همسات مواطن..دقائق السعادة الذهبية وهموم طوابير الانتظار
الاقتصاد اليوم:
على ضوء الشموع تجلس المواطنة عبير "25 عاما" منهمكة والآلة الحاسبة بيدها.. ولو شاهدها أحد على هذا الحال لاعتقد أنها سيدة أعمال، تقلب الأوراق بيديها وتعد الساعات على أصابعها هامسة: غدا دورنا بالماء. بعد 7 ساعات دورنا بالكهرباء. بعد اسبوع دورنا بأسطوانة الغاز. بعد شهر دورنا بالمازوت....وتطول الهمسات التي ستتحول لطوابير انتظار على أرض الواقع.
لم تجد عبير ما تملئ به وقتها في ظل انقطاع التيار الكهربائي والبطء الشديد في سرعة الانترنت سوى القيام ببعض الحسابات لعلها تمنحها بصيص أمل، كحال الكثيرين من السوريين الذين أصبحوا يمضون ساعات وساعات يتأملون الجدران في انتظار دقائق السعادة الذهبية عند موعد "تشريف الكهرباء".
يظن البعض أن رب ضارة نافعة، أي أن وقت الفراغ الكبير الذي تعاني منه الأسرة السورية في ظل غياب الكهرباء هو مؤشر إيجابي يفيد في تقارب الأفراد من بعضهم ويحسن من الحياة الاجتماعية للعائلة بعد أن كانت العائلة تقضي وقتها في أمور مغايرة تماما قبل الأزمة، لكن في حال اجراء مقارنة بسيطة للحياة الاجتماعية قبل وبعد الأزمة، نرى أن الوضع السيء للكهرباء بات يسبب مضاعفات نفسية أيضا للمواطن فمجرد فكرة الجلوس لأكثر من 7 ساعات دون كهرباء مقابل ساعة توليد فقط، يجعل الحياة كارثية وذات لون أسود، بالإضافة الى كافة الظروف المحيطة من انقطاع المياه و بطء الانترنت و الغلاء المعيشي الفاحش.. كل هذه الظروف تضيق الخناق أكثر على المواطن.
يقول أبو محمد (60 عاماً) عند سؤاله عن كيفية امضائه لوقت الفراغ: "لا أعرف القراءة ولا الكتابة، لكن فيما مضى كنت أملئ وقتي بمشاهدة التلفاز مع أفراد أسرتي، الآن انا مضطر للنوم بحلول المساء لأنني غالبا لا أجد شيئا أفعله".
لمى (23 عاما) التي انفجرت ضاحكة عندما قرأت خبر إطلاق وزارة الكهرباء لخدمة الخط الساخن لتلقي شكاوى المواطنين "من دون مشغولية للخط وبكل الأوقات"، تقول: "لا أتذكر بالفعل كيف كنت أقضي معظم وقتي، لكني متأكدة أنني لم أجلس يوما من قبل أتأمل ضوء الليد لساعتين ونصف منتظرة الكهرباء، وبالتأكيد لن أكلف نفسي عناء رفع السماعة والاتصال بالطوارئ على الخط الذي لم ولن يكن ساخن في يوم من الأيام".
فاطمة عمراني
تعليقات الزوار
|
|