مذموماً، وفي العرف التجاري غير منطقي، لأن التجارة تقوم على مبدأ الربح والخسارة، ولكن ليس على حساب حاجيات المستهلكين والتلاعب بالعرض والطلب، فهذا الأمر بات أقرب إلى الاحتكار نوعاً ما.

الغاية والوسيلة

لا شك أن قطاع الدواجن، منذ بدء الحرب الكونية على سورية تعرض لخسائر جمة، لا يمكن إحصاؤها، ولا ننسى أن هذا القطاع الحيوي يعتبر قطاعاً رديفاً للزراعة وللصناعة، ولا يزال إلى هذه اللحظة يواجه صعوبات كثيرة، ولكن رغم كل الخسائر التي تعرض لها فهل الغايات أصبحت تبرر الوسيلة بالنسبة للمربين وتجار البيض والفروج؟

هل يريد المربون أن يعوضوا خسائرهم عن طريق رفع الأسعار ومن جيب المستهلك المحلي؟.. وهل هذه هي طريقتهم بعدم طرح المادة في السوق؟ نحن نرى أنه من الضروري جداً أن تقوم الجهات الحكومية بالتوجه إلى دعم المربين، بدلاً من تركه يواجه خسائره بمفرده.

حالياً وسابقاً الذي ينظر إلى قطاع الدواجن في سورية سيجده يعاني: من عدم التنظيم، فهو يعتبر قطاعاً عشوائياً، كما أنه لم يشمّل تحت مظلة الدعم وضمن صندوق الدعم الزراعي بالرغم من أنه يعتبر قطاعاً حيوياً ورافداً حقيقياً للاقتصاد الوطني، وكثيراً ما واجه قرارات حكومية تمثلت بفرض ضميمة على المواد العلفية وعلى واردات حبوب الذرة الصفراء وكسبة الصويا، إضافة إلى الأدوية البيطرية التي أيضاً يفرض عليها رسم اللصاقة، وفوق ذلك كله صعوبات تأمين مادة المازوت للمربين. وتقدر دراسة أجراها المركز الوطني للسياسات الزراعية أن نحو 90% من مكونات علف الدواجن في سورية مستوردة من الخارج، وبالطبع فإن العقوبات الاقتصادية الجائرة والظالمة أثرت على تأمين المواد العلفية، إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار.

واعتدنا في كل عام أن نسمع الجدل بين الحكومة والمربين والمستهلكين حول قضية فتح باب التصدير للبيض والفروج أو إغلاقه، ذلك أن فتح باب التصدير يحقق مكاسب للمربين ويعوضهم عن خسائرهم، في حين نجد المستهلك يرفض ذلك لأنه سيدفع فارق السعر من جيبه دون أن نقف على حل وسط يرضي الطرفين ويحقق الفائدة لكليهما، وبالتالي كانت النتيجة تأرجحاً في الأسعار، ثم ارتفاعاً مستقراً ثم ارتفاعاً شاهقاً دون انخفاض، ومن ثم المرحلة الأخطر التي نخشاها هي فقدان السلعة من السوق.

ولا بد أن نذكّر الجهات الحكومية الزراعية، أن سورية كانت تحتل المرتبة 48 عالمياً من أصل 237 دولة عالمياً بإنتاجها نحو 182 ألف طن من لحم الدجاج، وفي المرتبة 39 عالمياً بإنتاج البيض من أصل 239 دولة. وبحسب تقرير منظمة التنمية الزراعية العربية في نهاية عام 2011فإن سورية تحتل المرتبة الرابعة عربياً في إنتاج البيض والفروج، وذلك بإنتاج يتراوح من 4 - 5 مليارات بيضة، متقدمة بمرتبة واحدة على المستوى العربي، وبالتالي فإن حصة السوري الواحد تتراوح بين 200 و250 بيضة سنوياً، بمعدل بيضة يومياً.

والسؤال هنا: أين نحن الآن من هذه الأرقام والإحصائيات الإيجابية على المستوى العالمي والعربي ومن أسعار هاتين المادتين اللتين مازالتا تحلقان في العنان؟، نعم، نحن في حرب ولا ننكر ذلك، ولكن لماذا لا نخفف عن المربي ونزيل بعض تشعّب التكاليف المفروضة عليه؟.. ولماذا لا ننظم المهنة وندعمها لتصبح أكثر وأفضل جودة؟.. الأزمة التي تواجهها سورية لها إيقاع سلبي على مختلف القطاعات، ولكن في الوقت نفسه فإن الظروف الراهنة تحتم علينا أن نعزف على وتر الاعتماد على الذات وتحمّل المسؤولية أكثر.

وسيم وليد إبراهيم

المصدر : صحيفة النور المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك