الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

واقع الحمضيات ينتهي بمأساة القلع..أكثر من 25 ألف شجرة تم قلعها!

الاقتصاد اليوم:

تؤلمك مناظر تلك المزارع على طول شريط الساحل السوري الذي فقدت بريق أزهار ربيعها بتدلي أغصانها بثمار البرتقال الذي لم يقطف بعد معلناً أنين مزارعيه بطول انتظار الوعود الحكومية بالحلول فالوضع بات حرجاً وبحاجة لعناية مشددة تنقذ ما تبقى من شجيرات الليمون والبرتقال كي لا تصبح ذكرى في رائعة محمد عبد الوهاب يلي زرعتوا البرتقال .

تكاليف مرتفعة و أسعار متدنية

باتت معاناة مزارعي الحمضيات واضحة خلال السنتين الأخيرتين والتي تجلت بإتلاف محاصيلهم أو تركها على الأشجار ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها تدني أسعار المحصول أمام تكلفة الإنتاج وتحكم التجار بالسعر لعدم وجود سوق تصريف للمنتج وخصوصاً ضعف الكثير من الأسواق الداخلية بالتصريف وذل يعود لعوامل ارتفاع أسعار النقل بسبب ارتفاع أسعار المحروقات في السنوات الأخيرة وكذلك انتشار مظاهر التشليح و دفع الآتوات على الشاحنات الناقلة وغيره من قبل الزعران الذين انتشرت تجارتهم بسبب الحرب ولا ننسى أيضا خروج أسواق المنطقة الشرقية عن الخدمة بسبب الإرهاب وعدم تأمين الحكومة وسائل نقل المحاصيل وغيرها والتقصير بفتح أسواق خارجية للتصريف بالإضافة إلى إهمال ملف الحمضيات وعدم التفكير بحلول حكومية تخدم المزارع فعلى سبيل المثال هناك مشروع موضوع من تسعينات القرن المنصرم بفتح معمل عصائر بمدينة جبلة يستقبل إنتاج الفلاحين من الحمضيات ولكن ما حدث هو التكتم عن المشروع وإهماله لسبب لعله يكون الأبرز وهو وجود معمل عصائر خاص عائد لأحد كبار التجار في اللاذقية متحكم منذ سنوات بسوق الحمضيات والذي يشتريها بأبخس الأسعار والذي لم يلقى من ينافسه بسبب الغياب الكامل للعلاج الوزاري والحكومي .

القلع حل المزارع ودمار للمستقبل الزراعي

لم يقف الأمر عند إتلاف المحصول أو ترك البساتين بدون خدمة فقد اتجه الكثير من الفلاحين لقلع أشجار الحمضيات وتحويل بساتينهم للزراعات الحولية السريعة التي تؤمن مصدر دخل لهم ولأسرهم بظل الوضع المعيشي السيء الذي يعشه السوريين اليوم , غير آبهين بقانون المخالفة والتغريم فهم بحاجة لحلول تؤمن لهم أبسط حقهم بالعيش بعد أن فقدوا الأمل بالحلول والوعود الحكومية البراقة وخصوصاً بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج من سماد ومحروقات وأدوية كيماوية وغيرها والتي تكبدهم خسائر فادحة جداً وبالنهاية إتلاف محصولهم .

في متابعة حول موضوع الأشجار المقلوعة فقد حصلنا على إحصائية مديرية الزراعة في اللاذقية والتي تبين ارتفاع معدل القلع ونبينها بالتالي :

عدد الأشجار المقلوعة خلال عام 2016 هو 5086 شجرة
عدد الأشجار المقلوعة بالربع الأول من 2017 هو 20338
المجموع 25424 بتقسيم العدد على عدد الأشجار في الدونم 35 = 726 دونم
وبمقارنة بين 2016 والربع الأول من 2017 نلاحظ القلع في ازدياد

رويم : ربح السماسرة أدى إلى حرمان الفلاح من ثمرة تعبه

الباحث الاقتصادي الأستاذ محمد رويم عن واقع الزراعة السورية الحالي باعتبارها من دعائم الاقتصاد المهمة خلال سنوات ما قبل الحرب الحالية لما حققته من اكتفاء ذاتي وتنمية مستدامة في عام 2006 والتراجع الذي شهدته والذي أدى لموتها السريري خلال الست سنوات بغياب غير مبرر لوزارة الزراعة واتحاد الفلاحين وغيره بحمايتها وخطط تنموية لمعالجة واقعها وخصوصاً ملف الحمضيات صرح لنا قائلاً :

يعتبر قطاع الزراعة من أهم القطاعات الاقتصادية في سوريا حيث يشكل ما يزيد على ثلث الناتج المحلي الإجمالي وهو إرث اقتصادي كبير ناجم عن خمسين عاما من الإصلاح في هذا القطاع حيث تحولت سوريا من مستورد للغذاء إلى مصدر عالمي لشتى أصناف المواد الزراعية ولتحتل مراتب متقدمة على مستوى العالم في مجال الإنتاج الزراعي

المشكلة تكمن في عدم قدرة القطاع الصناعي على الاستفادة من هذه الموارد الزراعية بتحويلها إلى مواد مصنعة ذات قيمة مضافة عالية ، كما أن ارتفاع تكاليف النقل وتضخم هامش ربح السماسرة أدى إلى حرمان الفلاح من ثمرة تعبه وفي نفس الوقت حرمان المواطن من استهلاك هذه المنتجات بسعر معقول، هناك مشاكل تتعلق بنوعية الإنتاج لابد من ذكرها إذ إن معظم الحمضيات السورية هي من سلالات المائدة وليست صالحة للاستغلال الصناعي كعصائر وخلافه، كان يجب تحسين هذه السلالات بالتطوير أو الاستبدال مع حماية اقتصادية تتمثل في الحد من الصناعات الغذائية الكيميائية وتشجيع الصناعات الغذائية الطبيعية كما أن تسهيل عمليات النقل إلى المدن والتجمعات السكانية الكبرى وبرعاية حكومية يمكن أن يحد من الآثار السلبية على المزارع ويؤمن الغذاء الصحي للمواطنين
تعكف الدول الأوروبية على تقديم كافة أشكال للدعم والحماية لقطاعاتها الزراعية من خلال مفاوضات منظمة التجارة العالمية إيمانا منها بأهمية القطاع الزراعي.

كما أن الصناعات الغذائية الأوروبية تصدر إلى كافة أنحاء العالم وتشكل مصدر ثراء لهذه الدول رغم إنها دول متقدمة ولديها صناعات ثقيلة وتكنولوجيا

و عن دور الحكومة ووزارة الزراعة في تحسين واقع مزارعي الحمضيات وماهي الخطوات التي يجب العمل عليها كان تساؤلنا حيث أجاب الأستاذ رويم قائلاً أهم دعم هو المساعدة في تسويق المنتج خارجياً وداخلياً فعلى سبيل المثال مدينة روسية واحدة يمكن أن تستوعب كامل إنتاج سوريا من البرتقال ولكن الأمر يحتاج إلى من يعمل

رأي ومقترح بمنظور إعلامي :

وفق متابعتنا الصحفية لواقع الزراعة في سوريا قبل وخلال الأزمة وقراءتنا للتجارب العالمية في تطوير الزراعة باعتبارها قاطرة نمو وأهم دعائم الاقتصاد , نتساءل : لماذا لا يتم الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة ايران مثلاً في فتح معامل للعصائر الطبيعية وإرشاد المواطن لشرائها من خلال الحملات الإعلامية وغيرها ومنع استيراد مساحين العصير الصناعية المؤذية للصحة و التي تستهلك من قبل الأطفال بكثرة وهذا الأمر يقع بالدرجة الأولى على عاتق وزارة الصحة , وإن كان السبب المبرر دائماً بأن البرتقال السوري غير اقتصادي لايحتوي على الكثافة مقارنة ببرتقال دول أمريكا الجنوبية يمكن لوزارة الزراعة أن تعمل على وضع خطة لتحسن الأنواع بالتطعيم وغيره وإرشاد المزارع , كما يقع على اتحاد المصدرين مسؤولية كبيرة بدل التصريحات التي كثرت بأن التصدير ساري المفعول والواقع مختلف فمسؤولية الاتحاد العمل بجد على فتح أسواق داخلية وخارجية لتسويق المنتج بدل الكلام بالهواء الطلق والذي لاجدوى منه .ص

صحيفة النور المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك