الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

يحدث في العلن..مناقصة دواء أم استغلال صريح للمال العام؟!

الاقتصاد اليوم:

دفعت وقائع المناقصة التي جرت في مدرج فرع دمشق للتجارة الخارجية بتاريخ 29/7/2015 والمتعلقة باستيراد أدوية سرطانية وهرمونية خاصة بالمنتجات الآسيوية إلى التدقيق وإعلاء الصوت حول المداولات والخلفيات التي أوصلت إلى اعتماد أسعار مضاعفة عن أسعار نفس الشركات المعتمدة وذلك بأسلوب أقل ما يوصف بأنه احتيال واستغباء لمؤسساتنا الاقتصادية التي تتعامل مع منتج الدواء كأي منتج آخر كالأحذية والسيراميك والأقمشة.

التجارة الخارجية : بعض الشركات  قامت بتسمية أكثر من  مفوض لها خلال المراسلة الخاصة بالأدوية وهذا  مخالف لدفتر الشروط  الذي ينص على أن يكون هناك مفوض واحد

أسعار تزيد ثلاثة أضعاف

لاندري ماهو مبرر قبول التآمر العلني على سوقنا الدوائية وتمهيد الطريق لشركات كانت تستورد الأدوية سابقاً لتقوم بمضاعفة الأسعار 300٪ عن السعر الحقيقي لبعض الأصناف وكيف نسمح بقبول هذا التفاوت الكبير بالأسعار وإخراج من قدّم السعر الفعلي للدواء خارج المنافسة وقبول من رفع الأسعار 300٪ وقبول الوكالة من الشركات التي قامت بذلك في  الساعة الثانية ظهراً، وأثناء انعقاد  المناقصة في  الساعة الرابعة من نفس اليوم تعطى مناقصة لشركة أخرى، وهناك شركات أبرزت وكالات لعدة أطراف مما خلق إرباكاً كبيراً أدى إلى استمرار المناقصة حتى الواحدة ليلاً؟؟ ولم تنته رغم كسر الأسعار ثلاث مرات، وهناك شركات كسرت أسعارها حتى 80٪ ومع ذلك فض العروض تم تأجيله إلى يوم الأحد 2/8 ورغم هذه المهزلة الصريحة والمخجلة فللأسف يصبح من قام بكسر الأسعار عارضاً وحيداً متحكماً بالمنافسة بسبب قرار "وزارة الصحة السورية" و"مؤسسة التجارة الخارجية" الذي ينص على قبول أحدث تاريخ للوكالات واعتماده وبهذا تفوز شركات وهمية ليس لها مكاتب في السوق لحصولها على توكيل في يوم المناقصة من مصانع إنتاج الدواء، وبهذا التوكيل وقرار اللجان الذي ينص على قبول الأحدث أصبحت الشركات اللاعب الرئيسي في سوق الدواء وتقرر السعر الذي تريده وتجبر المؤسسات الحكومية على قبول السعر المرتفع.

الصحة تساعد التجاوز

قرار التجارة الخارجية بطلب أخذ الوكالات المتأخرة شكل مخالفة لافتة وتشير إلى اتفاق حتمي مسبق بين المصانع المنتجة و"وزارة الصحة والتجارة الخارجية"  لإلغاء الوكالات السابقة والتحكم بالأسعار مع الإشارة إلى أن أسعار الأدوية الآسيوية المقدمة تفوق الأسعار الأوروبية والأمريكية بضعفين وثلاثة.

وتزيد حتى 100٪ إلى 300 ٪ حتى أسعار نفس المنتج وتطرح أمثلة دواء سبسلاتين سعره القديم 10 يورو للإبرة ثم طرحه من نفس المصدر، ولكن لشركات وهمية 60 يورو للإبرة فلوراور ايسيل سعره 2 يورو السعر الجديد لنفس النوع ومن نفس المصدر 5 يورو، باكليتا كسيل 120 يورو وللإبرة السعر الجديد 215 يورو، انكسوبرين 2.2 يورو الأساسي والجديد 3.95 يورو.

رد روتيني وقاصر

مديرية الدواء في "مؤسسة التجارة الخارجية" أجابتنا حول وجود أكثر من ممثل  وقبول التفويض الأخير  أن بعض الشركات  قامت بتسمية كل  مفوض لها خلال المراسلة الخاصة بالأدوية وهذا  مخالف لدفتر الشروط  الذي ينص على أن يكون هناك مفوض واحد، لذا قامت المؤسسة بمخاطبة تلك الشركات لتحديد ممثلها الوحيد بشكل واضح للمشاركة في هذه المناقصة وقد  ارتأت هذه الشركات بذلك قبل البدء في فض العروض المالية.

وحققت المؤسسة وفراً مالياً إجمالياً بلغ حوالى 4 ملايين يورو عن الأسعار الواردة في العروض المالية المقدمة إلى المؤسسة.

يتم تجميع الاحتياجات الدوائية وكمياتها من قبل "وزارة الصحة" بناء على الجداول الواردة إليها من قبل الجهات الصحية المطالبة بهذه الأدوية وتخضع الأدوية الاستيرادية لشرط أن تكون حاصلة على ثلثي مدة فعاليتها عن الاستلام بشكل  عام،  وفي حال وجود بعض الاحتياجات  الملحة لأدوية معينة، فإنه يتم  سؤال الجهات الطالبة لتحديد فترة الصلاحية لهذه الاحتياجات المنتجة، كما تقوم المؤسسة بمخاطبة الجهات الصحية لاستجرار حاجتها  من هذه الأدوية المطلوبة، وفي حال انتهاء صلاحية أي مستحضر بسبب عدم استجرار الجهة الطالبة أو بسبب  الظروف الراهنة، فإن  هذه الجهة  الموردة تتعهد بالتعويض المادي أو العيني عن الكميات  التي تم إتلافها.

رد الصحة المدهش

وللأسف كانت إجابات" وزارة الصحة" مختصرة بعد انتظار شهرين حول تسعير الدواء المستورد، حيث أجابت مديرة الدراسات الدوائية الدكتورة خزامة العلي: إن تسعير الدواء المستورد يتم وفق أسس معتمدة من خلال لجنتين إحداهما تتبع للمؤسسة العامة للتجارة الخارجية، والثانية تتسع "لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك"، ويشارك في كل لجنة عدد من القطاعات بمن في ذلك ممثل عن نقابة الصيادلة، واللجنة الفنية ليس لها علاقة بتسعير الدواء المستورد.

وضوح في التجاوزات ومخالفة القانون

من الواضح إرساء نهج المخالفات الصريحة حتى لبنود المناقصة والأساليب والشروط البديهية التي يتم اعتمادها، فما جرى في المناقصة 914 التي تم تقديم أوراقها وإعلانها بتاريخ 12/7/2015 تقدمت لها 17 شركة وآخر قبول للعروض كان بتاريخ 22/7 وتنص شروط المناقصة على تصريح العارض بقبول الشروط وأنه غير محروم من الدخول بالمناقصات، ومسجل بالغرف التجارية  والصناعية في بلد المورد، ومن الأوراق صورة عن صك الوكالة، وتم تحديد شرط عدم جواز قبول أكثر من وكيل لنفس الشروط ولأكثر من شركة، فكيف تقبل التجارة الخارجية من شركة واحدة خمس وكالات لنفس المعمل والمنتج.

والمؤسف تكرار ماحصل في مناقصات لاحقة  استمرار الاستهتار بهذا الجانب المحوري وصولاً إلى شراء أنواع أدوية بأضعاف مضاعفة بمناقصات جديدة، ولعل رد الصحة حول التسعير وضعف الاهتمام  الواضح في هذا الجانب يؤكد نقاط الخلل التي تقف وراء استقراء الشركات الأجنبية على سوقنا  الدوائية المحلية والخسارة الكبيرة بإتلاف أدوية منتهية الصلاحية ويحتاج  سوق الدواء المستورد إلى تحديد الاحتياجات وفق أرقام مدروسة ووضع سقف للأسعار ودراسة أسعار المنتجة عالمياً وشرائها وفق الأسس والمعايير التي تتعامل معها معظم البلدان مع هذا المنتج الحساس والخطر وإيقاف عجلة الاستغلال التي تدور سريعاً محملة مؤسسات الدولة خسارات كبيرة..

القضية ليست بسيطة ولا عابرة بل هي استثنائية وتستحق التدقيق والتمحيص والبحث.. لماذا وصلت مناقصاتنا الدوائية إلى هذا الشكل المعلن في الاستغلال؟ ولماذا تتم سرقة "وزارة الصحة" علناً وجهاراً بأسعار تزيد ثلاثة أضعاف عن السعر الفعلي الذي هو رابح أساساً؟ ولماذا تقبل التجارة الخارجية وكالات بعد بدء المناقصة، ولا يتم ختم ذلك عند انتهاء العروض، والشروط تنص على ذلك، المخالفات بينة فهل من يسمع ويسأل ويدقق ويهتم.

المصدر: صحيفة "البعث"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك