الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

وزير يحارب طواحين الهواء

الاقتصاد اليوم:

يخالف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك القانون، ويتجاوز الدستور، ويتعدى على صلاحيات غيره، بنية طيبة ربما، لضبط الأسعار، والتخفيف من آلام المستهلك. لكنه بسلوكه الطريق غير الصحيح، يتيح المجال لأعداء المستهلك، أن يقتنصوا الفرص، لتشتيت جهود تسوية أوضاع الأسواق، وكبح جماح الأسعار.

الوزير عبدالله الغربي، الناجي من التغيير الحكومي الأخير، يصرح بأنه “سيقطع اليد التي تمتد إلى قوت الشعب”. كلام ليس جميلاً، ولا يعبر عن فكر اقتصادي ناضج، ولا رؤية سديدة تجاه حل المشكلات. هذا كلام تعبوي، جاف، لاقيمة له على أرض الواقع. وإنه لقول يخالف مبادىء قانونية ودستورية. وبلاشك، سيطالب من هددهم بقطع اليد، بقطع الكلام.

كيف سيقطع الغربي تلك الأيادي؟ بالسيف، بالمطرقة، بالقانون؟ كل هذه الأساليب غير متاحة، ولا توجد نصوص قانونية في سورية تبيح قطع الأيادي.

والتعبير المجازي لا يصلح هنا، لأن قانون التجارة الداخلية وحماية المستهلك رقم /14/ لعام 2015 لم ترد فيه عبارات: قطع اليد، أو تعليق أعواد المشانق. وأقصى ما ذهب إليه القانون، هو إحالة المخالفين موجوداً إلى القضاء العسكري. فهل يريد الغربي أن يطبق قانوناً خاصاً لم يصدر؟ أم أن القضية كالعادة لا يوجد (جمرك) على التصريحات؟ الخيار الثاني هو الأرجح، ولابد من التخلي عن هكذا شطحات، بالغة الضرر.

سمعت شخصياً، وعلى مدار عقدين من الزمن، تصريحات متطابقة، لكل المسؤولين الحكوميين والنقابيين، مفاده : إن اليد التي ستمتد للقطاع العام سنقطعها!! وبالنتيجة القطاع العام فاشل، محاصر، خاسر، مدمر. وامتدت إليه آلاف الأيدي العابثة، والفاسدة، ولم يُقلِّع قطار المحاسبة، ولم تتحرك ( مدحلة) قطع الأيادي. وللأسف، صارت الأيادي التي امتدت إليه هي الطولى، وتملك في بعض الأحايين صنع القرار. ومن هدد بقطعها، ينعم برغد تصريحاته، وتساهله في المحاسبة.

اندفاعات الغربي تؤدي به إلى (تكويعات) غير محببة. تشدده المبني على غايات نبيلة، يبدده طرق تطبيق غير فاعلة. انجرافه السريع خلف اليومي، يقابله هدر كبير للوقت المخصص للاستراتيجيات، وضياع المتابعة.

يعمل الغربي مراقباً تموينياً، وموزعاً للخبز، ومتابعاً لتوزيع المحروقات بالمحطات، وراصداً لأسعار السلع في الأسواق، وملاحقاً للغشاشين، ونصب الكمائن لهم. وفوق ذلك، يتلقى ألف رسالة (واتس آب) يومياً، لقضايا الغلاء والمخالفات اليومية. وغيرها من أعمال، تعطل في النهاية صفته الأولى كوزير يرسم خططاً، ويضع رؤى، ويستبق الأزمات باستراتيجيات فاعلة.

وزير التجارة الداخلية أمام عقبة كبرى، إذ يدخله التجار المستحوذين على الأسواق، في دوامة المشكلات الكبرى، نقص في مادة هنا، زيادة أسعار في عدد من السلع هناك. ويلهث الوزير، بطيبة قلب، خلف إطفاء حرائق يشعلها تجار، دون أن يسمحوا له بالتقاط أنفاسه، ليخطط ماذا سيفعل غداً؟
كسب تجار سوق الهال معركة البطاطا، وباتت العملية في خواتيمها، وخسر الناس أكل البطاطا، ودفعوا أسعاراً مرتفعة ثمناً لها، قبل أن تحل المشكلة. فيما الوزير يهدد، ويرعد، ويزبد.

الأن بدأ التجار بزيت الزيتون، ونسمع كلاماً غير مقنع حول الإنتاج، وإمكانية ايصاله للمستهلك، ومدى كفايته، وارتفاع أسعاره. ليظهر وزير التجارة الداخلية مهدداً، بأنه سيستورد زيت الزيتون. هكذا يقود التجار الحكومة إلى المطارح التي تجعل الناس يكرهونها. تصوروا بلداً يملك 125 مليون شجرة زيتون، 80% منها مثمر، وكان يبحث عن أسواق لتصريف زيت الزيتون، يفكر وزراؤه الأن بالاستيراد، ياللهول.

يوحي الغربي بأنه وزير للتموين، وليس وزيراً للتجارة الداخلية وحماية المستهلك. يعالج المشكلة بقطع ذنب الأفعى، ولايفكر بحلول اقتصادية، إنه يحارب طواحين الهواء.

ثامر قرقوط

المصدر: هاشتاغ سيريا

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك