الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

هل من المفيد رفع سن التقاعد إلى 56 عاماً؟

الاقتصاد اليوم:

نطرح تساؤلاً حول أهمية وجدوى رفع سن التقاعد إلى 65 عاماً، ما يساعد على تعزيز وضع القوة العاملة في سورية، وقد بدأت ملامح التعافي الاقتصادي بالبروز بعد 7 سنوات حرب، من دون أن تتبنى أياً من الطروحات المرسلة، علماً بأن باب الحديث في الموضوع مفتوح.

«نحن كدولة جادون بإعادة رأس المال البشري الذي غادر بسبب الإرهاب، وهناك جهود كبيرة لاستعادته لأن الاستثمار الأهم والأغنى هو في الإنسان». هذا ما صرّح به رئيس مجلس الوزراء عماد خميس منذ أيام في حوار موسع، وتجاوباً مع هذا السياق يمكن الإضاءة على بعض النقاط خلال الأسطر التالية.

غادر سورية نتيجة للأزمة ما يقرب 7 ملايين مواطن سوري بحسب العديد من الإحصاءات، والذين تعددت أسباب هجرتهم بين مغادر بسبب الإرهاب الذي ضرب منطقته أو نتيجةً لفقدان عمله وضغط الأزمة.. وأسباب أخرى، وبعملية حسابية لمتوسط أعمار المهاجرين السوريين نجد أن متوسط أعمارهم اليوم بحدود 37 عاماً ممن هم في عداد القوى العاملة، فمثلاً موظف القطاع العام الذي كان عمره حوالي 34 عاماً قبيل الحرب بعد عدة سنوات خدمة أصبح عمره اليوم 41 عاماً بإضافة 7 سنوات «عمر الحرب»، أما اليد العاملة الماهرة فحكماً لن تصل لهذه الخبرة والمهارة دون عمر 37 عاماً الآن، أما المغادرون لأسباب أخرى فتتراوح أعمارهم يوم خروجهم من سورية بين 31 و42 عاماً وعلى أساس ذلك يمكن تخمين عمرهم اليوم، ومن ثم فإن متوسط أعمار اليد العاملة التي من المحتمل أن يعود جزء منها لا يقل عن 37 عاماً، وأي تأخير في عودتهم يتحمل عمرهم ضريبة جديدة، وبافتراض مضي سنتين على إعادة التأقلم والاندماج والعمل فإننا بأعمار تقارب 40 عاماً.

في هذا الصدد، إن مؤسسات البلد عامةً وخاصة تعاني شح الكوادر المدربة والمؤهلة وذات الكفاءة لعدة أسباب كانت الحرب لبنتها الأساسية، فالهجرة والموت والتقاعد أبرز تلك الأسباب، ولذلك وبالعودة لقانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لعام 1959 وتعديلاته بالقانون رقم 28 للعام 2014 والذي حدد شروط استحقاق الموظف للراتب التقاعدي وحدد سقف العمر التقاعدي بـ60 عاماً بعد 15 سنة خدمة فعلية على الأقل فإننا نجد أن تحقيق هذا الشرط لجزء مهم من الوافدين الجدد من الخارج أضحى مستحيلاً نظراً لأن هؤلاء لن يحققوا شرط سنوات الخدمة عند بلوغهم سن 60 عاماً، ومن ثم فلن يستحقوا الراتب التقاعدي بحسب قانون التأمينات الاجتماعية، ومع شح الكوادر العاملة حالياً في سورية وإحالة الموجود منها على التقاعد عند عمر 60 عاماً فمن الضروري العمل على رفع سن التقاعد إلى عمر 65 عاماً بدلاً من عمر 60، ويكون للعامل الحرية فيما إذا بلغت خدماته 30 سنة وبلغ عمره 60 عاماً في الاختيار بين الاستمرار لعمر 65 أو التقاعد على عمر 60 عاماً.

أما عن ضرورات وفوائد هذا الإجراء فتتمثل بمساهمة من يمكن استقطابهم وعودتهم إلى سورية من العمل وفي تأمين موارد مالية لمؤسسة التأمينات الاجتماعية والحصول على الراتب التقاعدي بنهاية خدمته، إضافةً إلى استمرار توريد الموظفين الحاليين لاقتطاعاتهم لمؤسسة التأمينات حيث إن عدم اشتراك هؤلاء الجدد المحالين على التقاعد بعمر 60 في التأمينات الاجتماعية سوف يسبب مأزقاً كبيراً في المستقبل القريب حيث ستتقلص وارداتها من الاقتطاعات الشهرية من رواتب العاملين بالتزامن مع إحالة أعداد كبيرة لسن التقاعد والعبء الذي يمثلونه على كاهل مؤسسة التأمينات ما قد يؤدي بها إلى عدم القدرة على سداد رواتب المتقاعدين القدامى وهذا يؤثر في نظام التقاعد.

ومن ناحية أخرى، سورية المقبلة على مرحلة إعادة الإعمار؛ بأمس الحاجة للخبرات والكفاءات بنسبة أكبر من حاجتها للموظفين الجدد عديمي الخبرة والتأهيل، بمعنى أن وجود الموظفين ذوي الخبرة والكفاءة أمر بغاية الأهمية نظراً لخبرتهم في العمل من جهة ولقدرتهم على تدريب الوافدين الجدد من ناحية أخرى، ومن ثم فإن بقاء سن التقاعد عند عمر 60 عاماً سوف يحرم مؤسسات القطاع العام والخاص منهم، وسوف يعرقل ذلك عملية هيكلة وإعادة بناء المؤسسات، فالبلد بحاجة إلى 388 مليار دولار لإعادة إعماره، ومشروعات بحجم كهذا قد تتطلب حوالي 3 ملايين عامل، فالأحرى العمل على الاحتفاظ بالخبرات الموجودة وتأمين بيئة مستقرة للمهاجرين كي يتم استقطابهم وعودتهم للمشاركة ببناء الوطن.

من خلال الاطلاع على قانون العمل رقم 17 لعام 2010 نجد أن الفقرة 2 من المادة 62 قد تضمنت ما يلي: «يُنهى عقد العمل في حال بلوغ العامل سن 60 من العمر، ويجب عدم الإخلال بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية فيما يتعلق بسن استحقاق المعاش التقاعدي، ويحق للعامل الاستمرار بالعمل لحين استكمال المدد الزمنية الموجبة لهذا المعاش أو لسن 65 حيث ينتهي العقد حكماً»، ومن ثم فإن القانون قد أجاز استمرار الموظف لعمر 65 عاماً في العمل، لذا فمن المهم اتخاذ الإجراءات السريعة بأقرب وقت ممكن من اتحاد العمال ومن مجلس الشعب لإقرار تعديل على السن التقاعدي ورفعه من 60 إلى 65 عاماً لكي نحافظ على الخبرات الموجودة وعدم إحالتها على التقاعد ما يضمن سرعة وكفاءة إنجاز الأعمال وتدريب العمالة الوافدة، إضافةً إلى استمرار توريدها للاقتطاعات إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية وعدم تحولها إلى عبء في الأجل القريب، وكذلك سوف يستفيد جميع الوافدين من الراتب التقاعدي، ويجب العمل على ذلك فوراً وخاصة مع اقتراب نهاية العام ووجود أعداد كبيرة من الموظفين على مشارف التقاعد.

الوطن

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك